في خضمّ العمليّات العسكريّة الضّخمة التي أطلقها الجيش السوري بالتزامن على غالبيّة الجبهات الكبرى، تحديدا في ريفَي حلب واللاذقية، وفيما كانت وحدات من الجيش تصدّ هجوما عنيفا لمقاتلي "داعش" على معسكر له في ريف دير الزّور يوم الأحد الماضي، تدخّلت طائرات حربيّة تابعة للتّحالف الذي تقوده واشنطن، واستهدفت المعسكر بأكثر من تسعة صواريخ، في سابقة خطيرة أدرجها مراقبون دوليّون في خانة "الرّسالة الأميركيّة لدمشق وموسكو بعدم تجاوز خطوط حمراء في تلك المنطقة"، في وقت أدخلت روسيا مزيدا من أسلحتها الإستراتيجيّة الى سورية بعد نشر أنظمة "أس 400"، لتضيف الى ترسانتها راجمات صواريخ ت و س 1"- التي لن تغيّر فقط مسار العمليّات العسكريّة للجيش السوري، وإنما قواعد اللعبة في الشرق الأوسط - وفق اشارة صحيفة "ذي ناشونال انترست"، اضافة الى نشر منظومة تشويش الاتصالات" مورمانسك بي أن" المتطوّرة، ما يشير الى انّ موسكو قرّرت رفع مستوى قدراتها الدّفاعيّة والهجوميّة الى حدّها الأقصى، على وقع كلام لافت طلع على لسان دبلوماسيّ غربيّ في بروكسل، لم يستبعد تفويض الرئيس السوري بشّار الأسد، قيادة تحالف عسكري عربي لمكافحة الإرهاب.
وفق الدّبلوماسي الذي نقلت عنه قناة "روسيا اليوم" تأكيده انّ الرئيس الأسد هو الأجدر لقيادة تحالف دوليّ ضدّ الإرهاب، نظرا لحصريّة المعلومات التي يمتلكها وقيادته حول تموضع المجاميع الإرهابيّة وقادتها على الأرض السوريّة، وتحرّكها باتجاه الدّول الأوروبية، فإنّ التّرسانة العسكريّة الهائلة التي دفعت بها موسكو الى سورية لدعمها العسكريّ المباشر، رغم أهميّتها، الا انها لا تستطيع حسم المعركة على الأرض ما لم تُدعم بعمليّات عسكريّة برّية قوامها الجيش السوري، الذي بات- وفقا لتقارير أجهزة الإستخبارات الغربيّة- أكثر خبرة في رصد وملاحقة وتصفية الإرهابيّين وقادتهم، كما بتمرّسه في حرب العصابات، كاشفا عن معلوكات تبلّغها من مسؤولين أمنيّين روس تتحدّث عن جهوزيّة عسكرية تامّة أنجزها الرئيس الأسد مع حلفائه بمواكبة مساعدة استشاريّة وميدانيّة مباشرة لقائد فيلق القدس الايراني اللواء قاسم سليماني، للإنطلاق بعمليّات عسكريّة غير مسبوقة على خلفيّة قرار عمّمه الرئيس السوري على كبار ضبّاطه الميدانيّين، خلص فيه الى ضرورة تحرير منطقة الرّقة –معقل "داعش" الرئيسي- في مهلة زمنيّة قياسية مهما كلّفت من تضحيات.
وفي حين تحدّثت معلومات عن سعي روسي لإقناع الرئيس المصري عبد الفتّاح السّيسي، ارسال قوّات مصرية الى سورية لمؤازرة الجيش السوري في عمليّات تحرير الرّقة من "داعش"، مقابل زيادة دعم روسيا العسكري لمصر على ان يصل الى تزويدها بأنظمة صاروخيّة نوعيّة لمواجهة التحدّي الإرهابي تحديدا في سيناء، كما من ليبيا،، كشف الخبير العسكري الرّوسي " أناتولي تسيغانوك"، انّ الرئيس السوري أبلغ القيادة الرّوسية إصراره على حصر هذه العمليّات حصرا بجيشه، من دون اغفاله الإقرار بفعاليّة مؤازرة حلفائه في بعض الجبهات العسكرية.. وفي السّياق، لفتت شخصيّة قياديّة لبنانيّة مقرّبة من قيادة المقاومة، الى انّ المرحلة الميدانيّة القادمة في سورية ستبدو للعالم في مشهد جديد، ربطا بورقة " هامة" ستكشف عنها دمشق في وقت غير بعيد، ناقلة عن مسؤول أمنيّ سوريّ رفيع المستوى، انّ الرئيس السوري أشرف شخصيّا على الخطط العسكريّة التي باتت ترجمتها على الأرض قاب قوسين أو أدنى، ملمّحة الى انّ الشّهرين الفاصلين عن شهر آذار القادم، سيحملان معطيات ميدانيّة حاسمة قد تُذيّل بخطاب "هام" للرئيس بشّار الأسد الى الشعب السوري.
في المقابل تدرك دمشق وموسكو انّ تركيا -بتغطية أميركية- تنجز تفاصيل سيناريو تخرق من خلاله التّحصينات الرّوسية "الإستراتيجيّة" في سورية، سيّما وانّ تقارير صحافيّة اكدّتها لاحقا صحيفة "انترناشونال بيزنس تايمز" الأميركية، كشفت عن اتفاق أُبرم بين رئيس الحكومة التركية احمد داوود أوغلو ورئيس جهاز الاستخبارات حقّان فيدان، يُفضي الى افتعال تفجيرات في تركيا تكون ذريعة لاجتياح مناطق الشمال السوري، بعدما تأكدت أنقرة انّ حزامها الموعود شمالا أصبح في مهبّ الرّيح، بناء على قرار روسيّ حاسم بنسف الحلم التّركي قبل ان يولد. الصّحيفة التي لفتت الى خلافات حادّة بين السّلطة السياسية ورئاسة الأركان التركية على خلفيّة إسقاط المقاتلة الرّوسية، اشارت الى انّ الجنرال يشار غولر" نائب رئيس الأركان، نبّه من ايّ "مغامرة" عسكريّة تركيّة ستكون حكما سببا مباشرا للحرب مع روسيا، محذّرا من إدخال تركيا في أتون الفوضى الشّاملة والتقسيم... الا انّ التحدّي التركي وصل الى حدّ غزو مناطق عراقية تحت جنح الظّلام، ما تسبّب بأزمة عنيفة اخرى تضاف الى أزمتها مع روسيا.. في السياق تؤكد معلومات صحافيّة انّ اردوغان تلقّف اشارات حيال قرب شنّ عمليّة عسكرية كبرى لتحرير الموصل من مقاتلي "داعش"، لذلك التفّ على العمليّة في توقيت مدروس، عبر تركيز قواّت تركية في منطقة "بعشيقة" تحديدا، للتحكّم وفرملة اي هجوم محتمل من الجماعات الكرديّة باتجاه مقارعة التنظيم المتطرّف في الموصل،، وبالتالي تحريرها.
وبموازاة وصول الغوّاصة الرّوسية "روستوف" الى السواحل السورية، مزوّدة بصواريخ "كاليبر بي ال" المجنّحة وصواريخ "كروز" بالستيّة،، لم يجد أردوغان حرجا في اعلانه انّ بلاده تصرّ على ترجمة حلمها في الشمال السوري و"تسريع" تدريب مسلّحي المعارضة السورية، في تحدّ جديد لموسكو، ستكون تداعياته العسكرية غيرمتوقعة، "لأنّ المؤشّرات كلها تدلّل على انّ الحرب ستنتهي نصرا لدمشق وحلفائها لتبدأ مرحلة هي الأخطر في تاريخ تاركيا- وفق اشارة المحلل السياسي الأميركي "كريستوف جيرمان".