ناقشت جامعة الحكمة "إعلان بيروت للحريات الدينية" الصادر عن جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية في ندوة أقامتها بدعوة من رئيسها الخوري خليل شلفون ورعاها رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر في قاعة احتفالات الجامعة في صرحها الرئيسي في فرن الشباك.

أفاد الأمين العام للجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي ​محمد السماك​ في كلمة له أن "عندما اصدرت جمعية المقاصد الاسلامية اعلان بيروت حول الحريات الدينية، لم تأت بشيء جديد لا في الفقه الاسلامي ولا في الفكر الاسلامي، كل ما فعلته المقاصد هو انها جددت التمسك بعدد من الثوابت الاسلامية واكدت الالتزام بها، واعلنتها في وقت تتعرض فيه هذه الثوابت للتجاوز والانتهاك والتشويه"، مشيراً إلى أن "الجديد الذي جاءت به المقاصد هو انها رفعت الصوت عاليا حيث تنخفض اصوات الاخرين، لتقول لا لتقويل الاسلام ما لم يقله، ولا لتشويه صورة الاسلام دين السلام والرحمة للناس اجمعين ولا لتحميله وزر ما يرتكب من جرائم ضد الانسانية وضد الدين وباسم الدين".

ولفت إلى أن "تكريم الله للانسان في الاسلام هو اضافة الى انه تكريم لذاته الانسانية، هو تكريم لدوره الذي خلقه الله من اجل القيام به، وهو خلافة الله اي ان الانسان مكرم ومفضل ومتقدم على كثير من مخلوقات الله وان هذا التكريم والتفضيل والتقدم مرتبط مباشرة بإرادة الله الخالق، لذلك فان ربط الكرامة الانسانية حصرا بإيمان معين، او بعقيدة محددة، ليس خطأ فقط، ولكنه تشويه لحقيقة الارادة الالهية التي شاءت ان يشمل التكريم بني آدم، اي الانسانية كلها. ومن نافلة القول ان هذا التكريم يفرض على الانسان موجبات تجاه اخيه الانسان، وذلك باحترام حقوقه وفي مقدمتها حقه في الاختلاف، وحقه في الايمان والاعتقاد، على قاعدة ان الله، والله وحده هو الذي يحكم بين الناس يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون"، مشيراً إلى أن "تعريف الاخر لا يمكن ان يتم بمعزل عن الان فان فهم الاخر ومن ثم التفاهم معه لا يتحققان من دون ان تتسع الانا له. وبالتالي، كلما سما الانسان بنفسه وترفع عن انانيته سماحة وتسامحا، كلما اوجد في ذاته مكانا ارحب للاخر والحقيقة ليست حصريا في الانا. انها تتكامل مع الاخر حتى في نسبيتها وهي لا تكتمل في اطلاقيتها الا بالله، فالله وحده هو الحقيقة، وهو الحقيقة المطلقة والحوار مع الاخر هو اعادة اكتشاف للانا. ولذلك لا حياة الا مع الاخر ولا يكون الاخر آخر الا اذا كان مختلفا. والاختلاف نعمة شاءها الله وارادها ان تستمر فيما ومعنا حتى يوم الدين من اجل ذلك فان ما يواجهه الاسلام اليوم من تحديات لا سابق لها، تنطلق من تصورات ومن سلوك ومواقف لا تمت الى جوهر الاسلام وتعاليمه بصلة".

وأشارالسماك إلى أن "لا يستطيع المسلمون مواجهة هذه التحديات التي تسيء اليهم والى علاقاتهم مع اخوانهم المسيحيين اذا استمر تراجع هذه العلاقات على خلفية هذه الانتهاكات واذا استمر نتيجة لها النزوح المسيحي من الشرق العربي، فظاهرة الاسلاموفوبيا في الغرب تزداد تأصيلا وتشددا على خلفية اتهام الاسلام بأنه يرفض الاخر ويحاول هذا الاتهام الظالم ان يبني جانبا من صدقيته على هذه الهجرة المسيحية من الشرق"، متسائلاً "كيف يمكن التعايش مع المسلمين في المجتمعات المسيحية اذا كان المسلمون يرفضون الاخر غير المسلم، علما بأن ثلث المسلمين في العالم، اي حوالى 600 مليون انسان يعيشون في دول ومجتمعات غير اسلامية، ولعل في هذا ما يفسر انتعاش الاحزاب السياسية اليمينية الاوروبية التي تزداد عداء للمهاجرين وللمسلمين منهم خاصة بمن فيهم حتى الذين استوطنوا واندمجوا في المجتمعات الغربية".