بعد أكثر من شهر على تحريرهم، ها هم العسكريون المحرَّرون ينتقلون من بلدة إلى أخرى، ومن لقاء إلى آخر، للإحتفال بحريتهم بعد حجزها من قبل "جبهة النصرة" طيلة 487 يومًا. وآخر هذه اللقاءات كان في مدرسة "سيدة السلام للراهبات الباسيليات الشويريات" في الدورة التي استقبلتهم وعائلاتهم وعائلات العسكريين الذين لا زالوا مخطوفين عند تنظيم "داعش"، ضمن لقاء "محبة" تزامناً مع فرحة الأعياد.
ويؤكد مسؤول النشاطات في المدرسة طوني نجم، في حديث مع "النشرة"، أن "هذا النشاط جاء تزامناً مع فرحة الأعياد لنتشارك مع أبناء العسكريين هذه الفرحة"، مشيراً إلى أن "الهدف الأساسي من هذا النشاط هو إدخال الفرح والسرور إلى قلوب أولاد العسكريين الذين حُرموا من حنان آبائهم وكبروا دون رؤية أهاليهم".
ومن جهتها، توضح رئيسة المدرسة الأخت كريسيان سماحة، في حديث لـ"النشرة"، أنّ إدارة المدرسة دعت أولاد العسكريين الأسرى والمحررين "لنتشارك معهم فرحة العيد ولنؤكد أننا كلنا وعلى اختلاف طوائفنا نقف معهم"، وتقول: "نحن كلنا أولاد الفرح والأمل الذي نزرعه في قلوب أولادنا خصوصا أن هذه السنة هي سنة الرحمة كما أعلنها البابا فرنسيس"، وتلفت إلى أنّها تصلّي في كل يوم من أجل "زرع السلام في قلوب جميع الناس".
وبعد أن جهز تلاميذ المدرسة أنفسهم، ووضعوا التحضيرات الأخيرة لـ"الريسيتال الميلادي" الذي سينشدونه، وصل أهالي العسكريين الذين تم استقبالهم بالتصفيق والترحيب من قبل الأطفال والقيّمين على المدرسة.
"براءة الأطفال هي أصدق ما في الوجود وهي أملنا بأن أبناءنا سيتحررون"، هكذا يصف والد العسكري المخطوف لدى "داعش" حسين يوسف، في حديث لـ"النشرة"، فرحة مشاركة الأطفال بالأعياد، معرباً عن شكره للقيمين على هذا الحفل "الذين يشاركوننا معاناتنا". ويكشف يوسف أن "المفاوضات الآن تجري للبحث عن وسيط من قبل تنظيم "داعش" وهذه هي العقبة الآن في وجهنا فالدولة قد قدمت وسيطها إلا أننا ننتظر مبادرة "داعش" للتواصل معنا"، مؤكداً أن "المفاوضات الآن هي في حالة جمود"، وداعياً المسؤولين إلى تحمل مسؤولياتهم في هذا الملف.
ويشارك يوسف هذا الأمل العسكريّ المحرر بيار جعجع، الذي يتمنى، عبر "النشرة"، أن يعود جميع المخطوفين بمناسبة هذه الأعياد المجيدة، شاكراً إدارة المدرسة "لأنها فكرت بنا وبأولادنا في هذه المناسبات". وبدورها، تؤكد ماري خوري، شقيقة العسكري المحرر جورج خوري، أن "المخطوفين هم من كل الطوائف وهؤلاء الأطفال يمثلون كل شرائح المجتمع، لذلك يجب أن تصل رسالتهم إلى كل الآذان في هذا العالم"، لافتة إلى أن "هذا النشاط يبقي قضية العسكريين المخطوفين على قيد الحياة.
رُسمت البسمة على وجوه جميع الأطفال والتلاميذ بجو المحبة الذي نشره الريسيتال، إذ تؤكد الطفلة فاتن نصير، وهي إحدى التلميذات في المدرسة، أن هذا اللقاء هو لإدخال السرور إلى قلوب الأطفال الذين حرموا من آبائهم. وتوافقها الرأي سهام الحكيم، أم أحد التلاميذ المشاركين في الريسيتال، وترى أن "اليوم هو يوم فرح لأننا نريد إيصال السلام والمحبة ونتمنى عودة الجميع، وأولادنا قد فرحوا لدى معرفتهم بهذا اللقاء لأنهم شعروا بمشاركتهم في إدخال الفرحة لقلوب المحرومين من رؤية أبائهم".
وبعد النشيد الوطني، ألقت الأخت سماحة كلمة أكدت فيها أن "أعظم ما في الحياة أن يبذل الإنسان ذاته من أجل غيره، فهؤلاء الأبطال أصبحوا لنا حكاية مجد لأنهم مثل جبالنا شامخون ومجبولون بالشمهامة في زمن أصبحت فيه قلوب البعض براء من الإنسانية"، مشددة على "اننا نحن الللبنانيون أبناء نور ونرى الله بعيون الإيمان"، متوجهة إلى الخاطفين بالقول "كونوا رسائل فرح في عيد ميلاد مخلص البشرية وأعيدوا الأمل المكسور لأحضان العائلات وامسحوا الحزن عن عائلات الأطفال وافتحوا قلوبكم لصوت الله". وبعد الريسيتال الميلادي الذي أنشده تلاميذ المدرسة، تم توزيع الألعاب على أطفال العسكريين، ومن ثم انتقل الجميع إلى مأدبة الغداء.
هي رسالة أراد القيّمون على هذا النشاط إيصالها، وعنوانها أنّ قضية العسكريين المخطوفين لدى "داعش" يجب أن تبقى حيّة في ضمائر الجميع، وخصوصًا في زمن الأعياد، الذي تكثر فيه الدعوات والأمنيات بالوصول إلى خواتيم سعيدة، وإن تأخرت كثيراً...
تصوير محمد سلمان (الألبوم الكامل هنا)