لن تتزيّن مدينة السلام بيت لحم هذا العام بزينة الميلاد كما اعتادت كل عام، ولن تعزف التراتيل الموسيقية فرحاً وابتهاجاً بميلاد المسيح، ولا حتى معزوفات وتراتيل السلام الغائب أصلاً عن الأراضي المقدسة نظراً للظروف التي يمر بها الفلسطينيون في ظل استمرار الهبة الشعبية وتصاعد عمليات القتل والاعتداءات في مختلف المدن الفلسطينية.
وستقتصر احتفالات الميلاد هذا العام في الأراضي المقدسة على محددات تراعي الظروف التي تمر بها البلاد، وتختصر بعض المظاهر على إضاءة شارعين رئيسيين في المدينة بالحد الأدنى، وإضاءة شجرة الميلاد، بطابع رسمي ديني بمشاركة ذوي الشهداء والأسرى والجرحى، وتقام الاسواق الخيرية وترفع الاعلام الفلسطينية تجسيداً للمضمون الوطني لهذه الاحتفالات ولرسالة الميلاد، في وقت ألغي إطلاق الألعاب النارية في سماء بيت لحم وعشاء الميلاد وعدد من الفعاليات الأخرى.
فرصة لتذكير العالم
وفي هذا السياق، اعتبرت رئيسة بلدية بيت لحم، فيرا بابون، أن عيد الميلاد هذا العام يأتي ليذكر العالم بالسلام الذي غاب عن الأراضي الفلسطينية المقدسة والعالم قاطبة، في الوقت الذي من المفترض أن يكون فيه عيد الميلاد في شتى بقاع الأرض عيد أمل ومحبة وسلام.
وفي حديث إلى "النشرة"، قالت بابون إنّ عيد الميلاد يأتي علينا هذا العام كفرصة لنذكر العالم بالفشل والتخاذل الذي يعيش فيه، مشيرة إلى أنّه يتوجب على العالم أن يحرر السلام ليفهم ما معنى أن تكون فلسطين محتلة ومحاصرة.
وأضافت: "إذا كانت مدينة السلام محاصرة، فالسلام محاصر ولا بد للعالم أن يحرره أولاً ليتمكن فعلاً من داخله أن يفهم معنى السلام وأن تكون فلسطين بلا سلام".
أجراس الكنائس ستقرع
وهذا العام، لن تتزين كل شوارع بيت لحم بزينة الميلاد، باستثناء شارعين فقط وهما الشارع التاريخي وشارع المهدة، في الوقت الذي يخيم الحزن على مختلف المدن الفلسطينية التي قدمت أبناءها الذين قتلوا في الهبة الشعبية الحالية، وخصوصاً مدينة السلام بيت لحم، إذ كشفت رئيسة البلدية أن البلدية قررت إلقاء عشاء إضاءة شجرة الميلاد، ولن تطلق الألعاب النارية ابتهاجاً بالعيد، وستكتفي بقرع أجراس الكنائس في كافة كنائس بيت لحم احتراماً لتضحيات ومعاناة الشعب الفلسطيني ودماء وأرواح أبنائه التي سالت خلال الهبة الشعبية، "لنذكر العالم بأننا موجودون وشعب يريد الحياة والسلام برغم القتل والاحتلال".
كما أكدت رئيسة البلدية إلقاء ترتيل ديني لمرتل عالمي اختاره البابا الترتيل للعائلة المقدسة وهو "بوتشيلي"، بعد أن قرر المجمع المسكوني للعائلة المقدسة أن يكون ختام هذه التراتيل التي ستعزف في مختلف دول العالم في بيت لحم، لكنها ألغيت بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، إضافة إلى فرقة جورجية كان يفترض أن تقدم رقصات شرقية في ساحة المهد، وبعض الفعاليات المحلية الأخرى.
رسالة الميلاد
"على هذه الأرض ما يستحق السلام"، هذه رسالة الميلاد من قلب فلسطين للعالم هذا العام في عيد الميلاد، إذ قالت رئيسة البلدية بابون: "معروف أن مقاومة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش على هذه الأرض ما يستحق الحياة، لكننا قلنا عذراً درويش سنضيف كلمة السلام لهذه الأرض وللأم الفلسطينية كرسالة للعالم الذي يلهث وراء الحروب ونسي السلام".
وأشارت بابون، إلى أن الكرة الأرضية عليها الكثير مما يستحق السلام كما الفلسطينيين، شعباً وأرضاً وسماءً، مشيرة إلى ضرورة تحقيق السلام في الأرض المقدسة.
وأضافت بابون: "ستقوم كنائس فلسطين، يوم السبت الموافق 5 كانون الأول 2015 الساعة السابعة والنصف مساءً، بقرع أجراسها من أجل السلام".
الاحتلال لن يسلب الفرحة
وفي الوقت الذي أعلن فيه مجلس كنائس رام الله، عن اقتصار احتفال عيد الميلاد المجيد في فلسطين على الشعائر الدينية، قال مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لشؤون العلاقات المسيحية المحلية والدولية زياد البندك، إن اقتصار الاحتفالات ستتم مع محددات تراعي الظروف التي تمر بها البلاد، إذ يعني ذلك أنه بدلاً من أن يتم إطلاق الألعاب النارية في نهاية إضاءة شجرة الميلاد، مثلاً ستقرع أجراس الكنائس، إضافة إلى أن الكشافة ستعزف معزوفات دينية وتراتيل وطنية.
وفي حديث إلى "النشرة"، أوضح البندك أن معظم البيوت الفلسطينية والمحال التجارية تزين الشجرة وتعرض منتوجاتها ومستلزمات العيد، لكن احتراماً لدماء الشهداء والجرحى والأسرى فستتقلص الاحتفالات إلى الحد الأدنى ولكنّها لن تلغى.
وشدّد البندك على أن الاحتلال الاسرائيلي لن ينجح في كسر رغبتنا في المقاومة كشعب فلسطيني موحد ضد الاحتلال والنضال من أجل اقامة الدولة الفلسطينية والاحتفال بعيد الميلاد. وأضاف البندك: "هذا واقع نعيشه، حيث نحاول أن نفرح ونعيش ونحيا ويجب أن نحترم مشاعر الجميع".
وأوضح مستشار الرئيس، أن رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله سيشارك في إضاءة شجرة الميلاد السبت المقبل، في ساحة المهد ببيت لحم، وسيخرج الكشاف وسيحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قداس منتصف الليل في 24 كانون الأول، وعيد الميلاد لدى الطوائف الأرمنية في 17 و18 كانون الثاني، إضافة إلى عدد من المسؤولين الفلسطينيين، بينما جرت العادة أن ينتدب الملك الأردني عبد الله الثاني أحد وزرائه لحضور قداس منتصف الليل.
للاطلاع على جدول برنامج احتفالات عيد الميلاد المجيد 2015-2016 في بيت لحم اضغطهنا
للاطلاع على مزيد من صور استعدادات بيت لحم لعيد الميلاد اضغطهنا