يشدد النائب سيرج طورسركسيان بعد كل جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية يتم تأجيلها، وفي كل لقاء نيابي او سياسي، على ان ازمة النفايات اولوية، وتكاد تكون باهمية ملء الفراغ الرئاسي، ويتساءل دائما عما سيفعله اي رئيس اذا ما انتخب اليوم، وهو في طريقه الى قصر بعبدا، والنفايات مكدّسة على الطرقات.
السؤال المطروح اليوم، هل سيدعو رئيس الحكومة تمام سلام الى جلسة لمجلس الوزراء للبحث في خطة ترحيلالنفايات التي أعدّتها خلية الأزمة المكلفة بهذا الملف، أم أن الامور ستتعقد كما حصل مع وزير البيئة محمد المشنوق عندما فتح ملف المناقصات للشركات التي تقدمت لإزالة القُمامة في جميع المحافظات؟
تشير المعلومات إلى أنّ اللجنة الوزارية المكلفة بهذا الملف، والتي التأمت أمس في غياب وزير البيئة، وبحضور وزراء الزراعة أكرم شهيب والداخلية نهاد المشنوق والمالية علي حسن خليل فقط، بعد ان كانت تضم وزراء اخرين، لم تخرج بقرار يسمح لسلام بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد، رغم تسريب وزير الزراعة معلومات تشير الى ان جميع العقبات امام قرار الترحيل قد تم تذليلها، علمًا أنّ مداولات الجلسة كما سابقاتها بقيت سرية.
وإذا كان عدد من الوزراء في حكومة "المصلحة الوطنية" غير مطلعين على فحوى المناقشات وما آلت إليه الأمور على هذا الصعيد، فإنّ الوزير شهيب يؤكد وفي كل مناسبة ان سلام مصر على اقفال هذا الملف قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، اي خلال هذا الأسبوع، او على الأكثر مطلع الأسبوع المقبل.
وفي حين لم يبلّغ الوزراء حتى الساعة بأيّ موعد لجلسةٍ لمجلس الوزراء تُخصَّص لإنهاء هذا الملف، ترجّح مصادر وزارية إمكانية عقدها يوم الاثنين المقبل.
وسط ذلك، تبدو عملية ترحيل النفايات مكلفة ومعقدة، مقارنة بالخطط السابقة، حيث قفز سعر الطن الواحد من 150 دولار في خطة ايجاد مطامر الى 250 دولار في خطة الترحيل، علمًا أنّ المصادر الوزارية تتحفظ على تحديد اسم الشركة التي ستتولى الترحيل، كما إجمالي التكلفة، ومصادر التمويل.
وترفض مصادر مقربة من وزير المالية علي حسن خليل ابداء رأي مؤيد أو معارض للترحيل، وتؤكد ان القرار في ايجاد المال يعود الى مجلس الوزراء، وان وزارة المالية تنفذ ما تقرره الحكومة.
في المقابل، تستغرب مصادر وزاريّة في قوى الثامن من آذار كيف تمّ اختصار اللجنة المُكلّفة بهذا المِلَفّ بثلاثة وزراء، إضافة إلى رئيس الحكومة، كما ترى أنّ كلفة الترحيل لن تقلّ عن 250 دولار للطنّ الواحد، اضافة الى ان مصادر التمويل غير معروفة بعد، مشيرة الى ان الاتجاه لدى الحكومة تمويل الترحيل من عائدات البلديات، وهذا ما ترفضه رفضًا باتًا.
وتعرب عن مصادر وزارية عن اعتقادها بأنّ سلام لن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء إلا بعد ان يتيقّن، ومن خلال الاتصالات والمشاورات التي سيجريها خلال الساعات والايام القليلة المقبلة، من ان اعتراض فريق واحد على الخطة لن يوقف تنفيذها، في إشارة الى إمكانية تحييد موقف "حزب الله" عن موقف "التيار الوطني الحر" الذي تشير المعطيات والتصريحات التي يطلقها نوابه ووزراؤه أنّهم لن يصوتوا لصالح الترحيل، ولن يقبلوا بان تذهب أموال البلديات التي اقرت في المجلس النيابي الى غير محلها.
وتتخوف مصادر سياسية من أن يفجّر ملف انضمام لبنان الى التحالف الإسلامي لمكافحة الاٍرهاب الذي أعلنت المملكة العربية السعودية عن تشكيله الجلسة الموعودة، سواء طُرح على الطاولة من قبل رئيس الحكومة نفسه أو وزراء "8 آذار"، خصوصًا بعد نفي وزارة الخارجية علمها به، وهي المفترض أنّها المرجع المختص لولوج مثل هذه الاتفاقيات الى الدولة اللبنانية، فيما ترى معظم قوى "8 آذار" وفي مقدمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان هذا الموضوع يناقش في مجلس الوزراء، الذي يبقى المرجع الاول والأخير لاتخاذ القرار في هذا الشأن، بغض النظر عن توجهات رئيس الحكومة السياسية، او غيره من القوى اللبنانية.
وتبقى الأيام القليلة المقبلة كفيلة بتحديد ما إذا كانت حكومة تمام سلام ستتمكن من عقد جلسة قد تكون الأخيرة لمجلس الوزراء، وبالتالي ترحيل النفايات من الشارع، مهما كانت التكلفة باهظة، ام انها ستتحول كما قال رئيسها الى حكومة تصريف اعمال لعدم إنتاجيتها.