يبدأ الصوم لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي بعد أحد عرس قانا أو أحد المرفع، ويفتتح بإثنين الرماد. وزمن الصوم هو زمن ليتورجي يعاش بالصوم والصدقة والندامة ويتمحور حول فكرة التوبة والعودة الى الذات.
تختلف تواريخ زمن الصوم عند الطوائف المسيحية بين تلك التي تتبع التقويم الغربي، والتقويم الشرقي. وبالتالي، فإنّ تلك الطوائف تحتفل بالقيامة يسوع المسيح في مواعيد مختلفة(1)، على الرغم من توق المسيحيين الى توحيد عيد الفصح لديهم.
يصادف هذا الأحد أحد المرفع لدى الطوائف الكاثوليكيّة، وهو الأحد الرابع من آحاد التهيئة للصوم الكبير والاخير فيها، وهو معروف بأحد المرفع، ويسمّى أيضاً بأحد الغفران. وفي هذا الإطار تشرح العضو بأخوية الحبل بلا دنس منى خلف عبر "النشرة" أن "أحد المرفع أو أحد مدخل الصوم هو بداية معركة روحية نسعى من خلالها الى التشبّه بالمسيح الذي خاض معركة مع الشيطان، ونعمل في هذه الفترة لندخل الصوم ونخرج منه أنقياء القلوب". أما طارق حايك فيشير الى أن "المعركة التي يخوضها الإنسان في هذا الزمن ترمز الى إنتصاره على ذاته والترفع عن كلّ الخطايا والملذّات"، شارحاً أن "خميس السكارى هو بداية فرح يستمر حتى أحد المرفع يتغذى المرء منه لينطلق نحو مسيرة الصوم".
في هذا الاطار يشرح كاهن رعية سانت تريز الفياضية الأب عصام ابراهيم أن "الأسبوع الذي يسبق بدء الصوم هو اسبوع تذكار الموتى المؤمنين، ومنذ القدم كان المجتمع الزراعي هو السائد، فكان البشر يربّون المواشي منذ تشرين الاول ويذبحونها ويأكلون من لحمها قبل بدء الصوم وتحديداً يوم الخميس الذي سمي خميس السكارى لهذه الأسباب"، لافتاً الى أن "هذا الاسبوع سُمّي أيضاً أسبوع مرفع اللحم، وفيه يتناول الإنسان كل أنواع اللحوم وينقطع عنها في فترة الصيام".
يسمّى الأسبوع الأول من بداية الصوم أسبوع "القطاعة" أي الانقطاع عن جميع المواد الحيوانية والألبان والأجبان ومشتقاتهم. هذا ما يؤكده الأب ابراهيم، لافتاً الى أننا "نتقشّف ونحرم أنفسنا من تناول ألذ الأطعمة ونكون بعيدين كل البعد عنها تحضيرا للدخول في زمن القيامة".
في المحصلة، يعتبر زمن الصوم لدى المسيحيين أكثر المحطات أهميةً في حياتهم، وهو مدعاة أن يكون مسيرة يوميّة خلال عبورهم هذه الحياة الأرضية وبكل دقيقة فيها لعيش القيم الروحيّة والانسانية، حيث من غير المهم ما يأكل الانسان او ما يلبس، لأنّ الله يهتمّ بالانسان كقيمة بشريّة وكمخلوق يريده على صورته ومثاله.
تصوير يورغو رحال
(1)إنّ الفرق بين التقويمين في العيد يكون إمّا أسبوعاً أو خمسة أسابيع. فإذا وقع العيد في نفس الشهر القمري، فإما أن يكون الفصح سوية، وإما أن يتأخر الشرقيون أسبوعاً حتى يكمل بدرهم. وإذا وقع في الشهر الذي يلي قمر الربيع الحقيقي أو قمر نيسان، فيعيد الشرقيون في قمر أيار الفلكي وهو الثاني لا الأول من الربيع وحينئذ يكون الفرق خمسة أسابيع. وعلى ذلك نعطي الأمثلة التالية: إذا وقع البدر في 22 آذار، وكان يوم سبت مثلاً، فيكون عيد القيامة في الأحد الذي يليه مباشرةً، أي يوم 23 آذار، أمّا بحسب التقويم اليولياني، فيجب الانتظار 29 يوماً، أي حتّى ظهور البدر التالي، فيقع عيد الفصح بحسب هذا التقويم في 27 نيسان، أي يكون الفرق في العيد بين التقويمين خمسة أسابيع، كما هو هذا العام. وإذا وقع البدر، الذي يلي الاعتدال الربيعي، في 8 نيسان مثلاً، وكان يوم أحد، فيكون الأحد التالي أي 15 نيسان هو يوم عيد القيامة، ولا يكون هناك فرق بين التقويمين، بل يكون العيد سويةً، وذلك كما حدث في عام 2001… وهكذا دواليك.