لم يتاخر العام الجديد في رسم صورة الأوضاع التي يمكن ان تكون في لبنان والمنطقة، اثر إعدام السلطات في المملكة العربية السعودية الشيخ نمر باقر النمر، ومواقف عدد من القوى السياسية والدينية، سواء المندّدة منها أو المهادنة والمتفهمة للقرار السعودي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو حول تداعيات هذا الحدث على الوضع اللبناني، من كل جوانبه، وخاصة ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، وبالاستقرار.
في الأسبوع الأخير من العام الماضي، قال رئيس "كتلة المستقبل" النائب فؤاد السنيورة في حديث مع إعلاميين لبنانيين ان مبادرة رئيس تيّار "المستقبل" النائب سعد الحريري بتأييد رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، جاءت بعد تفاهم غير مباشر بين المملكة العربية السعودية وإيران، لكن الامور تعقدت بعد تراجع طهران، ولأسباب غير معروفة، عن هذا التوجه.
وهذا يعني ومن وجهة نظر تيار "المستقبل"، او اقله من رئيس كتلة "المستقبل" النيابية، ومعه قوى "14 اذار"، ان اي حل لعقدة الشغور الرئاسي، تتطلب تفاهما مباشرا او غير مباشر بين الرياض وطهران.
ورأت مصادر سياسية متابعة لملف الانتخابات الرئاسية في لبنان، ان التطور الاخير في العلاقات السعودية -الإيرانية، مع إعدام الشيخ نمر النمر من قبل المملكة العربية السعودية، جعل هذه الانتخابات غير ممكنة في المدى المنظور نظرًا لان الرعاية الإقليمية لهكذا حدث باتت اليوم معدومة.
واشارت الى ان العلاقات السعودية-الإيرانية تحت الصفر، وانعكاس ذلك على رؤية رئيس في قصر بعبدا في المدى المنظور يوازيها أيضًا.
وتعتقد هذه المصادر انّه إذا كان التفاهم على فرنجية رئيسا للجمهورية بين طهران والرياض، واستطرادا بين "حزب الله" و"المستقبل"، ممكناً إلى حدّ ما في العام 2015، فإنّ حظوظه أصبحت معدومة في العام 2016.
لكن المصادر ترى ان التطورات الاخيرة لن تؤدي الى إلغاء الحوار القائم بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري، نظرا لما لهذا الامر من تأثير على استقرار الاوضاع الأمنية في بيروت، وفي كل المناطق اللبنانية، بالرغم من انه لم يثمر حتى الساعة عن اي ايجابيات يمكن توظيفها في مجمل الوضع السياسي اللبناني المأزوم.
ولم تستبعد المصادر نفسها حصول اضطرابات وأعمال عنف في منطقة الخليج، وبالتحديد في البحرين، حيث ان الوضع هناك لا يزال هشا مع مواصلة الأخيرة اعتقال زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان، والذي مضى على اعتقاله اكثر من عام.
كما أعربت هذه المصادر عن قلقها بالنسبة للوضع الأمني في لبنان، بعد الموقف التصعيدي الذي اتخذه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، والذي ندد فيه بأقسى العبارات بالمملكة العربية السعودية وسياستها.
ولم تستبعد في هذا السياق حصول حوادث امنية خطيرة في مناطق محددة من لبنان، بهدف تأجيج الاوضاع، وايقاظ الفتنة والتي لا يمكن التنبؤ بنتائجها السلبية على لبنان ودول المنطقة.
وتساءلت هذه المصادر عما اذا كان بمقدور رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ان يؤمن بديلا عن تأزم ملف الانتخابات الرئاسية، بسبب تدهور العلاقات بين الرياض وطهران، من خلال طاولة الحوار، وعبر صيغة تفعيل العمل الحكومي، وعودة الحياة الى المجلس النيابي، والعمل التشريعي، رغم اعتراض قوى الرابع عشر من آذار، التي تصر على ان لا شيء يحول دون مواصلة الجهود لحل الفراغ في الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس للبلاد قبل اي خطوة اخرى.
لا شك بان المعطيات المتوفرة في الداخل اللبناني، لا توحي على الإطلاق ان التطورات الاخيرة في العلاقات السعودية-الإيرانية، ستساعد في انتخاب رئيس للبنان في الجلسة التي حددها رئيس المجلس النيابي لهذا الغرض يوم الخميس المقبل، كما انه ليس مضمونا ان الجهود التي ستبذل لتفعيل العمل الحكومي، يمكن ان تعطي ثمارها، مما يجعل لبنان عمليا، ولأول مرة منذ اندلاع الحرب في سوريا في دائرة الخطر.