"هو قرار تصفية الحساب، والأسد بات يُمسك بقواعد اللعبة"، حسب توصيف موقع "ديبكا" العبري لواقع العمليات العسكرية المتلاحقة التي أطلقتها القيادة العسكرية السورية على مختلف الجبهات دفعة واحدة، وعلى امتداد الأرض السورية، متوقفاً عند الضربة القاصمة التي وجّهتها دمشق للسعودية عبر سحق ذراعها في سورية زهران علوش، "والتي لن تقتصر على قرب تحرير كامل محيط العاصمة وحسب، إنما ستنسحب باتجاه تطهير المدن الرئيسية الكبرى".. نظرة سوداوية أرساها المشهد الميداني الجديد في سورية والعراق، وصولاً إلى اليمن، في وقت تعيش "إسرائيل" حالاً من الاستنفار الشديد بعد تهديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة بـ"الرد القادم لا محالة على اغتيال سمير القنطار"، خرقته إشارات ساخنة نقلها المحلل "الإسرائيلي" يارون لندن، عن مسؤول أمني "إسرائيلي" وصفه بـ"رفيع المستوى"، ومفادها أن الاستخبارات الألمانية أبلغت نظيرتها "الإسرائيلية" معلومات تشير إلى أن رد حزب الله هذه المرة لن يكون تقليدياً، وعليها تتوقع أن يأتي من "عقر دارها"، من دون استبعادها أن يتم استدراج أحد القادة أو الدبلوماسيين "الإسرائيليين" في الخارج، عبر سيناريو يعرف الحزب جيداً طريقة حبكه وترجمته بدقة فائقة، على وقع معلومات كشفها تشارلز شوبيرج، وهو ضابط سابق في الاستخبارات البريطانية لوكالة "سبوتنيك" الروسية، تشير إلى تنسيق استخباري "إسرائيلي" - سعودي، بمساعدة "تقنية" أميركية، سبق اغتيال القنطار، تُوِّج باجتماع جمع أحد كبار معاوني زهران علوش مع ضباط من الموساد في منطقة صفد "الإسرائيلية".
ووفق مصادر صحافية لبنانية، فإن ضربة علوش وكبار معاونيه، والتي سددتها مقاتلة سورية باتجاه مكان الاجتماع السري في مربع سيطرته في محيط دمشق، والتي استندت إلى إحداثيات استخبارية دقيقة على الأرض، تجلّت برصد وتتبع وانتظار وصول كامل القادة إلى المكان، دلّت على خرق استخباري سوري لافت لمنظومة تنظيم علوش الأمنية الضيقة، رغم مسارعة مناصريه إلى التصويب على أن الضربة الجوية نفذتها مقاتلات روسية، لتجنُّب انشقاقات جماعية وتدهور دراماتيكي في ولاء آلاف المسلحين المنضوين تحت لواء "جيش الإسلام" في المربع الذي شكلته السعودية لسنوات طوقاً حول العاصمة دمشق. وإذ أشارت إلى أن الجيش السوري عمد بُعيد ساعات من ضربة علوش إلى تصفية قادة آخرين من جيشه، في سيناريو يبدو أنه يندرج في إطار إدراج كامل الطاقم الأمني على لائحة التصفية، تحضيراً لعملية عسكرية ضخمة تفضي إلى تطهير كامل الجيوب المسلحة في محيط العاصمة، اعتبرت المصادر أن تلك الضربة التي أعقبت بأيام قليلة اغتيال القيادي في حزب الله سمير القنطار، قد تكون مرتبطة بشكل وثيق بعملية اغتياله، سيما أن معلومات استخبارية دقيقة كشفت أن الاجتماع الذي ضم إضافة الى زهران علوش، كل قادة تنظيمه و7 آخرين يقودون تنظيمات مسلحة أخرى، أتى وفق أمر عمليات سعودي بالتحضُّر لتنفيذ هجمات هي الأعنف ضد تقدُّم القوات السورية وحزب الله، أُرفق بتعهُّد سعودي بتزويد "جيش علوش" سريعاً بحمولات من الصواريخ والقاذفات ضد الآليات، على أن يُشرف على استلامها معاونان له قضيا لاحقاً مع عشرات القادة الآخرين بالضربة الجوية السورية.
الخرق الاستخباري اللافت في جدار منظومة علوش، والضربة التي أقصته وما يُمثل عن الميدان السوري، تحديداً عن العاصمة دمشق، لا يقتصر حصراً على هذا التنظيم الذي يُعدّ من أكبر الفصائل المسلحة عدة وعديداً، نظراً إلى الدعم السعودي اللامحدود له، فـ"جبهة النصرة" باتت بدورها مُخترَقة أكثر من أي وقت، حسب إشارة آنا كنيشينكو؛ مراسلة محطة "روسيا اليوم " في سورية، والتي لفتت إلى قرار يبدو حاسماً اتخذته القيادة العسكرية السورية وحلفاؤها، بخلخلة أعمدة "جيش الفتح" و"جبهة النصرة"، تُرجم بتوجيه ضربات قاسية له في الأيام الأخيرة، أهمها تدمير معقلهم في خان طومان بريف حلب الجنوبي، واستهداف كبار قادته، بينهم السعودي المدعو عبد الله المحسيني، أعقب مباشرة واقعتين متتاليتين شهدتا مؤخراً، وفي أقل من شهر، تسليم عشرات العناصر من الجبهة أنفسهم إلى الجيش السوري في درعا، خرقه أيضاً إقصاء القيادي المدعو "أبو جليبيب الطوباسي"، بأمر شخصي من الجولاني، الذي اتهمه بـ"حبك نشاط أمني مشبوه مع جهات معادية".
وبالموازاة، لفتت صحيفة "ذا نيويوركر" الأميركية، إلى أن سحق رجل السعودية الأبرز في سورية زهران علوش وثلاثة عشر قيادياً في تنظيمه، إضافة إلى 7 قادة آخرين في تنظيمات مسلحة أخرى، يؤسس لمرحلة ميدانية مختلفة تماماً على الأرض السورية، لن تخلو من مفاجآت مقبلة جهّزتها دمشق مع حلفائها، لا تقلّ أهمية عن مفاجأة سحق علوش، مستندة إلى تقرير خلُص إليه "معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى"، ومفاده أن الأشهر الأولى من العام الجديد قد تُتوج بهزيمة ساحقة لتركيا والسعودية على الأرض السورية.
وعلى وقع معلومات نقلتها وكالة "شبستان" الإيرانية عن من صنّفته بـ"أحد كبار قادة الحرس الثوري الإيراني"، وقوله "إن تطورات العام المقبل في سورية ستكون صادمة للحلف المعادي، وأوراق إقليمية سيتم حرقها على الأرض السورية"، مقابل تحذيرات دبلوماسية إقليمية من سعي سعودي إلى الرد على خصومها، تحديداً حزب الله (من البوابة اللبنانية عبر أدواتها الفاعلة في الداخل اللبناني)، وترجيحها أن تحرُّك الرياض و"حلفها الإسلامي الجديد" باتجاه سورية لإعادة خلط الأوراق الميدانية المستجدة، نقلت مصادر صحافية في بيروت عن شخصية بارزة مقرّبة من قيادة المقاومة، إشارتها إلى رسالة عبرت من الضاحية ودمشق "إلى من يعنيهم الأمر"، تحذر من أي حماقة عسكرية معادية باتجاه سورية أو لبنان، ربطاً بجهوزية أوراق هي الأخطر على الإطلاق، باتت في يد جبهة واحدة تمتد من الضاحية إلى دمشق وبغداد وطهران، وصولاً إلى موسكو.