تطرح على الساحة اللبنانية مجموعة من الأسئلة... الى متى ستتواصل التعليقات والتخمينات من قبل السياسيين والاعلاميين ورجال الدين، وجميع المهتمين بالازمة اللبنانية، خصوصًا في ملف الفراغ في رئاسة الجمهورية؟ ومن يملك الجواب الشافي حول مصير المنصب الماروني الاول في لبنان؟
لا بد في هذا السياق من التذكير ان رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية سافر الى باريس والتقى رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري، على أساس ان يبقيا اللقاء سرا من اسرار الكون، لكن النتيجة لم تكن كما كان يتمناها فرنجيّة، لأن الخبر انتشر وترافق مع تخمينات وتأويلات حول هوية المُسرّب، نظرا لما تركه التسريب من آثار سلبية على مسار التفاوض غير المعلن بين فرنجية والحريري، بمعرفة عدد من المسؤولين في عدد من العواصم العربية والغربية، وهذا لم يعد خافيًا على أحد، وأصبح ذائعا بين الاوساط السياسية، وكشف فرنجية بعض جوانبه في مقابلته التلفزيونية.
في جلسة الحوار ما قبل الاخيرة في عين التينة، وصل فرنجية باكرا الى مقر الرئاسة الثانية ودخلها من الباب الخلفي، والتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وفي نهاية الاجتماع خرج فرنجية ليعلن عن لقائه والحريري، ويشدد على صدقيّة هذا الأخير في ما اصبح معروفا بمبادرة، او تسوية، او طرح، او فكرة، تقضي بدعم تيار المستقبل فرنجية للوصول الى قصر بعبدا.
وللتذكير فقط، أشار فرنجية الى انه بانتظار ان يعلن الحريري هذا الامر رسميا خلال عدة ايام، كي يبنى على الشيء مقتضاه.
مضى اكثر من شهر على هذا التطور في ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان، ولم تحصل اي نقلة نوعية يمكن ان يؤسس عليها اي متابع لملف الشغور الرئاسي، لمعرفة ما اذا كان العام 2016 سيحمل رئيسا للجمهورية.
ولاحظت الأوساط السياسية المتابعة لهذه التطورات ان سعد الحريري لم يعلن رسميا بعد كما توقع فرنجية، اي مبادرة، كما انه لم يعلن تأييده لفرنجية، الذي قال في المقابلة التلفزيونية انه مرشّح وبقوة، وأكثر من اي وقت مضى لمنصب رئاسة الجمهورية.
واشارت هذه الأوساط الى انه اذا كان هناك ثمة مبادرة فعلا او تسوية، فعلى صاحب هذه المبادرة ان يكشف عن تفاصيلها، وعن الشخصية التي يراها مناسبة لتنفيذها او التقيّد بمضمونها، كما فعل الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في خطاب له منذ حوالي اكثر من شهر، داعيا وفي إطار الطائف الى الاتفاق على قانون للانتخاب وعلى رئيس للجمهورية، اي انه حدد إطار مبادرته.
ورأت هذه الأوساط ان موقف "حزب الله" الاكثر تطورا وتظهيرا الذي عبر عنه رئيس مجلسه السياسي السيد ابراهيم أمين السيد من الصرح البطريركي، حول ما قيل عن مبادرة، وتأكيده ان مرشحه للرئاسة هو رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون، وان الاخير ممر إلزامي للانتخابات الرئاسية، ليس ضد النائب سليمان فرنجية، بقدر ما هو رسالة تدعو الى الكشف عن مضمون المبادرة، التي يجب ان تأتي ضمن توافق يحصل نتيجة مشاورات بين جميع القوى، مشيرة الى ان ما حصل هو عرض من الحريري بمعزل عن حلفائه وخصومه، تلقفه فرنجية، اضافة الى انه حدّد مهمّة الحزب في هذا السياق، وهي إقناع عون بالانسحاب، وهذا امر رفضه الحزب.
وتساءلت هذه الأوساط عمّا اذا كان فرنجية شريكا في التسوية، او أطلعه الحريري على تفاصيلها، وفضل عدم الكشف عن مضمونها، ام انه قبل عرضا مغريا يصعب على اي شخصية مارونية رفضه او النقاش فيه؟
وتعتقد الاوساط أن قول رئيس "كتلة المستقبل" فؤاد السنيورة بان ما طرحه الحريري كان بفعل تفاهم غير مباشر بين الجمهورية الاسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، لكن طهران "فرملت" موافقتها لأسباب غير معروفة، يعيد ملف الانتخابات الرئاسية الى نقطة الصفر، اي الى ضرورة حصول تفاهم ثابت بين الرياض وطهران حول هذا الملف، بمباركة دولية، كي تصبح اي تسوية قابلة للتنفيذ، بغض النظر عن اسم الرئيس او الشخصية المارونية التي ستقع عليها مهمة الالتزام بما سيتم الاتفاق حوله، ورعاية هذا الاتفاق بما يضمن مصالح هذه الدول، ويؤمن الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني للبنان.
وتعتقد هذه الاوساط ان اي تحرك، او اي خطة، او اي تسوية، او مبادرة، خارج هذا الإطار، ستبقى حبرا على ورق، ومادة للسجال بين الأطراف والقوى السياسية التي أمضت اكثر من 18 شهرا وهي تتراشق التهم حول من هو مُعَطل الاستحقاق الرئاسي.