على وقع الارتدادات الخطيرة التي خلّفتها عملية إسقاط مقاتلة "سو24" الروسية من قبَل المقاتلات التركية، وفي ظل التهديد التركي بشنّ عملية عسكرية في سورية، بالتعاون مع السعودية و"دولة أخرى"، كما عدم استبعاد تكرار إسقاط طائرة روسية أخرى، وفق الرسالة الاستفزازية التي بعثها أحمد داوود أوغلو من باريس إلى موسكو، سُرِّب عن دبلوماسي روسي في عمّان أن تقريراً روسياً وصل مضمونه إلى أنقرة يكشف عن قرار "هام جداً" اتخذه الرئيس بوتين، دون تحديد ماهيته، لافتاً إلى أنه أعطى تعليمات صارمة لكبار المسؤولين والقادة العسكريين بتجهيز ردّ يتناسب وحجم التحدي التركي، في وقت أشار الخبير العسكري الروسي كونستانتين سيفكوف إلى أنه وفقاً لرصد أجهزة الاستخبارات الروسية، فإن أنقرة تجهّز لعمليات كوماندوس فجائية في حلب، تتخللها هجمات مسلّحة عنيفة على خطوط الوحدات العسكرية السورية وحلفائها، مقابل تواتر معلومات صحافية روسية نقلت عن مسؤولين في وزارة الدفاع الروسية تلقّيهم أوامر مشددة بقصف أهداف وبنى تحتية حيوية داخل تركيا إذا ما ترجمت تهديدها بتنفيذ عملية عسكرية برية في سورية، في حين اكتفى الناطق باسم أسطول الشمال الروسي بالقول إن "العمليات العسكرية البرية والجوية القادمة في سورية ستكون صادمة"، حسب إشارة المعلومات، ووفق معطيات سيفكوف فإن كل خطوط الإمداد للميليشيات المسلحة في سورية، المدعومة من تركيا، باتت تحت السيطرة النارية الروسية المركزة، معتبراً أن عملية الكوماندوس التي أفضت إلى تحرير الطيار الروسي الثاني فاجأت الاستخبارات التركية التي كانت أكدت لرجب طيب أردوغان أن هذا الطيار سيكون بمنزلة ورقة تفاوضية ثمينة بيد أنقرة. وإذ لفت إلى أن العملية النوعية نفّذتها فرقة خاصة في الجيش السوري بنجاح، ودون خسائر بشرية، ألمح بيسكوف إلى انها ستكون في المرحلة القادمة نموذجاً لعمليات مشابهة، خصوصاً في جبهات حلب وريف اللاذقية الشمالي، من دون تأكيد أو نفي المعلومات التي تحدثت عن إمكانية أن تخرق قوات برية روسية المشهد الميداني القادم في سورية، فيما ذهبت وكالة "سبوتنيك" عبر تقرير لها إلى توصيف الأشهر الأولى من العام القادم بالـ"مؤثرة والحاسمة"، ربطاً بقرار هام جداً أصدره الرئيس بوتين بعد أيام من إسقاط المقاتلة الروسية، سيما أن شرائح كبيرة من المجتمع الروسي باتت تضغط بشدة باتجاه حتمية الانتقام والرد القاسي على التحدي التركي، حدت بزعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي الروسي المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي إلى مطالبة بوتين بمحو اسطنبول عن الخارطة!
وبالتزامن، اعتبر موقع "إنترناشونال بيزنس تايمز" الأميركي، الذي كشف سابقاً عن تورّط "الموساد الإسرائيلي" في الهجوم المسلّح الذي استهدف صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية في كانون الثاني الماضي، أن نشر منظومة "أس 400" للدفاع الجوي في سورية يكاد يكون الرد الأقسى والأخطر على التحدي التركي لموسكو بإسقاط مقاتلتها، حيث لن يقتصر تهديدها للطيران الحربي التركي وحسب، بل سيطال جميع أنواع الطائرات العسكرية في الأجواء السورية، متوقفاً عند "صدمة" واشنطن من قرار موسكو إرسال تلك المنظومة الصاروخية "المرعبة" إلى سورية، ناقلاً عن مسؤولين رسميين وخبراء عسكريين أميركيين إشارتهم إلى أن بوتين قرر "تغليف" الأجواء السورية وإدراجها تحت سيطرة" نفوذه الجوي" حصراً، وبات على أنقرة أن تحسب منذ الآن وصاعداً ألف حساب قبل التقرُّب من تلك الأجواء، خشية أن تقع مقاتلاتها "فريسة" في فم "البعبع" الصاروخي الجديد الذي أدخلته موسكو لاعباً حاسماً في سورية.
وفي السياق، اعتبر محللون وخبراء عسكريون أميركيون أن القرار الروسي بنشر منظومة "أس 400" الاستراتيجية في سورية، والذي أعقبه تذخير طائرات "سو 34" بصواريخ جو - جو وإدخالها للمرة الأولى شريكاً في العمليات العسكرية، سبقه أيضاً نشر منظومات صواريخ دفاعية "حديثة جداً" في قاعدة حميميم، متوَّجة بـ"أس 300 في 4"؛ النسخة المطوّرة لمنظومة "أس 300 بي أم"، وذهب أحد هؤلاء الخبراء للإشارة إلى أن كل تلك المنظومات الصاروخية الاستراتيجية التي دفعت بها موسكو إلى الحلبة السورية، تُدلل على قرار روسي حاسم سيؤثر بشكل كبير على المشهد الميداني السوري، خصوصاً في حلب، وعلى امتداد باقي الجبهات الشمالية والشرقيه لسورية.
وربطاً بالأمر، لفتت مصادر صحافية روسية إلى أن تركيا تلقفت معلومات عن مفاجآت عسكرية باتت "قاب قوسين أو أدنى" بانتظارها على امتداد الجبهات السورية الحدودية معها، ما دفعها إلى التهديد بتنفيذ عملية عسكرية في سورية، بمشاركة السعودية و"دولة أخرى"، مشيرة إلى أن الحافز المباشر الذي دفع أنقرة إلى اسقاط المقاتلة الروسية، هو استهداف القوات السورية وحلفاؤها (التي كانت تشن بزخم حينها حملة عسكرية في ريف اللاذقية الشمالي) لغرفة عمليات لميلشيات مسلحة يُديرها 3 ضباط من الاستخبارات التركية، قضوا جميعاً مع عدد من القادة الميدانيين التركمان ومعاونيهم، إضافة إلى تركيز المقاتلات الروسية على استهداف قوافل النفط المُهرَّب من سورية إلى تركيا، ما أثار حنق حنق أردوغان، نظراً إلى الإفادة المالية الكبيرة التي يجنيها نجله من أرباح هذا النفط المنهوب.
وعلى وقع تزويد الجبهات الشمالية السورية بصواريخ "اسكندر الشرير"، وسط تكتم روسي، تحضُّراً لإطلاق إشارة الصفر للبدء بعمليات عسكرية وُصفت بـ"واسعة النطاق" على طول الحدود السورية المتاخمة لتركيا، سربت مصادر عسكرية روسية لوكالة "سبوتنيك" بعض عناوين العمليات البرية القادمة التي سيتخللها عمليات إنزال روسية نوعية، ومقاتلات لسلاح الجو السوري، ستظهر لأول مرة في الأجواء السورية، على أن يتم إقفال أكثر من جبهة ساخنة في المنطقة قبل انطواء صفحة العام، وفق إشارة الوكالة.