تزامناً مع الهجمة السعودية الشرسة ضد إيران وحزب الله، والتي انطلقت عقب إعدام الشيخ المعارض نمر النمر، وعلى وقع التحذيرات الدبلوماسية الغربية بضرورة التنبه مما يُحضَّر للبنان على خلفية الكباش السعودي - الإيراني الذي وصل إلى ذروته، مُلحَقة بأخرى نبّهت من دخول "إسرائيلي" على خط التصويب السعودي غير المسبوق ضد حزب الله، كشفت تقارير أمنية وصحافية عن تداعيات ساخنة أرستها عملية مزارع شبعا الأخيرة، على الدوائر الاستخبارية "الإسرائيلية"، لعل أخطرها استقالة رئيس شعبة التحقيقات بالمخابرات الحربية "أمان"؛ إيلي بن مائير، على خلفية مصرع ثلاثة ضباط، أحدهم يشغل مركزاً حساساً بالموساد، كانوا في عداد الدورية المستهدفة، وفق إشارة التقارير، والتي تسببت بتقاذف المسؤولية بين مختلف الأجهزة حيال الخرق الخطير الذي سجّله الحزب في جدار المنظومة الاستخبارية "الإسرائيلية"، وسط تكتم إعلامي مُطبق، حدت بصحيفة "هآرتس" إلى توصيف "إقالة مسؤول كبير بالمخابرات الإسرائيلية بالزلزال"، وسط دعوات إلى ضرورة الرد على حزب الله "في عقر داره"، في وقت لفتت مصادر صحافية لبنانية إلى اجتماعات متلاحقة يتولاها ضباط خليجيون مع رؤوس تنظيمات تكفيرية في المخيمات الفلسطينية في بيروت، وصولاً إلى تزويد تكفيريي عين الحلوة في صيدا بخطط تُفضي إلى إشعال اشتباكات مع محيطه، تؤدي بالتالي إلى قطع طريق صيدا بيروت؛ الشريان الحيوي للمقاومة، أُرفقت بالتحذير من خطر استهداف شخصية دينية، لإلصاق التهمة بحزب الله، وتكون بالتالي مبرراً لتطويق الحزب داخلياً واستنزافه، تنفيذاً لأمر عمليات سعودي - "إسرائيلي".
وفيما ادعت "إسرائيل" أن لا ضحايا في عملية مزارع شبعا الأخيرة، وإعلانها بعد أيام عن مقتل قائد قسم في لواء "كافير"، يدعى يشاي روسلس، خلال تدريبات سلاح المدفعية في قاعدة "تسهليم"، كشفت تقارير صحافية عن مقتل ثلاثة ضباط "إسرائيليين" في عملية المزارع، أكدتها لاحقاً معلومات خبير في الشؤون "الإسرائيلية" جزم أن الضابط القتيل لم يكن موجوداً أصلاً في تلك التدريبات التي خُصّصت حصراً بسلاح المدفعية، لافتاً إلى أن لواء "كافير" مختص بمهمة حصرية هي ملاحقة الشبان الفلسطينيين واعتقالهم، ومداهمة منازلهم والتمركز على الحواجز العسكرية، ليخلص بعدها إلى تأكيد مصرع الضابط المذكور في عملية حزب الله. وربطاً بالأمر، نقلت صحيفة "داغسافيس" النروجية عن مسؤول أمني "إسرائيلي" لم تحدد اسمه، أن إشارات كثيرة وشبه مؤكدة تلقّفتها أجهزة الاستخبارات "الإسرائيلية"، تشير إلى وقوف الحزب أيضاً وراء مصرع مسؤول جهاز العمليات الخارجية في الموساد وسط تل أبيب، مقراً بأن تمكُّن مقاتليه من اختراق أجهزة الرصد وكاميرات المراقبة "الإسرائيلية" لتنفيذ عمليتهم في وضح النهار، رغم الاستنفار الأمني والاستخباري الذي وصل إلى حدوده القصوى على الحدود مع لبنان عقب اغتيال سمير القنطار، تسبب ببلبلة غير مسبوقة في أجهزة الاستخبارات "الإسرائيلية"، أطاحت إلى الآن برئيس شعبة التحقيقات في جهاز "أمان"، وإقصائه عن منصبه.
وفي السياق، لفت جاي هالين؛ المحلل في صحيفة "ناشونال ريفيو"، إلى أن "إسرائيل" مُنيت بضربة قاسية تكتّمت عليها بشكل كامل في عملية حزب الله الأخيرة. وإذ أشار إلى أنها والسعودية تسعيان إلى "تطويق" الحزب في لبنان، عبر ورقة التكفيريين داخل المخيمات "الإسرائيلية"؛ كما في بعض المناطق اللبنانية الحاضنة لهؤلاء، كشف أن رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، المتحمس لتظهير التحالف السعودي - "الإسرائيلي" إلى العلن، والذي باشر مؤخراً باستحداث غرفة عمليات مشتركة تضم ضباطاً من جهازه وآخرين سعوديين، إضافة إلى نظراء من الإمارات والبحرين، عمد إلى توسيع النشاط الاستخباري "الإسرائيلي" في لبنان بشكل لافت خلال الأسابيع الأخيرة، معتبراً أن المخطط السعودي لتحريك مقاتلي "داعش" باتجاه الشمال اللبناني، ما زال قائماً، رغم ابتعاده عن دائرة الضوء.
بالتزامن، نقلت صحيفة "بيلد" الألمانية عن دبلوماسي غربي في سلطنة عُمان، قوله إن الهجمة السعودية الشرسة باتجاه حزب الله، والتي تجلّت بافتعال "مجاعة" بلدة مضايا السورية، "نتيجة حصار الحزب"، والتي كذّبتها الصور المفبرَكة وتقارير الصليب الأحمر الدولي، كما الخلية المزعومة التابعة لحزب الله في البحرين، حسبما ادعى نظامها، ترجمة لإيعاز سعودي، وليس آخرها مشهد الجامعة العربية، حيث حشدت السعودية الدول العربية والخليجية لإدانة حزب الله وربطه بالإرهاب، ولن تكون آخر الأوراق التي تلعبها المملكة بهدف "شيطنة" صورة الحزب، فلبنان يبقى الساحة المريحة التي تستطيع من خلالها إرباكه وإزعاجه، نظراً إلى الأذرع الكثيرة التي تمتلكها في الداخل اللبناني، خصوصاً التكفيرية منها.
وعليه، لا تستبعد عواصم إقليمية ان يصل تهوّر الأمير محمد بن سلمان إلى المغامرة بأوراق خطيرة إضافية في المنطقة، تحديداً في لبنان، لاستهداف حزب الله، أمر يرصده الحزب ويتحسّب له جيداً في خضمّ الهجمة السعودية غير المسبوقة ضده، كما الحساب المفتوح مع "إسرائيل" وتنظيماتها التكفيرية.