رأى عضو المجلس الدستوري، أنطوان مسرّة، اننا في "مرحلة صياغة أخرى للأمم المتحدة يكون لها حد مقبول من الفعالية في العالم. ونلاحظ تحوّلاً آخر على مستوى الدول، فسلطة الدولة في تراجع حتى في الدول العريقة في الديمقراطية بسبب تنامي الفردانية وحقوق الفرد، وهذا شيء إيجابي"، لافتاً الى اننا "نرى اليوم في قضية لبنان أن هناك دعماً دولياً للبنان ولعل أكثر القرارات التي صدرت عن الأمم المتحدة كانت دعماً للبنان لكن الدول بعد تجربتها في دعم لبنان تريد أن تدعمه من دون مخاطرة لأن العمليات الإرهابية لا تزال في ذاكرتها واللبنانيون لم يستوعبوا بعد بشكل كافٍ هذا الموضوع أي الاعتماد على أنفسهم"، معتبرأً انه "يجب الإشادة بالقيادات اللبنانية التي خاطرت بحياتها في اتخاذ مواقف لحماية لبنان وعندما قال بعض القيادات "لا" كان مصيرها الاغتيال مثل الرئيس رينيه معوض والرئيس بشير الجميل ورئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. نحن في طور الاعتماد على النفس في جوار مضطرب لكن لا أحد يمنعنا مباشرة من اتخاذ القرار".

ولفت مسرة في حديث صحفي الى انه "ظهرت في الآونة الأخيرة شعارات كثيرة في الشارع عن المحاسبة لكن قاعدة المحاسبة في لبنان مفقودة في ذهنية الحكومات التي تضم الجميع "الائتلافية" لأنها تلغي المحاسبة من الجذور ولأنها أصبحت برلماناً مصغّراً يضم كل الفرقاء ولا يمكن للبرلمان أن يحاسب نفسه. بوجود الوزراء الذين يمثلون كل الكتل أصبحت اجتماعات مجلس الوزراء تقاسم نفوذ ومنافع ولم يعد كتلة متضامنة معرّضة للمحاسبة إما من قبل المجلس أو من قبل الناس"، مشدداً على اننا "في نظام شخصي موحد. الحكومة ليست في نظام فيديرالي حيث تتخذ المناطق القرارات وتحكم نفسها في كل شؤونها الداخلية. الحكومة هنا مركزية"، موضحاً ان "هناك معارضة في المجتمع لكن هذه المعارضة هي جزء من القوى السياسية الموجودة في السلطة، فعندما ينتقد المجتمع الطبقة السياسية الموضوع يحتاج الى توضيح لأن الذين ينتقدون الطبقة السياسية من المجتمع هم جزء من الطبقة السياسية ومستفيدين منها".

واشار مسرة الى "وجود أزمة تمثيل لدى الجميع"، مشدداً على ان "المجتمع في حالة ضعف لأن المجتمع المدني جزء منه والمؤسسات الدينية والنقابات والقوى الاقتصادية وهي غائبة، مستتبعة أو متقاعسة. فالمسيحيون لديهم موقع في الدستور اللبناني وليسوا كما الأقباط في مصر، وهذا المنحى عند بعض المسيحيين في لبنان في البحث عن تجمع للأقليات ونقل أنماط الدول العربية الأخرى يفقدهم دورهم الريادي. هناك تغيّر جذري في الذهنيات لدى القيادات الإسلامية، نتيجة "ثورة الأرز" و"ربيع بيروت" لأن المسيحيين عنصر توازن بين الطوائف الأخرى ودورهم مطلوب وملحّ، لكن هناك استغلال نفسي لبعض المسيحيين، وهذا بحاجة لمعالجة نفسية".

واعتبر مسرة انه "لا توجد صحوة عربية، وهذه أيضاً نتيجة تراجع المثقفين والنخب والجامعات"، لافتاً الى ان "كل هذه الثورات وربيع براغ تخلق ديناميكية جديدة لكن التغيير يتطلب عملاً ثقافياً وتربوياً. اليوم مع منجزات الحضارة والتقدم في المفاهيم الحقوقية، لو أخذت النخب دورها يمكن أن تحقق إنجازاً في أقل من خمس سنوات. ظاهرة تونس والمغرب مهمة جداً"، مؤكداً ان "الربيع العربي سيعطي ثماراً. لكن المدة هي المشكلة لأن الجامعات والمثقفين يتصرفون كما لو أن لا دور لهم في هذا التحوّل".

وحول مواجهة العرب لظاهرة الارهاب، رأى مسرة ان "الدين الإسلامي بحاجة لاتخاذ مواقف. الأزهر بدأ بهذه الخطة".