تبدأ في لندن غداً أعمال مؤتمر «دعم سوريا والمنطقة»، برعاية الأمم المتحدة وبريطانيا والكويت والنروج وألمانيا. ويهدف المؤتمر الذي تحضره 70 دولة ومنظمة دولية وحكومية، بحسب وزيرة التنمية الدولية البريطانية جستين غريننغ التي زارت بيروت منتصف الشهر الماضي، الى «حثّ المجتمع الدولي على مضاعفة مساعيه لتلبية احتياجات الملايين من المتضررين من هذه الأزمة المطولة، ومساعدة دول مثل لبنان الذي أظهر سخاءً في استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين».
وزير الخارجية جبران باسيل أكّد لـ «الأخبار» أن «لدينا نقزة دائمة من طريقة تعامل المجتمع الدولي مع مسألة النزوح والنازحين. هذا المجتمع يريد حلّ مشاكله وحماية نفسه خصوصاً بعد موجة النزوح التي استهدفته، وهو بدأ يتفهّم ما كنّا نحذّر منه، ولكن سنرى ما إذا كان المؤتمر سيحمل تغييراً في المقاربة لمسألة النزوح». ودعا الحكومة الى «أن تكون حذرة جداً، وعدم التساهل في تمرير أي عبارات بذريعة القوانين الدولية قد تحمل في طياتها تشجيعاً على بقاء مستدام للنازحين في لبنان»، مشدداً على «أننا لن نقبل أي تسهيلات جديدة». ووصف باسيل المؤتمر بأنه «اختبار للمجتمع الدولي ولنياته في مساعدة لبنان، حكومة وشعباً واقتصاداً، وبالمساعدة على العودة الآمنة للسوريين الى بلادهم». وأوضح أن لبنان سيقدّم في المؤتمر «مشروعاً هو الاول من نوعه يفضي الى إعادة السوريين الى بلادهم عودة آمنة وكريمة. وهذا المشروع يقوم أساساً على انماء لبنان ومساعدة اللبنانيين مباشرة عبر مشاريع انتاجية في القطاعات التي يسمح للسوريين العمل فيها كالزراعة والبناء. وإذا تمت الموافقة عليه سنعمل على وضع الاطر والقوانين المناسبة في مجلس الوزراء».
وتتضمّن الورقة الرسمية للمؤتمر أهدافاً لا تثير كثيراً من الارتياح بالنسبة الى لبنان، أهمها زيادة المبالغ المالية لدعم برامج مرتبطة بأزمة النازحين، و«التوجه نحو الحاجات البعيدة الأمد للذين تأثروا بالأزمة السورية، وذلك عبر خلق فرص اقتصادية وتربوية وفرص عمل، على أن يشمل ذلك السوريين الذين لا يزالون في سوريا، والذين نزحوا إلى بلدان مجاورة».
ومكمن القلق اللبناني هو الخشية من أن يكون الهدف من هذا المؤتمر وغيره تحويل أزمة النازحين الطارئة إلى أزمة مستدامة في الدول التي تستضيفهم، عبر احتوائهم على صعيدي العمل والتعليم، للحدّ من النزوح الى الغرب عبر توفير الأموال لإبقائهم بعيداً عنه، وتحسين أوضاعهم في المجتمعات المضيفة بما يمكن أن يتطور دمجاً لهم في هذه المجتمعات على المدى البعيد، وهذا ما يسمّى في لبنان تحديداً: التوطين.
مصادر مرافقة للوفد اللبناني الذي يرأسه رئيس الحكومة تمام سلام ويضم وزير التربية الياس بو صعب قالت لـ «الأخبار» إن لبنان «ذاهب الى المؤتمر برؤية موحدة، بصرف النظر عن الخلافات الداخلية، ومفادها أن العودة الآمنة للسوريين الى بلادهم هي الحل الوحيد لأزمة النازحين، وأن لا وجود مستدام لهم في لبنان»، من دون اغفال «الواجبات الانسانية تجاه هؤلاء، خصوصاً أن 80 في المئة من النازحين السوريين الـ 1,8 مليون المسجلين في لبنان هم الفئات الأكثر ضعفاً، أي النساء والأطفال». وأوضحت أن «الجميع يعلم أن الأزمة طويلة الأمد وتحتاج الى معالجة غير آنية، وهي ترتّب على لبنان أعباء مالية واقتصادية وأمنية واجتماعية. والورقة اللبنانية الى المؤتمر تتضمّن مشاريع وأفكاراً ومقترحات في مجالات الأمن والتربية والبنى التحتية والاقتصاد لمساعدتنا على استيعاب الانعكاسات السلبية. ولكننا لسنا ذاهبين لنجمع أموالاً، بل أساساً لنحصد دعماً لرؤيتنا الى حل هذه الأزمة».
وقالت المصادر إن لبنان سيطرح في المؤتمر مشروع step وهو برنامج موجّه أساساً لدعم الاقتصاد اللبناني من خلال خلق حوافز لأرباب العمل في قطاعات معينة، مما يساعد على خلق فرص عمل تستوعب العمال السوريين ممن يحملون إجازات عمل شرعية، على أن يتعهّد هؤلاء مع انتهاء فترة البرنامج تقاضي مستحقاتهم والعودة الى بلادهم. كذلك ستطرح في المؤتمر مشاريع تربوية وأخرى لتطوير البنى التحتية في مجال الطرق ومعالجة النفايات الصلبة وتطوير السجون.
إلا أنه في المقابل، لا تُعلّق آمال كبيرة على النتائج المالية للمؤتمر في ظل الركود الاقتصادي العالمي وانهيار أسعار النفط. إذ يقدر المنظّمون حجم حاجات مقاربة أزمة النزوح السوري بـ 8.96 مليار دولار، فيما كانت حاجات العام الماضي 7,4 مليار دولار، لم يتأمن منها إلا 53 في المئة فقط. علماً أن الأردن وحده، على سبيل المثال، تقدم بورقة يطالب بموجبها بنحو عشرة مليارات دولارات لمواجهة أزمة النازحين على أرضه.