ذكرت "الوطن" انه في سنة واحدة، تمكن عاهل السعودية الجديد، الملك سلمان، من توطيد أركان حكمه على حساب باقي فروع العائلة، بمن في ذلك جماعة الأمير بندر بن سلطان، والملك الأسبق عبد الله. لكن، لا أحد يعرف ماذا وعدت واشنطن الخاسرين كي لا يقوموا بأي محاولة لاسترداد سلطاتهم التي فقدوها. على أية حال، هناك رسائل مجهولة نشرت في الصحافة البريطانية، تسمح بالاعتقاد أن هؤلاء لم يتخلوا عن أطماعهم. حين أٌجبر الملك سلمان على تعيين الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد، سارع على الفور إلى عزل الأخير، والتضييق على صلاحياته لحساب ابنه الأمير محمد بن سلمان، الذي يعجز مجلس العائلة الذي لم يعد ينعقد مطلقاً، أن يهدئ من اندفاعه ووحشيته.
واشارت الصحيفة السورية الى انه في الواقع، هو ينفرد بالحكم مع والده كطغاة بلا أي سلطة موازية، في بلد يحظر تشكيل الأحزاب السياسية، ولم ينتخب فيه برلمان قط. بهذا الشكل فرض الأمير محمد بن سلمان تشكيل إدارة جديدة لمجموعة بن لادن، والاستيلاء على شركة آرامكو. المهم بالنسبة له، إبعاد أبناء عمومته، ووضع جلاوزة من التبًع مكانهم على رأس الشركات الكبرى في المملكة. وعلى صعيد السياسة الداخلية، يرتكز النظام السعودي على نصف السكان من السنًة أو بالأصح الوهابيون، بتمييزهم عن النصف الباقي من السكان. زالأمير محمد بن سلمان، هو من أشار على والده بدق عنق الشيخ نمر باقر النمر، لأنه تجرأ وتحداه. بعبارة أخرى، فقد حكمت الدولة على أكبر معارض لها بالإعدام، لارتكابه جريمته الوحيدة بترديده شعار "لامشروعية للاستبداد".
واوضحت ان حقيقة أن هذا الزعيم المعارض كان شيعيا، تعزز مشاعر التمييز العنصري ضد كل من هم من غير أهل السنًة، الممنوعين من التعليم الديني، وشغل الوظائف العامة في الدولة. أما غير المسلمين الذي يشكلون ثلث عدد السكان، فمحظور عليهم ممارسة طقوسهم الدينية، ولا يمكن لهم الحصول على الجنسية السعودية. أما على المستوى الدولي، فينتهج الأمير محمد ووالده الملك سلمان سياسة تستند إلى القبائل البدوية في المملكة. فقط بهذا الشكل يمكننا أن ندرك استمرار المملكة، في آن واحد، بتمويل حركة طالبان في أفغانستان، وتيار المستقبل في لبنان، في مقابل سحق الثورة في البحرين، ودعم المسلحين في سوريا والعراق، وغزو اليمن.
وتابعت "الوطن"، لم يتوان آل سعود يوماً عن دعم أهل السنًة- الذين يرون أنهم الأقرب لوهابية دولتهم- ليس ضد الشيعة الاثني عشرية فحسب، بل أولا وقبل كل شيء، ضد السنًة المتنورين، ثم تتوالى بعدهم كل الديانات والمذاهب الأخرى (كالإسماعيليين، والزيديين، والعلويين، والدروز، والسيخ، والكاثوليك، والأرثوذوكس، والأسباط، واليزيديين، والزردشتيين، والهندوس، وما إلى ذلك). لكن دعمهم الأكبر يذهب أولاً، وفي كل الأحوال إلى الزعامات التي تعود أصولها لكبرى القبائل السنية في شبه الجزيرة العربية.
ورأت ان إعدام الشيخ نمر، بدا وكأنه نزوة زائدة عن حدها، وجعل من سقوط المملكة أمراً لامفر منه، لأنه لم يعد لدى من يعيشون هناك أي أمل يرتجى، وسيجد البلد نفسه مقبلا على مزيج من حركات التمرد القبلية، وثورات اجتماعية، قد تكون أكثر فتكا ودموية من كل ما شهده الشرق الأوسط من صراعات.