تشير كل المعطيات المتوفرة حتى هذه الساعة إلى أنّ دعم رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ترشيح رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون لمنصب رئيس الجمهورية، انتقل الى الثلاجة، مثله مثل مبادرة رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري تبنّي رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية لنفس المنصب.
ان الاسباب التي جعلت مبادرة الحريري تذهب الى الثلاجة، هي وبحسب مصادر سياسية متابعة، انها ناقصة، وان الجمهورية الاسلامية الإيرانية، التي وبحسب رئيس "كتلة المستقبل" النائب فؤاد السنيورة قد ابدت موافقة مبدئية، تراجعت عن موقفها لأسباب غير واضحة.
اما وضع ترشيح جعجع لعون في الثلاجة جنبا الى جنب مبادرة الحريري، فاسبابه عديدة، وفي طليعتها اصرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري على دعم فرنجية، طالما ان هذا الاخير لم يسحب ترشيحه.
واعتبر البعض ان الجولة الاخيرة التي قام بها وزير المالية علي حسن خليل، تندرج في إطار المشاورات حول الانتخابات الرئاسية، لكن المعلومات تؤكد ان الزيارات التي قام والتقى خلالها الرئيس السابق ميشال سليمان، ورئيس "حزب الكتائب" سامي الجميل تمحورت حول ايجاد حل للتعيينات الأمنية، تمهيدا لتفعيل العمل الحكومي، المهدد بالشلل مجددًا، بسبب الخلاف بين "التيار الوطني الحر" ووزراء سليمان حول الأسماء المقترحة للمجلس العسكري، وخصوصًا اسماء الضباط المسيحيين.
وتقول مصادر نيابية في "التيار الوطني الحر" ان الجنرال عون قدم ما فيه الكفاية من التنازلات في هذا الملف، ولا يمكنه ان يتنازل عمّا يعتبره حقه في تعيين العضوين المسيحيين سواء الكاثوليكي او الأرثوذكسي.
وانطلاقا من هذه القناعة العونية، ابلغ وزير الخارجية جبران باسيل المعنيين ان "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" لن يعترضا على جدول اعمال الجلسة السابقة، لكنهما يصران على ان يكون بند التعيينات الأمنية هو البند الاول في اي جلسة مقبلة لمجلس الوزراء.
وتؤكد المصادر ان الوزير باسيل سلم رئيس الحكومة تمّام سلام اسم العميد سمير الحاج وهو أرثوذكسي، والعميد جورج شريم وهو كاثوليكي، مشددا على ان لا مساومة حول هذا الحق.
لكن وزير الدفاع سمير مقبل وبالتنسيق مع القيادة في اليرزة يفضلان ان يتم التعيين بناء على اقتراح قائد الجيش العماد جان قهوجي خاصة وان علاقة هؤلاء الضباط، في العمل ستكون مباشرة مع القائد.
وقالت مصادر متابعة لهذا الملف ان بري حرص على حل هذا الإشكال، الذي يعتبره أساسيًا لتحريك النشاط الحكومي، فكلف وزير المالية تذليل العقبات مع المعنيين مباشرة بهذه العقدة.
واشارت هذه المصادر الى ان الجهود التي قام بها الوزير علي حسن خليل فتحت ثغرة، لكنها لم تحل المشكلة، بسبب أصرار كل فريق على موقفه.
ومن بين الحلول التي طرحت ان يسمي الجنرال عون ضابطاً شيعيًا وآخر مسيحيًا، لكن هذا العرض لم يحلّ المشكلة.
ويصر الفريق الوزاري للرئيس السابق سليمان، وخصوصًا وزير الدفاع، على تعيين العميد غابي الحمصي وهو كاثوليكي، والعميد سمير عسيلي وهو أرثوذكسي.
وقال وزير الدفاع سمير مقبل بعد زيارته لبري مؤخّرًا، انه اصبح بامكانه استعمال صلاحياته وتسمية الضباط المرشحين للمجلس العسكري، عندما يبحث مجلس الوزراء في هذه التعيينات.
وبانتظار عودة رئيس الحكومة تمام سلام من زيارته الخارجية، واطلاعه على نتائج الاتصالات، كي يقرر ما اذا كان سيدعو الى جلسة وفيها بند التعيينات العسكرية، تخشى مصادر سياسية من انه في حال عدم التوصل الى اتفاق مع العماد عون حول هذا الموضوع قبل اي جلسة يمكن ان يدعو اليها سلام، من ان يتم تعيين مسيحي واحد للعماد عون، وموافقة مجلس الوزراء على هذا الامر، حتى في غياب وزيري التيار والحزب، كما حصل في ملفات خلافية اخرى.
في النهاية إنّ الأسبوع المقبل وعودة سلام من دافوس، سيجعل من حكومة سلام امام احتمالين، اما ان تذهب الى الثلاجة مع مبادرتي الانتخابات الرئاسية، او تسلك طريقها نحو التفعيل، للتعويض عن احتمال حصول فراغ كامل في جميع مؤسسات الدولة.