تحاول السعودية استرجاع أمجادها عبر غزوات "الإخوان الوهابية" في مرحلة تأسيس الدولة السعودية الأولى عندما غزت الكويت والعراق وسورية وقسماً من الأردن، واستولت على أراضٍ يمنية في نجران وعسير وجيزان، وصولاً إلى الطائف، ثم شرّعت احتلالها باتفاقيات مع زعماء وقبائل اليمن، لكنها سقطت على أسوار دمشق وتراجعت في العام 1810م.
انتفخت المملكة بالنفط والتكفير وتزاوج المال مع "الوهابية"، فأنجبا الغرور والتبذير والحركات التكفيرية من "القاعدة" إلى "داعش" و"النصرة" و"بوكو حرام"، وكل سلسلة الأفاعي التكفيرية التي تلدغ الإسلام والمسلمين على أنغام البهلوان الأميركي والصهيوني، وتم تدريب هذه الأفاعي على عدم لدغ المحتلين، صهاينة كانوا أو أمريكيين أو غربيين، فالوصية والبرمجة "الوهابية" تقول: "لا تلسعوا إلا المسلمين أولاً، وكل من تأمركم أميركا بتكفيره، وإذا عدتم إلينا نعدمكم جميعاً بتهمة الضلالة أو الحرابة، لتحقيق الشرق الوسط الأميركي، ونبت الربيع العربي الخادع الذي بذرت بذاره السعودية وتركيا وقطر من أجل الديمقراطية وتداول السلطة وحرية الرأي".
اعتقدت السعودية وهماً أنها قوة إقليمية عظمى ومؤثرة في السياسة الدولية، واستكملت منظومتها العدوانية؛ من الغزو بالمال والفكر التكفيري، إلى الغزو العسكري، لتثبيت زعامتها في العالم الإسلامي لمواجهة إيران كممثل مغامر بديلاً عن التحالف الأميركي - الصهيوني، وورّطتها أميركا في "الربيع العربي" أولاً، ثم في محنتها الكبرى وخطئها الجسيم في غزو اليمن بعد بث تجريبي في غزو البحرين عبر قوات "درع الجزيرة".
ابتلعت السعودية الطُّعم الأميركي وشكّلت "التحالف العربي" لغزو اليمن، الذي كان مولوداً مشوّهاً، ولم تبقَ معها إلا الجيوش الخليجية "العظمى" و"القاعدة" و"داعش"، والمرتزقة الذين يحفرون في صخر الصمود للشعب اليمني وجيشه ولجانه الشعبية.. تسعة أشهر ولم يولد الأمل السعودي في اليمن، فالحمل السعودي في "عاصفة الحزم" كان وهماً، والمخاض السعودي ظهر في الداخل السعودي كما يلي:
1- بدل التقدُّم البري للسعوديين في الداخل اليمني، كانت الحقيقة بالدخول اليمني إلى الداخل السعودي في جيزان وعسير ونجران، وانكشفت عورة الجيش السعودي ووهم القوة والحزم.
2- استُنزفت السعودية مالياً، فاستدانت من الاحتياط المالي، وألغت المشاريع التنموية الكبرى، وتراجع سعر صرف الريال السعودي لأول مرة منذ 12 عاماً، وتم تخفيض المنَح والبعثات التعليمية.
3- تزايدت صفقات السلاح مع الغرب وأميركا لشراء المواقف السياسية بالمال عبر الصفقات الوهمية بمليارات الدولارات.
4- تم رفع الدعم عن البنزين والغاز والكهرباء والمياه، لتحميل المواطنين السعوديين مسؤولية مغامرة المراهقين في العائلة المالكة.
5- تم إلغاء كل مشاريع شراء السيارات والمفروشات والتجهيز للوزارات والمؤسسات الحكومية، والآتي سيكون أكثر تقشّفاً وقساوة على السعوديين.
6- اقترح بعض العلماء أن يتكفّل المصلون تسديد فواتير الكهرباء والمياه للمساجد!
أما على الصعيد السياسي، فالسعودية تهيم على وجهها وتحاول جمع الحلفاء لإنقاذها من ورطتها في اليمن، مع المكابرة وعدم الاعتراف بالهزيمة والفشل، فتصبّ حمم غضبها على الأطفال والمدنيين والحضارة اليمنية، ثم شكّلت "التحالف الإسلامي" على أنقاض "التحالف العربي" الذي قضى نحبه في أودية وجبال اليمن، وأعلن أعضاء "التحالف" دون علم أكثرهم الذين يكذّبونها بعدم انخراطهم أو معرفتهم بالحلف وأهدافه، فتثور غضباً وتتحالف مع تركيا "الإخوانية"، وتستقبل أردوغان لتشكيل حلف استراتيجي معه ليمثّل صلة الوصل الآمنة والمستترة مع حليفته الاستراتيجية "إسرائيل"، لتصبح "إسرائيل" العدو، حليف الحليف التركي، علّها تنقذ السعودية وتساعدها في سورية ولبنان ضد المقاومة والدولة السورية، وتساعدها في اليمن ضد "أنصار الله" والجيش اليمني، بحجة الدفاع عن الأمن القومي الصهيوني وخطوط الملاحة البحرية للصهاينة.
حاولت السعودية شراء الموقف الروسي؛ في محاولة ساذجة ومراهقة، فصفعها الروس بالتدخُّل العسكري في سورية، والتهديد بالتدخُّل في مصر واليمن أو أي بلد يطلب المساعدة الروسية لمكافحة الإرهاب.
السعودية في لحظة فقدان التوازن المالي والسياسي والعسكري، مضافة إلى عدم الاستقرار والتوازن والوحدة في العائلة المالكة، وكذلك عدم الاستقرار الداخلي في الجنوب والمناطق الشرقية، ولاحقاً في كل المملكة، خصوصاً بعد إعدام الشيخ نمر النمر وبقية المتهمين الذين يتوزعون على القبائل السعودية.
السعودية أمام منعطف خطير، فإما انهيار المملكة وعائلتها المالكة، أو الفوضى، فالركيزة الأساس المتمثلة بالنفط تنهار مع انخفاض الأسعار وتراجع دور النفط لصالح الغاز في العقود المقبلة، وكذلك مستقبل أبنائها التكفيريين الذي يبدو مقلقاً لها، بعدما شعر العالم ورعاته بأنه وحش كاسر يهدد الإنسانية، فبدأوا بحصاره حتى لا يتمدد إليهم، وبعد الضربات المؤلمة التي يوجهها حلف المقاومة بالتعاون مع روسيا.
السعودية تتقشف وتتكشف، ويظهر عريها في عاصفة الوهم والخيبة.