ناقشت جامعة الحكمة "إعلان بيروت للحريات الدينية" الصادر عن جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية في ندوة أقامتها بدعوة من رئيسها الخوري خليل شلفون ورعاها رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر في قاعة احتفالات الجامعة في صرحها الرئيسي في فرن الشباك.
أفاد الرئيس السابق للرابطة المارونية حارس شهاب ان "يأتي هذا الإعلان وفي هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ المنطقة التي تدور في شأن مستقبلها أسئلة كثيرة تتعلق بالجغرافيا والديمغرافيا والحدود وأنظمة الحكم وفي الوقت عينه تشير التطورات التي تحدث في أوروبا بأن الدول هناك أيضا تدخل مرحلة مخاض حضاري كبير تعبر عنه خضات أمنية متكررة وقلق لدى الرأي العام. هذه الحال على الصعيدين المحلي والدولي تحتاج لأصوات مغايرة تخرق الصورة النمطية التي بدأت بالتشكل وان لبنان مؤهل أكثر من غيره ليكون هذا الصوت، بما أنه أثبت أن لا مكان فيه لإسلاموفوبيا أو كريستيانوفوبيا أو ما شابه، إذ استطاع على رغم كل التحديات والصعوبات أن يبرهن أنه نشأ واستمر كعطية المسيحي للمسلم وعطية المسلم للمسيحي"، لافتاُ إلى أن "في وقت تشعر فيه جماعات باستحالة العيش مع الآخر ويختبر بعضها الرفض والتهميش والإضطهاد والتهجير والسبي، يقدم مسيحيو ومسلمو لبنان شهادة على أنهم إخوة في الخلق والإنسانية والمواطنة الواحدة ولكننا نرى أن المسيحيين في الشرق الأوسط ينظرون إلى مستقبلهم بقلق كبير بعدما نكل بالملايين منهم، فأجبروا على الهجرة من بلادهم التي رفدوها بعطاءات خيرة على مدى الأجيال، كونهم أصيلون فيها، شاركوا في تاريخها ويصرون على المشاركة اليوم في صنع حاضرها ومستقبلها، إن طمأنة المسيحيين كي يتوقف النزف، فيتشبثون بأرضهم هو وليد إيمانهم قبل أي شيئ آخر، إنما هي كذلك وفي الوقت ذاته مسؤولية إسلامية كبيرة. لقد أجاب "الإعلان" على معظم المخاوف لاسيما المسيحية، والمتعلقة بحرية العقيدة وإنقاذ الدين من براثن مستغليه وبناء الدولة المدنية مما يشكل خطوة الى الأمام تأتي داعمة خصوصا لوثيقة الأزهر عن الحرية".
وأشار إلى أن "فيما تسود البربرية التي تقضي على الإنسان بوحشية لا مثيل لها، في أكثر من مكان حولنا، يجتمع اللبنانيون للتأكيد على كرامة هذا الإنسان وحريته وحقه بالاختلاف والمشاركة، ذلك أن تجربتهم الدستورية وهي الوحيدة في العالم العربي التي تستعد للإحتفال بمئويتها الأولى، مبرهنة أن العد وحده لا يحسم مسألة، وأن المشاركة الصحيحة هي الحصن المنيع لاستقرار الدولة وأن التفاهم والتفهم شرعة الشرع في الأوطان لا شيئ يمنع اليوم غداة إعلان المقاصد من قيام حراك لبناني مشترك، بعد إنضاج صيغة متكاملة لهذا النداء على الصعيد الوطني اللبناني، باتجاه مراكز الإشعاع العربي الكبرى، مثل الأزهر ومكة والنجف والزيتونة وغيرها، وصولا لميثاق إسلامي مسيحي على مستوى جامع، ميثاق يزيل اللبس على كل المستويات، على مستوى النصوص وعلى مستوى الدساتير وعلى مستوى الممارسات، وهو لبس يتسلح به من يتمادون بأفعالهم الإجرامية باسم الإسلام".
وأشار إلى أن "الامتناع عن القيام بخطوة مشابهة أو التردد في القيام بها، يفوت على العالم العربي فرصة سماع صوت تعقل وصوت نهضوي، لأن المسألة الحقيقية بعد سقوط الدولة الأمة في العالم العربي، هي في تقدم أشكال حكم تنقل العالم العربي لا وحده بل والصورة المشوهة للإسلام أيضا الى مجاهل لم يعرفها تاريخ المنطقة"، موضحاً أن "نحن أمام مستقبل مبهم، إذا لم ينتفض وعي شامل، خصوصا على المستوى الإسلامي، تلك الإنتفاضة يجب أن يكون لبنان رائدها وها قد أقدم وإلا فقد لبنان رسالته وفقد الشرق هذه العلامة المميزة، لم يعد اليوم من مجال سوى قيام دولة التعدد المدنية وإلا كان البديل دول داعشية فيسقط الدين والإنسان والحضارة".