منذ أن كشف ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان عن التحالف الإسلامي الدولي لمواجهة الإرهاب، يلتزم "حزب الله" الصمت حياله، بقرار قيادي معمم على كوادره ونوابه كما وزرائه.
الصمت في البداية، كان بهدف معرفة المتورطين من الجانب اللبناني بإقحام لبنان في تحالف كهذا، من دون العودة الى المؤسسات وعلى رأسها الحكومة. اما في مرحلة متقدمة، وتحديداً بعد إعلان رئيس الحكومة تمام سلام أنه تلقى اتصالاً من القيادة السعودية لإستمزاج رأيه في شأن إنضمام لبنان الى التحالف الذي سرعان ما حظي بترحيبه، فالصمت كان بهدف المتابعة الدقيقة للمواقف التي تلت إعلان سلام، وللإستفسار أكثر عن تفاصيل عمل هذا التحالف وأهدافه المعلنة والمخفية، أكان من الجانب السعودي المقرر أم من الجانب اللبناني المتلقي والموافق من دون تردد أو إستعلام، كل ذلك كي تبني قيادة "المقاومة" على الشيء مقتضاه".
"نعم لم يكن صمت حزب الله ولو للحظة واحدة من باب الخوف من التحالف الإسلامي"، تقول مصادر مطلعة، "بل على العكس تماماً، لأن المكتوب يقرأ من عنوانه، فبمجرد قول سلمان إن التحالف بُحِثَ خلال الساعات الإثنتين والسبعين التي سبقت الإعلان عنه، ذلك يعني أنه ليس نتيجة إجتماع عقدته المملكة لممثلي الدول المشاركة، ولا يعدو كونه ثمرة إتصالات هاتفية أجرتها القيادة السعودية قبل ساعات من وقف إطلاق النار في اليمن، للتغطية على فشلها هناك وعدم تحقيقها أي مكاسب تذكر في ساحة المعركة اليمنية".
وفي تفسيرها لصمت الحزب، تروي المصادر أن الكشف عن أسماء الدول المشاركة في التحالف كان كافياً كي تتأكد قيادة حزب الله من عدم جديته وفعاليته في مكافحة الإرهاب، ومن ان الغاية منه ليست إلا الضجة الإعلامية. كيف لا، تتابع المصادر عينها، وهناك دول مشاركة في التحالف، لا تستطيع أن تكشف حقيقة جريمة إرهابية واحدة نفذت على أراضيها، بحزام ناسف لا تتعدى زنته الخمسة كيلوغرامات، لا بسيارة مفخخة، فهل ننتظر من دول كهذه، لا تفوق إمكاناتها الأمنية جريمة الحزام الناسف، أن تواجه الإرهاب وتحارب تنظيمات كـ"داعش" ممولة إقليمياً ودولياً ومزودة بأسلحة ثقيلة وصاروخية ومدرعات؟!
أكثر ما أثار إستفزاز الحزب، كيف أن رئيس الحكومة سارع الى إعطاء الموافقة على إنضمام لبنان للتحالف، وبرر ذلك ببيان خجول، كل ذلك بعد أيام قليلة على إعتراف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، بأن بلدة عرسال وجرودها، محتلة من قبل التنظيمات الإرهابية، وهنا يطرح السؤال، هل من المعقول أن ينضم لبنان الى تحالف إسلامي دولي ضد الإرهاب، وهو "غير قادر بمؤسساته الأمنية والعسكرية" بحسب تصريحات مسؤوليه، على تحرير بلدة داخل أراضيه، يحتلها إرهابيون خطفوا أكثر من ثلاثين عسكرياً لبنانياً في الثاني من آب 2014 وقتلوا ما يزيد عن عشرين شهيداً بين ضباط وعسكريين؟
أضف الى ذلك، كيف يمكن لبلد كلبنان، أتت كل بياناته الوزراية الأخيرة على شرعنة "المقاومة" أن تدخل بتحالف دولي يصنف هذه المقاومة إرهابية وتعلن المملكة التي أنشأته وبصراحة تامة أنه سيستهدف الإرهاب ككل وليس فقط تنظيم "داعش"؟
كل هذه الأسئلة اضف اليها إستغراب قيادته من إستبعاد سوريا والعراق عن التحالف، البلدان الأكثر تضرراً من الإرهاب، سيختار "حزب الله" المكان والزمان المناسبين لإثارتها وطرحها. قد يكون ذلك عبر بيان "كتلة الوفاء للمقاومة"، وقد يكون عبر إطلالة قريبة لأمينه العام السيد حسن نصرالله، وقد يكون عبر الإثنين معاً، لذلك علينا الإنتظار.