تداول سفير فرنسا في لبنان إيمانويل بون خلال تلبيته دعوة جمعية مصارف لبنان الى غداء عمل في مقر الجمعية في الصيفي، في شؤون القطاع المصرفي اللبناني وفي تعزيز علاقات المصارف اللبنانية مع المصارف المراسلة في أوروبا عموما، وفي فرنسا بوجه خاص.
من جهته، لفت رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه الى أن "الدعوة هي تعبير عن الصداقة والتعاون بين مصارف لبنان وفرنسا، وعن رغبتنا في تعزيز القيم الكبرى التي تجمع بين بلدينا"، موضحا "يأتي لقاؤنا اليوم في ظروف شديدة التوتر، حيث أنظار اللبنانيين مشدودة الى التطورات في لبنان والمنطقة، والتي تتهدد بلدنا بمخاطر جسيمة. وفي هذا السياق، يدير قطاعنا المصرفي تحديات وخاطر متنوعة، سواء على صعيد العمليات المصرفية أم على صعيد المخاطر السياسية والأمنية، ومن ضمنها الالتزام بالعقوبات الدولية. وقد نجح القطاع المصرفي اللبناني في رفع التحدي بإظهار قدرته على اعتماد وتطبيق القواعد والمعايير الدولية المطلوبة".
واضاف: "طوال تاريخه، لعب القطاع المصرفي اللبناني دورا حيويا وحاسما في حياة البلاد الإقتصادية والسياسية. فعلى الصعيد الوطني، وخلال الحرب التي ضربت لبنان منذ 1975 حتى1990، أمنت المصارف اللبنانية ديمومة الدولة والسلطات العام، عبر إمداد الحكومات المتعاقبة بالأموال الضرورية لاستمرارية عملها في الوقت الذي كان تحصيل الضرائب شبه معدوم. كما أمنت المصارف للقطاع الخاص برامج تمويلية على نطاق وطني واسع. واليوم، لا يزال القطاع المصرفي اللبناني، الذي يشكل ركيزة حقيقية للاقتصاد ومحركا للنمو، شريكا استراتيجيا للدولة وللاقتصاد الوطني بفضل موجودات إجمالية توازي 186 مليار دولار أميركي".
ولفت الى انه "تعزيزا لصناعتنا المصرفية، اتبعنا على مدى السنوات الـ 25 الماضية، سياسة انفتاح على الخارج بحيث باتت شبكة انتشارنا الخارجي تشمل 33 بلدا وأكثر من 100 مدينة ، وفق أشكال قانونية مختلفة ولديها موجودات في الخارج تفوق 45 مليار دولار أميركي"، موضحا انه "من المسلم به أننا نعمل ضمن الإحترام الكامل والتام لقواعد العمل المصرفي ومعاييره الدولية المحددة من قبل مجموعة غافي، ولجنة بال، والمؤسسات المالية الدولية، وأخيرا الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. ولم يكن تصدير خدماتنا المصرفية ممكنا لولا الإطار القانوني والتنظيمي المتين والفعال والحكيم الذي وضعه مصرف لبنان وذراعه الرقابية، المتمثلة بلجنة الرقابة على المصارف، إضافة الى هيئة التحقيق الخاصة المنشأة حديثا نسبيا".
وذكر طربيه انه "من أجل تعزيز علاقات المراسلة مع المراكز المالية والمصارف الدولية، تنظم جمعيتنا منذ خمس سنوات زيارات دورية الى الخارج. فبعد لندن "تشرين الثاني 2010" وباريس "تشرين الأول 2011"، أقمنا يوم المصارف اللبنانية في نيويورك "شباط 2013" في موازاة تحرك ضاغط وناشط منذ العام 2012 داخل الولايات المتحدة الأميركية، حيث عقدنا اجتماعات مع بنك الإحتياطي الفدرالي في نيويورك ومع أهم المصارف المراسلة، ثم مع دوائر القرار في الحكومة الأميركية، ومن بينها وزارة الخزانة ووزارة الخارجية واللجان المختصة داخل الكونغرس الأميركي. ومن البديهي أن هذه الجهود في اتجاه الولايات المتحدة الأميركية تمليها أيضا درجة الدولرة العالية للاقتصاد اللبناني وللصناعة المصرفية في لبنان. وفي جميع لقاءاتنا في العواصم المالية الدولية، شددنا على التزام القطاع المصرفي اللبناني تطبيق العقوبات الدولية ومكافحة تبييض الأموال كما على الدور الاستراتيجي الذي يؤديه قطاعنا كركيزة لاستقرار بلدنا الى جانب الجيش والقوى الأمنية في منطقة غير مستقرة".
واضاف: "إننا نتطلع الى دعمكم، سعادة السفير، لكي ننظم إن أمكن زيارة هذا العام الى باريس وبروكسيل بهدف تعزيز الروابط مع المصارف الفرنسية وعقد لقاءات مثمرة مع السلطات النقدية والرقابية الفرنسية والأوروبية"، موضحا انه "إنطلاقا من العلاقات التي توثقها بيننا شراكتنا في اعتماد اللغة الفرنسية وفي التزام القيم العالمية والإنسانية، يهمنا إعلامكم أن جمعيتنا كانت ولا تزال في عداد الأطراف المؤسسة والفاعلة للاتحاد المصرفي الفرنكوفوني، الذي بات يضم 20 بلدا فرنكوفونيا والذي يهدف الى بناء شبكة تبادل معلومات والى عقد اللقاءات وتبادل الخبرات المهنية حول موضوعات ذات اهتمام مشترك، باستخدام اللغة الفرنسية، سعيا الى تعزيز علاقات العمل بين مصارفنا وبلداننا. وقد تقرر أن يعقد اتحاد المصارف الفرنكوفونية مؤتمره السنوي الثالث في بيروت بتاريخ 12 تشرين الثاني 2016 حول موضوع "الأمان المصرفي"، بعد المؤتمرين السابقين في باريس ومراكش، وسيكون لنا تنسيق بشأنه معكم".
وإذ لفت الى أن جمعية مصارف لبنان "عززت شراكتها العلمية مع جامعة القديس يوسف بتحويل "مركز الدراسات المصرفية" الذي تأسس عام 1967 الى "معهد عال للدراسات المصرفية" يعنى بالإعداد الأكاديمي والأبحاث بموجب ترخيص من وزارة التربية والتعليم العالي"، مؤكدا "إننا نتطلع الى أن يلقى المعهد العالي للدراسات المصرفية، على غرار المعهد العالي للأعمال (ESA)، دعمكم الضروري لتطوره. فالمؤسستان تتكاملان ولا تتنافسان".