أقرت الحكومة اللبنانية سلفة بقيمة 50 مليون دولار لمجلس الانماء والاعمار لعملية ترحيل النفايات، واعلن رئيسه نبيل الجسر ان "توقيع العقود سيتم خلال يومين"، كاشفا عن ان الوجهة هي روسيا.
وعلمت "النشرة" أن وزير الزراعة أكرم شهيّب يملك موافقة روسيّة غير رسميّة على استقبال النفايات، وهو يحاول تأجيل الكشف عنها قبل نيلها الصفة الرسمية عبر تصديق السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسبكين او عبر ورقة رسمية من موسكو مباشرة، وهذا يطرح علامة استفهام كبيرة تذكّرنا بما قيل أنّها موافقة صدرت عن دولة سيراليون. بالاضافة الى ذلك، يتبيّن من خلال الموافقة الروسية ان روسيا تقبل النفايات حسب شروطها وليس حسب شروط اتفاقية "بازل"، ما يعني في هذه الحالة وجود احتمالين: الاول ان تكون شروط روسيا مُخالِفة للاتفاقية المذكورة وبالتالي يكون لبنان مُلزمًا بمخالفتها أيضًا ما يعرّضه لعقوبات خطيرة جدًا، وإما ان تكون الشروط الروسية متناسبة مع "بازل" ومتشدِّدة بتطبيق الشروط البيئية العالميّة، ما يعني إلزام لبنان بالقيام بفرزٍ دقيق ومفصل لنفاياته قبل تصديرها، وهنا المشكلة الاساس.
تقول المصادر ان معملي الكرنتينا والعمروسية غير مجهزين اطلاقا للفرز المفصّل الذي يعني فصل المواد العضوية عن المواد غير العضوية، وفرز المواد غير العضوية بين مواد ذات قيمة حرارية وأخرى لا تحترق. وتضيف المصادر: "ان قامت الدولة اللبنانية بالفرز السليم والمفصّل للنفايات فلن تبقى هناك حاجة للترحيل لأن المواد العضوية عندها تخضع للتسبيخ أو للفرم(1)، مشيرة الى ان هذه الطريقة تعني انتهاء فكرة الترحيل ومن خلفها فكرة المحارق المركزية التي يسعى اليها بعض المسؤولين في الدولة اللبنانية.
وفي نفس السياق، يمكن الحديث عن صعوبات أخرى تعترض عملية ترحيل النفايات، مثل عدم وجود "موافقات" من قبل حكومات الدول التي ستمرّ عبرها النفايات من لبنان الى روسيا، كذلك المشكلة الابرز وهي "تعقيمها". وهنا تشرح المصادر: "ان ارادت الدولة ترحيل النفايات المتراكمة لا بد أولاً من تعقيمها لقتل البكتيريا اللاهوائية والمعدية وهذا أمر بحاجة لوقت ومال، كذلك الأمر بالنسبة للنفايات الجديدة التي ان ارادوا فرزها وتوضيبها فهي بحاجة لوقت وبالتالي للتعقيم وبالتالي لمزيد من ضخّ الأموال".
وعدت الحكومة ان تبدأ بترحيل النفايات خلال الايام القليلة المقبلة عبر شركة "شينوك" التي هي شركة مختصة "بالتخلص النهائي من النفايات" وليس بعملية "استردادها"، ما يطرح التساؤل عن سبب اختيار شركة غير مصنفة، وأيضا بعد أن حكي ان كلفة الطن الواحد للشركة المذكورة هو 25 دولارا ليتبيّن حسبما علمت "النشرة" ان الشركة غير ملزمة بفرز المواد العضوية القابلة لإعادة التدوير وستكون ملكا لها، وبالتالي سيُضاف سعرها إلى مبلغ الـ25 دولاراً المتفق عليه، والذي ينبغي على الدولة اللبنانية تكبّده، وستقوم هذه الشركة حسب المصادر بإرسالها الى تركيا حيث تملك عقودا موقّعة مع الحكومة التركية بما يخص حرق النفايات لتوليد الطاقة، ما يعني ان لبنان سيخسر المواد الأوليّة التي كانت المعامل اللبنانية تستفيد منها.
لم يعد بالامكان إحصاء المكبّات العشوائية، وكل واحد منها هو حالة خطرة بحاجة للمعالجة، وفي هذا السياق علمت "النشرة" ان "طرحا علميًّا لمعالجة القُمامة التي رميت في منطقة الاوزاعي قد أصبح في حوزة الأحزاب المعنيّة في تلك المنطقة على أمل الاستفادة منه".
في النهاية لا تبدو الحلول لأزمة النفايات صعبة لو ارادت الدولة اللبنانية العمل جديا وعلميًّا في هذا الملف، ولكن للأسف يتمّ رمي النفايات اليوم في أماكن عشوائية تحوّل المساحات الى مناطق موبوءة، ويتم انتقاء الحلول المُكْلِفة والمستحيلة والفاشلة والتي ستعرّض لبنان ان حصلت لعقوبات دولية، تماما كما هو حال "حلّ" الترحيل النفايات.
(1) يتمّ خلطها في الحالة الثانية مع التربة بحيث تكون النسبة (70 بالمئة نفايات و30 بالمئة تربة) وتستعمل لردم الاراضي البور لتصبح صالحة للزراعة. اما بالنسبة للمواد غير العضوية والتي لا يمكن إعادة تدويرها فيتم فرمها وخلطها مع الاسمنت في جبالات الباطون وتصنيع البلاط منها او ارصفة.