يكاد ينطبق على العام 2015 الذي يطوي صفحاته الأخيرة خلال الساعات القليلة المقبلة القول المأثور " تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي"...
صحيحٌ أنّ الأحداث والتطورات التي حملها هذا العام كانت كثيرة ومتفرّعة من حيث الكمّ، إلا أنّ جردة بسيطة لما تحقّق خلال 365 يومًا تثبت أنّ شيئًا لم يتحقّق من الناحية العملية.
فالفراغ الذي تربّع على قصر بعبدا منذ الخامس والعشرين من أيار 2014 بقي هو "الحاكم المُطلَق" طيلة العام 2015، ولم تنجح كلّ المحاولات للاتيان برئيسٍ قويّ أو تسوويّ في تغيير هذا الواقع، وبقي القادة الأمنيّون في مراكزهم مستفيدين من "نعمة" التمديد، إسوةً بالنواب وممثلي الشعب.
ولعلّ "الإنجاز" الوحيد الذي تحقّق كان "ابتكار" حوارٍ جامعٍ جديد تنقّل بين المجلس النيابي وعين التينة، وأضيف إلى حوار "حزب الله" و"تيار المستقبل"، الموروث من العام السابق!
إرهابٌ رغم المظلّة!
بعيدًا عن السياسة، حضر الهمّ الأمني بطبيعة الحال في المرتبة الأولى من الاهتمامات خلال العام 2015، كيف لا وهو العام الذي تمدّد فيه الإرهاب عالميًا، من دون أيّ حسيب أو رقيب، ولم يكد يمرّ يومٌ واحدٌ منه من دون أن يحمل أنباءً سيئة عن تفجيرٍ انتحاري في هذه الدولة أو تلك، وفي هذه العاصمة أو تلك.
لكنّ لبنان بقي "أرحم" من غيره خلال العام 2015، خصوصًا بالمقارنة مع جواره القريب والبعيد، الذي بقي "ملتهبًا"، وهو ما يردّه كثيرون لـ"مظلّة الاستقرار" الدوليّة التي تنعّم بها اللبنانيون، وحتى بالمقارنة مع وضعه خلال السنوات السابقة، وإن كان للبنانيين "نصيبهم" منها، كما حدث عند تفجير حافلة لبنانية وسط العاصمة السورية دمشق في الأول من شباط.
ولولا التفجير الإرهابي الذي وقع في جبل محسن في العاشر من كانون الثاني، والتفجير الانتحاري المزدوج الذي وقع في منطقة عين السكة في برج البراجنة في الثاني عشر من تشرين الثاني، لأمكن القول أنّ سياسة "الأمن الاستباقي" التي نجحت باعتمادها الأجهزة الأمنية اللبنانية أتت أكلها بشكلٍ واسعٍ، خصوصًا مع التوقيفات شبه اليومية للخلايا الإرهابية وغير منطقة، والمخططات التي تمّ إحباطها قبل الكشف عنها.
الحرب لم تقع...
وإلى جانب الهاجس من "الإرهاب" المتفشّي في المنطقة، سيطر هاجسٌ آخر على اللبنانيين خلال العام 2015، يعود إلى ما يعتبرونه هم "جذور الإرهاب" المتمثل بشكلٍ خاص بإسرائيل، التي بدت في أكثر من محطة "على شفا الحرب" مع لبنان، وهو ما وصل عمليًا إلى أوجه في الشهرين الأول والأخير من العام.
ففي الثامن عشر من كانون الثاني، تعرّض "حزب الله" لضربةٍ ثقيلةٍ عندما استهدفت غارة إسرائيلية مجموعة من عناصر الحزب، كان من بينهم القائد محمد عيسى ونجل المسؤول العسكري السابق في الحزب عماد مغنية، جهاد. ولأنّ الحزب وصف الاعتداء بـ"الغادر"، فإنّه لم يتركه يمرّ دون ردّ، سبق حتى أيّ إطلالة لأمينه العام السيد حسن نصرالله، وحُدّد موعده بعد عشرة أيام فقط، مع استهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضم ضباطا وجنودا إسرائيليّين، بالأسلحة الصاروخية المناسبة ما أدى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة.
وإذا كان "القطوع الأول" قد مرّ على سلام، مع تغيير قواعد الاشتباك، فإنّ الشهر الأخير من العام لم يمرّ من دون "استفزازٍ" إسرائيليّ جديد، تمثّل باغتيال "رمزٍ" بحجم عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية سمير القنطار، في سوريا أيضًا. وإذا كان الإسرائيليّون ظنّوا بأنّ "الحساب أقفل"، فإنّ الحزب كان واضحًا بأنّ الحساب "سيُفتَح على مصراعَيه"، وأنّ الردّ آتٍ لا محال، ولكن في الزمان والمكان المناسبَين، الأمر الذي يفتح الساحة على الكثير من الاحتمالات والسيناريوهات الممكنة.
العسكريون إلى الحرية...
أمنيًا أيضًا، إنجازٌ يكاد يكون "يتيمًا" سُجّل خلال العام 2015 بإنجاز صفقة تحرير العسكريين المخطوفين لدى "جبهة النصرة"، بعد جهودٍ مضنية بذلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي حمل هذا الملفّ على كاهله، تمامًا كما حمل سابقاً ملفاتٍ أخرى بعضها وصل إلى خواتيم سعيدة كملف مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا، وبعضها لا يزال ينتظر كملف المصور اللبناني سمير كساب والمطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي وغيرها من الملفات.
وإذا كان الكثير قد قيل عن "إنجاز" الصفقة على امتداد العام، فإنّها لم تبصر النور إلا مع أول أيام شهر كانون الأول، بموجب اتفاقٍ لم يُرضِ الكثيرين ممّن رأوا فيه "هدايا مجانية" للإرهابيين، قد يندم لبنان عليها في وقتٍ لاحقٍ، إلا أنّ الجرح لم يندمل بشكلٍ كاملٍ بعد، باعتبار أنّ هناك تسعة عسكريين لا يزالون مختطفين بقبضة تنظيم "داعش" الإرهابيّ، ولا تزال عائلاتهم تبحث عن "فسحة أمل"، علمًا أنّ أخبارهم مقطوعة بشكلٍ كامل، ومصيرهم لا يزال مجهولاً.
الرئاسة للفراغ...
ومن الأمن إلى السياسة، بقيت الرئاسة المعلّقة والمجمّدة العنوان الأكثر إثارة وجاذبية ، إثارة لم تؤدّ إلى أيّ تغييرٍ ولو شكليّ، في الجلسات "المفترضة" التي بقي رئيس المجلس النيابي نبيه بري يدعو إليها بشكلٍ دوري.
وباستثناء اختلاف رقم الجلسة من 17 في السابع من كانون الثاني إلى 33 في السادس عشر من كانون الأول، لم يتغيّر شيءٌ يُذكَر، وبقي سيناريو "تطيير الجلسات" من قبل نواب "حزب الله" وتكتل "التغيير والإصلاح" سيّد الموقف، تمامًا كما بقي رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وعضو "اللقاء الديمقراطي" هنري حلو مرشحين رسميَّين، بظلّ وجود الكثير من "البُدلاء" عنهم.
ولكنّ نهاية العام كادت تحمل معها "دخانًا رئاسيًا أبيض"، لولا الكثير من التعقيدات التي أظهرت أنّ "النيّة غائبة"، وذلك من خلال المبادرة الرئاسية التي قيل أنّ رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري يقف وراءها، وتقضي بترشيح رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية للرئاسة، الأمر الذي "أغاظ" حلفاء الحريري وفرنجية في آنٍ، فوقفوا سدًا منيعًا في وجه "المبادرة"، التي قيل أنّها "جُمّدت" بانتظار نضوج المزيد من المعطيات.
الحكومة من أزمة إلى أزمة...
وفي حين كانت الرئاسة مهمّشة خلال العام 2015 بفعل الفراغ، فإنّ "العدوى" شملت المؤسسات الأخرى، التي بدت موجودة ظاهريًا، غائبة عمليًا، سواء على صعيد الحكومة أو المجلس النيابي، الذي لم يعقد للمفارقة سوى جلسة تشريعية "يتيمة" بعد مخاضٍ طويل ومفاوضاتٍ ماراتونية نتج عنها إقرار عددٍ من القوانين المالية وقانون استعادة الجنسية، إضافة إلى اجتماعاتٍ "شكليّة" كذلك الذي عقد لانتخاب هيئة المجلس والتجديد للجان، التي لم تلحظ أيّ تغيير هام بطبيعة الحال.
أما الحكومة فقضت عامها وهي تتنقّل بين "الألغام"، و"الألغام" هنا ليست سوى الأزمات المتشعّبة والمتفرّعة التي واجهتها، والتي كادت "تطيّر" مجلس الوزراء بمن فيه في أكثر من مناسبة، لولا "صبر" رئيس الحكومة تمام سلام الذي توعّد مرارًا وتكراراً بأنّ له "حدودًا". وإذا كانت التعيينات الأمنية شكّلت "المطبّ" الأول في وجه هذه الحكومة، خصوصًا مع إصرار "التيار الوطني الحر" على إدراجها كبندٍ أول على طاولتها، فإنّ أزمة النفايات ارتقت لمستوى "الفضيحة"، فالحكومة التي بدأت نظريًا تبحث في هذه الأزمة وسبل مواجهتها منذ شهر كانون الثاني، أي منذ ما قبل حدوثها، وجدت نفسها وسط "كومة النفايات" في منتصف العام، لتعجز عن إقرار أيّ من "خطط المعالجة"، لتهلّل في نهاية المطاف بإقرار "ترحيل النفايات" بوصفه "أهون الشرّين".
الحراك حلمٌ أطفأه أصحابه!
"بصيص نور" وسط هذا "النفق المُظلِم" شكّله من دون شكّ الحراك المدني، الذي وصل إلى أوجه في شهر آب، وتحديدًا في الثاني والعشرين والتاسع والعشرين منه، من خلال التظاهرات الحاشدة التي يمكن القول أنّها كانت الأكبر في تاريخ المجتمع المدني اللبناني. ولعلّ "الصدمة" التي وقعت فيها السلطة السياسية نتيجة هذا الحراك، والتي جعلتها تلجأ إلى القوة لقمع الناشطين، من خلال رشهم تارة بخراطيم المياه وإطلاق الرصاص المطاطي تارة أخرى، وتوقيف الشباب بشكلٍ عشوائي، ساهمت في "تنمية" هذا الحراك وإعطائه المزيد من المشروعية.
إلا أنّ هذا "الحراك" الذي رأى فيه كثيرون "حلمًا" سرعان ما "أطفأه" محرّكوه أنفسهم، ليس فقط عندما أصبح عنوان تحرّكاتهم المطالبة بإطلاق الموقوفين لا أكثر ولا أقلّ، بل عندما ابتعدوا عن الإطار التنظيمي الشامل، فباتت مجموعاته تتصرّف "فرادى"، وعندما وسّعوا من نطاق مطالبهم وقفزوا عليها، فتحوّل مطلب "حلّ أزمة النفايات" إلى "إسقاط النظام" بـ"كبسة زرّ" لدى البعض، علمًا أنّ اتهاماتٍ كثيرةٍ صُوّبت نحوهم تارة بقبض الأموال من هذه الجهة أو تلك، وتارة بتنفيذ أجندة سياسية.
"التيار" إلى الشارع...
ولم يكن "الحراك" وحده من نزل إلى الساحات خلال العام 2015، فـ"التيار الوطني الحر" شمّر عن زنوده أيضًا رغم أنّه كان ولا يزال جزءًا من السلطة القائمة، سواء في البرلمان أو في الحكومة أو على طاولة الحوار.
وعلى الرغم من أنّ "التيار" رفع العديد من الشعارات في تحرّكاته المتنوّعة في الشارع، والتي اصطدم في أولها مع الجيش اللبناني، في معركةٍ كانت الأولى من نوعها وربطها الكثيرون بـ"الصراع الخفي" بين العماد ميشال عون وقائد الجيش العماد جان قهوجي، فإنّ اللافت أنّ شيئاً منها لم يتحقق، فبقيت حقوق المسيحيين التي ناضل "العونيّون" من أجلها مهدورة، وتمّ التمديد لقائد الجيش وسائر القيادات الأمنية، وخرج قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز من السلك العسكري بعد تقاعده، من دون أن تبصر "تسوية الترقيات" التي تلهّي اللبنانيون بتفاصيلها لأيامٍ طويلة النور.
أما مطلب انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، الذي طرحه "العونيّون" كخطةٍ إصلاحيّة، وشكّل العنوان الأول لتحرّكهم على مداخل قصر بعبدا في الحادي عشر من تشرين الأول إحياءً لـ"ذكرى 13 تشرين"، فبقي حبرًا على ورق، كونه لم يلقَ الآذان الصاغية لدى الآخرين.
... وتقاربٌ مع جعجع!
يبقى مشهدٌ واحدٌ من مشاهد العام 2015، أتى من خارج سياق التوقعات والتنبؤات على كثرتها، هو ذلك الذي جمع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في غرفةٍ واحدة، وذلك في الثاني من حزيران، بعد أشهر من المفاوضات الماراتونية التي نشط فيها على خط الرابية – معراب كلّ من أمين سرّ التكتل النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الإعلام في "القوات" ملحم رياشي، اللذين وجدا في اللقاء "التاريخي" بين "الجنرال" و"الحكيم" انتصاراً شخصيًا لهما.
وقد شكّل "إعلان النوايا" الذي تمّ توقيعه بين الجانبين بعد اللقاء "نقطة مفصليّة" في العلاقة التاريخية بينهما، وهي التي لم تكن يومًا سليمة كما هي اليوم، علمًا أنّ كثيرين يردّدون أنّ هذه العلاقة تتقدّم وتتطوّر، وقد ترتقي لمستوى "التحالف"، خصوصًا في حال سير رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري بترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية للرئاسة، الأمر الذي قد يمهّد لترشيح "الحكيم" لـ"الجنرال" رسميًا، أقلّه وفق الرواية "العونيّة".
الأسير موقوفاً... وسماحة لم يخرج
قضائيًا، وفي غمرة التوقيفات اليومية وقضايا الإرهاب وما شابه، شكّل توقيف الإرهابيّ الفار أحمد الأسير في شهر آب العنوان الأكثر "دسمًا"، والذي شكّل هو الآخر "إنجازاً" للأمن العام، الذي تمكّن من توقيف الرجل أثناء محاولته الفرار عبر مطار بيروت، حاملاً وثيقة مزوّرة.
في المقابل، شهدت قضية الوزير السابق ميشال سماحة تطورات نوعيّة خلال العام 2015، خصوصًا مع صدور الحكم بحقه في الثالث عشر من أيار، والذي قضى بالسجن 4 أعوام ونصف وتجرده من حقوقه، ما كان سيعني خروجه في وقتٍ قريبٍ من السجن، الأمر الذي أثار ما يشبه "الانتفاضة" التي قادها وزير العدل أشرف ريفي على المحكمة العسكرية، التي لم يتأخر في "نعيها" للرأي العام، قبل أن يتمّ اللجوء للأساليب القضائية، عبر "تمييز" الحكم، وإعادة محاكمة سماحة من جديد، الذي تستمرّ جلسات استجوابه في العام الجديد.
وإلى سماحة، أضيف سياسيٌ جديدٌ إلى قائمة الموقوفين في لبنان، ولكن بخلفيةٍ مختلفة مئة وثمانين درجة، هو النائب السابق حسن يعقوب، الذي تمّ توقيفه من قبل فرع المعلومات في السابع عشر من كانون الأول على ذمة التحقيق في قضية خطف هنيبعل القذافي، قبل أن تصدر مذكرة وجاهية بتوقيفه في 21 كانون الأول. وقد أثارت هذه القضية ردود فعلٍ متباينة، ففي مقابل "رفع الغطاء السياسي" عن الرجل، تساءل كثيرون عن سبب التعاطي معه بهذا الشكل، في حين كان يتمّ التغاضي عن الكثير من عمليات الخطف سابقاً، خصوصًا تلك التي كان يقف وراءها أبناء مخطوفين، وهو حال يعقوب، نجل الشيخ محمد يعقوب المخطوف مع الإمام موسى الصدر منذ زهاء 38 عامًا.
وجوهٌ غابت...
وبعيدًا عن الأحداث السياسية والأمنية والقضائية، غابت وجوهٌ لبنانية بارزة خلال العام 2015، الذي افتتح رزنامته بالإعلان عن وفاة رئيس الحكومة السابق عمر كرامي، الرجل الذي سيذكره التاريخ كثيراً.
وإلى كرامي، خسر لبنان في العاشر من تشرين الأول النائب والوزير السابق رئيس "الكتلة الشعبية" الياس سكاف، بعد صراعٍ مع المرض، وهو الذي يملك حيثية شعبية وازنة خصوصًا في عروس البقاع زحلة، وقد رثاه البلد برمّته.
أما المطران غريغوار حداد، أو "مطران الفقراء" كما يحلو للبعض توصيفه للدلالة على "آدميّته"، فقد خسره لبنان في الثالث والعشرين من كانون الأول، في حين انتقل النائب السابق علي عيد إلى ذمّة الله في الخامس والعشرين من كانون الأول.
وخلال العام 2015، فقد لبنان أيضًا قامة فنية كبيرة من وزن المسرحيّ ريمون جبارة في الرابع عشر من نيسان، كما خسر الممثل الشاب عصام بريدي الذي فارق الحياة عن عمرٍ يناهز 35 عامًا إثر حادث سيرٍ مروّع تعرّض له في منطقة الدورة في الثاني عشر من نيسان.
... وجيلٌ جديدٌ واعدٌ؟!
وأبعد من هذا وذاك، كرّس العام 2015 جيلاً جديدًا في السياسة اللبنانية مع تكريس مبدأ "الوراثة السياسية" في الأحزاب السياسية "أباً عن جد".
ففي حين كان لا يزال الحديث يدور عن بدء إعداد العدّة "لتوريث" نجل رئيس "اللقاء الديمقراطي" تيمور وليد جنبلاط، ونجل رئيس "تيار المردة" طوني سليمان فرنجية، اللذين ينتظران على ما يبدو الانتخابات النيابية للوصول إلى الندوة البرلمانية، كان النائب سامي الجميل يتربّع على رئاسة "حزب الكتائب" خلفاً لوالده أمين الجميل، بعد سنواتٍ طويلة من النضال داخل الحزب، فيما كان "التيار الوطني الحر" يحتفل بما أسماه "تجديد المسيرة"، من خلال وصول الوزير جبران باسيل إلى رئاسة الحزب خلفًا لـ"عمّه" العماد ميشال عون، وبالتزكية، بعد "توافقٍ" أنهى "خلافاتٍ" كادت تطيح بـ"التيار" عن بكرة أبيه.
وداعًا "8 و14"؟!
في الختام، يحتار المرء في اختيار "حدث العام" على الصعيد اللبناني للعام 2015، بالنظر لكثرة الأحداث التي حصلت، وإن لم تغيّر شيئًا على أرض الواقع.
فمن التفجيرات الإرهابية في جبل محسن وبرج البراجنة، إلى الاغتيالات الاسرائيلية لكوادر المقاومة، مرورًا بأزمات الداخل من التعيينات الأمنية إلى النفايات المتراكمة وغيرها، وصولاً حتى الحراك المدني العاجز، من دون أن ننسى الإنجازات الأمنية المتمثلة بتحرير العسكريين المخطوفين لدى "النصرة"، وتوقيف أحمد الأسير، تبدو رزنامة الـ2015 حافلة.
مع ذلك، قد يقول قائل أنّ المبادرة الرئاسية التي طُرِحت نهاية العام قد تكون "الحدث" الأبرز، ليس لأنّها توطئ لملء الشغور الرئاسي المستمرّ، وهو ما لا يبدو واقعًا حتى الساعة، بل لأنّ من شأنّها قلب الطاولة على الجميع، وتوجيه " رصاصة الرحمة" لما يسمّى بـ"معسكري 8 و14 آذار"...
للاطلاع على أحداث العام 2015 المحلية على طريقة "كل يوم بيومه"، اضغط هنا.