وصلت الامور في دول العالم الى الخط الاحمر، وبات المسلمون اليوم في اوروبا واميركا وغيرها من الدول امام لحظة قد تكون الاكثر حرجاً لهم، وذلك بسبب ممارسات "داعش" واخواتها في الارهاب. ليس صحيحاً ان قرار القضاء على "داعش" اتخذ بين ليلة وضحاها، فقط بسبب النازحين والخوف مما قد يحملونه معهم من مشاكل وعدم استقرار امني واجتماعي، بل ايضاً من موجة عارمة لدى الشعوب في اوروبا والعالم باتت مناهضة للاسلام والمسلمين بشكل عام.
لم تنجح حملات التوعية التي حاول المسؤولون نشرها، في تخفيف الاحتقان وحالات الغضب من فظاعة ما ترتكبه هذه المنظمات الارهابية منتحلة اسم الاسلام، فعلقت في الاذهان صور العمليات الانتحارية والارهابية التي تعرضت لها مدن ومناطق عدة خصوصاً في اوروبا، واتت ردة الفعل عكسية بشكل تام. وعلى سبيل المثال لا الحصر، باتت مارين لوبن تحظى بفرص حقيقية لتولي منصب الرئاسة في فرنسا، وهي التي تدعو في كل مناسبة الى مناهضة الاسلام والاسلاميين، وها هو دونالد ترامب المرشح الى الرئاسة الاميركية يدعو ايضاً الى منع المسلمين من دخول اميركا والتضييق عليهم وحتى اغلاق المساجد، فيما كان رئيس الوزراء المجري واضحاً جداً حين قال انه يريد المحافظة على اوروبا... مسيحية، في حين تنتشر المجموعات المناهضة للمسلمين في اكثر من دولة اوروبية ومنها مثلاً (المانيا، السويد...).
ازاء هذا الوضع، كان لا بد للمسؤولين في العالم ان يتحركوا بأكثر من مجرد الكلام، وان يظهروا لمواطنيهم انهم يأخذون الامور عى محمل اجد، ولا حاجة للخوف من المسلمين الذين يعيشون بينهم ومعهم. ووفق هذا المنظار، قررت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ان تتحرك عسكرياً للقضاء على "داعش" وهو قرار معنوي بحت، لان المساهمة الالمانية في هذه الحرب رمزية ولكنها تحمل دلالات مفادها ان الجميع عازم هذه المرة على القضاء على الخطر الارهابي، ولم يعد الامر مجرد كلام كما حصل حين انشأت الولايات المتحدة الحملة الدولية للقضاء على "داعش" والتي لم تسفر عن شيء عملياً رغم مشاركة دول عدة فيها.
اليوم، بات العالم امام خطر محدق: خطر "داعش" واخواتها في الارهاب ووجب القضاء عليهم، وخطر الانقسامات الكبيرة داخل الدول مع حملة غير مسبوقة ضد الاسلام والمسلمين، والتي تهدد باندلاع اشتباكات ومواجهات بين المواطنين انفسهم قد لا يمكن للدول السيطرة عليها.
وبين هذا وذاك، يجد المسلمون انفسهم مرة جديدة امام مأزق عارم: الدفاع عن الصورة الصحيحة للاسلام التي شوهها الإرهابيون، والتمكن من العيش بكرامة في دول لم يكن مواطنوها يتمتعون بهذا القدر من الحقد والغضب على المسلمين. ليس من السهل التكيّف مع هذا الوضع، ولكن على المسلمين في الغرب ان يعرفوا كيف يتخطون فترة من الوقت لتعود الامور الى طبيعتها، اي بمعنى آخر انتظار الحملة للقضاء فعلياً على "داعش"، وانتظار التسوية الشاملة في المنطقة والتي بدأت ملامحها تظهر في اليمن وستتبلور الصورة بشكل اوضح في ما خص سوريا في المستقبل القريب.
هواية "داعش" قطع الرؤوس حاملة راية الاسلام وتحت ذريعة وهميّة هي الحفاظ على الملسمين، ولكنهم من خلال اجرامهم وارهابهم يهددون عملياً بقطع رؤوس المسلمين في الغرب وتشويه صورة الاسلام التي كانت تتأقلم بشكل طبيعي في المجتمعات والبيئة التي حل فيها المسلمون الحقيقيون الذين يتعايشون مع جيرانهم ويتمتعون بالحقوق ويلتزمون بالواجبات.
وفي انتظار ذلك اليوم، يبقى المسؤولون في الغرب يدافعون عن المسلمين بطريقة افضل بكثير مما يدافع عنها "داعش" واخواتها في الارهاب.