إنتظر اللبنانيون الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابي ما بعد اغتيال عميد الأسرى في السجون الإسرائيلية سمير القنطار لمعرفة ما يخفيه الحزب وراء صمته حيال الإستحقاق الرئاسي. غير أنه خذلهم في المرّتين، متعمداً عدم الحديث عن الرئاسة وترشيح رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري لرئيس تيار "المرده" النائب سليمان فرنجية، وذلك لإعتبارات عدة، منها ما هو طائفي بحسب شخصية بارزة في قوى الثامن من آذار، ومنها ما هو سياسي داخل البيت الواحد، وصولاً الى تلك المتعلقة بالفريق الخصم أي تيار "المستقبل".
وفي تفصيل لهذه الإعتبارات، تقول الشخصية نفسها، "لم يكن حزب الله الذي التزم الصمت لأسابيع، بوارد الكشف عن موقفه الرئاسي إلا من منبر الصرح البطريركي وذلك لسببين، أولهما نظراً لما تعنيه الرئاسة الأولى بالنسبة الى المسيحيين في الشرق لا فقط في الداخل اللبناني، ونظراً لما ترمزه البطريركية المارونية ورأس الكنيسة أي البطريرك الماروني بالنسبة الى هؤلاء، لذلك لم يكن من الوارد أن يعلن الحزب من الضاحية الجنوبية، موقفاً حاسماً كالذي أعلنه رئيس مجلسه السياسي السيد ابراهيم أمين السيد من بكركي بعد معايدة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي.
أما السبب الثاني لإختيار بكركي كموقع مناسب أو الأنسب للإعلان عن موقف كهذا، فيعود الى أن البطريرك الراعي، يجب أن يبلغ أولاً بالموقف، خصوصاً أن إندفاعته حيال تبني الحريري لفرنجية، قد يعود سببها الى أجواء مغلوطة عن موقف الحزب الحقيقي، نقلها اليه البعض من زواره الذين يدورون في كنف الثامن من آذار، والذين يفضلون فرنجية على رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون.
هذا طائفياً، أما بالنسبة الى الإعتبارات المرتبطة بداخل بيت الثامن من آذار، فتروي الشخصية المتابعة أن مواقف فرنجية التي نقلها عن الحزب في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، أحرجت قيادة الأخير كثيراً، خصوصاً لناحية ذهاب رئيس "تيار المردة" بعيداً في الحديث عن الحزب وإيحائه للرأي العام بأنه حصل على موافقة مسبقة على كل خطوة قام بها زعيم "المرده" عندما زار الحريري في باريس، لذلك أراد الحزب إعادة تحديد البوصلة، وإفهام فرنجية بحزم وحسم من الصرح البطريركي، حقيقة موقفه، خصوصاً في الشق المتعلق بأن الحزب ليس الجهة التي توافق أن تلعب دور إقناع العماد عون بأي تسوية بل على الآخرين أن يقوموا بهذه المهمة.
الرسائل التي وجّهها "حزب الله" بإختياره موقع بكركي للإعلان عن موقفه الرئاسي، لم تقتصر فقط على المسيحيين والبطريرك الراعي فالنائب فرنجية، بل شملت أيضاً الخصوم أي تيار "المستقبل". وفي هذا السياق، تقول الشخصية المقربة من الحزب، إن "الأخير أراد ومن موقع بكركي أن يقول لتيار "المستقبل"، ليس من باريس أو غيرها من العواصم، يُسَمَّى رئيس الجمهورية المسيحي، بل من قلب جبل لبنان، وليس لإعتبارات تتعلق بحسابات إنتخابية وسياسية تخدم الجميع إلا المسيحيين، يتم وضع فيتو على إسم الممثل الأوّل للمسيحيين في لبنان، فإما تريدون الشراكة الحقيقية وإما لا تريدونها".
إذاً لكل ما تقدم، كسر الحزب صمته الرئاسي من بكركي أو من الموقع الذي يُمَكّنه من لعب البلياردو. هناك أدلى السيد ابراهيم أمين السيد بدلوه، فأصاب أكثر من عصفور بحجر واحد.