على مدى خمس سنوات تقريبًا من ولاية المجلس البلدي الحالي، فشلت بلدية طرابلس بتحقيق المطلوب منها، فهي تشكلت من 24 عضوا يمثلون مختلف الفئات السياسية الطرابلسية ما جعل "دوران محركاتها" أمرا صعبا، كما يقول الشارع "الطرابلسي".
في تلك الايام، علت الاصوات وخصوصًا في "تيار المستقبل" متهمة رئيس البلدية السابق نادر الغزال بالفشل، وتم تحميله كامل المسؤولية، فاستقال، ليُنتخب مكانه عامر الرافعي، الذي وعد بالتغيير. اليوم وقبل ثلاثة أشهر من انتهاء عمر البلدية لا زالت الامور على حالها، واستمرت التجاذبات داخلها ليتبين، حسب مصادر مطلعة لـ"النشرة"، أن المشكلة لم تكن يوما بشخص الرئيس بل بتركيبة الاعضاء والتحالفات بينهم.
وتضيف المصادر: "رغم تغيير الرئيس لم تتغير البلدية، فلكل تيار داخلها مصلحة بفشلها، لدرجة أنّ أعضاء محسوبين على تيار المستقبل نفسه يعرقلون عمل الرافعي، الذي وبالمناسبة عيّن الى جانبه 17 مستشارا في البلدية و5 مستشارين في اتحاد البلديات، أي 22 مستشارا ينتمون لمختلف القيادات السياسية في المدينة، وذلك بهدف ارضاء الجميع، وتمتين موقعه كمرشح لرئاسة البلدية المقبلة".
تعاني طرابلس اليوم من سوء العمل البلدي، فحتى الامور البسيطة كتنظيم السير غائبة عن شوارع المدينة التي تعاني من نقص فادح بعدد عناصر شرطتها، وتذرع البعض الآخر منهم بأن اختصاصهم لا يخولهم تنظيم حركة المرور. ولا تقف الامور عند هذا الحد بحسب المصادر، فالحفريات ملأت الشوارع، والمحسوبيات كبرت، واخرها كان بدء عضو بلدية سابق مقرب من إحدى الجهات السياسية بترميم مبنى اثري رغم ان القانون قد منع المساس به. وتلفت المصادر نفسها إلى أنّ العمل بمشروع المرآب بساحة التل سيبدأ بعد أيام، رغم المعارضة الشعبية لهذا المشروع الذي سيجعل محيطه منطقة موبوءة ومركزا لتجمع "الزعران" حسب تعبير المصادر، بالاضافة الى "ضرب" اصحاب المحال التجارية في تلك البقعة.
في مقابل كلّ ذلك، بدأت حركة "التغيير" في طرابلس حسبما يقول مصدر في المجتمع المدني لـ"النشرة". ويضيف: "نعمل على بلورة فكرة تقضي بإعداد لائحة من الشباب الحائزين على شهادات جامعية، لخوض الانتخابات البلدية المقبلة، والعمل بقوة لمنع وصول أي من الاعضاء الحاليين".
وبموازاة المجتمع المدني، انطلقت التيارات السياسية في العمل الجاد تحضيرا للانتخابات المقبلة، فقام الوزير السابق فيصل كرامي بتكليف طارق فخر الدين للعمل على تسويق نقيب المحامين السابق بسام الداية لرئاسة البلدية. وفي جلسة خاصة أطلق رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وعداً ألاّ يكون أيّ من اعضاء البلدية الحالية عضوًا في هيئتها القادمة، ما يعني نيته دخول المعركة بقوّة الى جانب الوزير السابق محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي حسبما تشير المصادر، لتكون المواجهة مع "تيار المستقبل"، الذي حسب المصادر نفسها سيتحالف مع "الجماعة الاسلامية" ان حصلت الانتخابات، علمًا أنّ همسًا بدأ يدور حول وجود نوايا لتطيير هذه الانتخابات للابقاء على عامر الرافعي رئيسًا للبلدية.
تنقل المصادر عن أحد أعضاء البلدية قوله في جلسةٍ خاصة أنّ نواب طرابلس يرفضون فكرة تشكيل لائحة توافقية كما حصل في العام 2009، بعدما أثبتت التجربة فشلها، مفضّلين ترك الناس تختار بحرية لإنتاج بلدية فاعلة. ولكن، يبقى الأكيد أنّ الانتخابات البلدية تشكّل الاختبار الاكثر جديّة للقوى السياسية، وبالتالي فإن تدخل السياسة في انتخاباتها هو أمر لا بد منه، فهل سنكون أمام معركة كسر عظم في طرابلس ام أن التأجيل ستكون له الكلمة الفصل؟