كل شيء يسير على ما يرام في ملف ترحيل النفايات، وبحسب الخطة التي وضعتها لجنة الوزير أكرم شهيب وأقرها مجلس الوزراء في الشهر الأخير من العام 2015، وكلّ كلام عن نيات بالعرقلة من هنا ومحاولات يتم التحضير لها في الكواليس من هناك، لن يؤثر على البدء بتنفيذ الترحيل خصوصاً أن العملية وصلت الى مراحلها النهائية ولم يعد هناك مجال بالرجوع الى الوراء ولو خطوة واحدة، بعدما غرقت الشوارع بجبالالنفايات، وبعدما بات الحرق اليومي للنفايات جريمة متفشية لا يقدّر مرتكبوها مدى خطورتها لناحية الإنبعاثات الناتجة منها لا سيما مادة الديكوسين الملوثة للهواء.
أكثر من مرتاح، الوزير شهيب لناحية إستكمال الإجراءات التقنية والإدارية اللازمة بين مجلس الإنماء والإعمار المكلف من الحكومة تنفيذ قرارها، وشركة "شينوك" البريطانية التي رست عليها عملية الترحيل بعدما باتت شركة howa الهولندية خارج دائرة المنافسة بسبب الشروط المرفوضة التي وضعتها على "الإنماء والإعمار" في اللحظات الأخيرة التي سبقت إنتهاء مهلة تقديمها الكفالة المصرفية.
وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أن إرتياح شهيب لم يأت من لا شيء بل ينطلق من عدة معطيات تكونت لديه خلال الإتصالات اليومية التي يجريها، حتى لو أن الطابة باتت في ملعب "الإنماء والإعمار"، وأبرز هذه التطمينات تلك التي حصل عليها من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي حكي أنه ضد الترحيل ليتبين لوزير الزراعة العكس. وفي المعلومات، إستدعى شهيب ممثل الشركة البريطانية الى مكتبه، قبل أن تقدم الأخيرة لمجلس الإنماء والإعمار موافقة روسيا على إستقبال نفايات لبنان، وكان الإستدعاء بهدف التأكد من أن الشركة حصلت على موافقة من إحدى الدول، خصوصاً بعد المعلومات التي سربها معارضو الترحيل، عن أن ما من بلد في العالم أعطى موافقته لـ"شينوك" على إستقبال النفايات المرحلة من لبنان. وفي الإجتماع المذكور سمع شهيب سلسلة تطمينات من ممثل الشركة، أبرزها أن "بحوزة شينوك أكثر من موافقة دولية على إستقبال النفايات اللبنانية، وعندما يتم الكشف عن هذه الموافقات تدريجياً ستكون المفاجأة الإيجابية".
وبالفعل كانت المفاجأة أكثر من إيجابية بحسب المتابعين لهذا الملف عندما تم الكشف عن أن الموافقة الأولى روسية، وذلك لأسباب عدة. السبب الأول يعود الى أن روسيا دولة عظمى يشهد لها في تركيبة نظامها وتماسك مؤسساتها، وبالتالي من غير الوارد أن تواجه الحكومة اللبنانية أي مشكلة لناحية سحب روسيا موافقتها هذه بعد إعطائها لشركة "شينوك"، إذا تغيّر الوزير أو المسؤول الذي وقّع على هذه الموافقة، كما أنه من الصعب جداً في دولة كروسيا تزوير مستندات رسمية بحجم هذه الموافقة، كما حصل مع الشركة الهولندية عندما حصلت على موافقة من جمهورية سيراليون، ليتبين فيما بعد أن المستند المقدم اليها مزوّر من قبل مستشار رئاسي سابق، والقضية اليوم باتت أمام القضاءين السيراليوني واللبناني، لأن القنصلية السيراليونية في لبنان تصر على معرفة هوية الشخص اللبناني الذي لعب دور الرابط بين الشركة البريطانية والمستشار الرئاسي السابق في سيراليون، لتورطه بهذه الصفقة.
أما السبب الثاني الذي زاد منسوب الإيجابية، فيتعلق بطريقة معالجة هذه النفايات في روسيا، ألا وهي تقنية الحرق. ففي الحرق، الذي أكدت مستندات الموافقة الروسية إعتماده لمعالجة نفايات لبنان، مخاطر أقل بكثير على الدولة اللبنانية مقارنة مع الحلول الأخرى كالطمر والرمي العشوائي، إذ أن الحرق يعني التخلص نهائياً من هذه النفايات وعبر محارق صديقة للبيئة وغير ملوثة للهواء الروسي، وعندما يتم التخلص من هذه النفايات، ترتاح الدولة اللبنانية من التفكير بالأخطار التي قد تنتج عن الطمر والرمي ومن المسؤوليات التي قد تترتب عنها دولياً إنطلاقاً من الإتفاقيات الموقعة التي ترعى عملية الترحيل هذه.
إذاً الجميع في إنتظار توقيع العقد مع "شينوك" بعد التأكد من صحة المستندات، يليه تقديمها كفالة حسن تنفيذ العقد، وبعدها يبدأ الترحيل، كل ذلك سيتم خلال شهر شباط الحالي، وقبل إنتهائه.