عندما يُقال أن شركة "شينوك" الموكلة ملف ترحيل​ النفايات​ من ​لبنان​ تمارس التزوير فلا يمكن اعتبار الاتهام مصلحة خاصة، او استهداف لخطّة وزير الزراعة أكرم شهيب او رئيس الحكومة ​تمام سلام​، فالسلطات الروسية هي من قالت ذلك على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة البيئة فيها نيكولاي غودكوف(1)، ورغم محاولة شهيب لملمة الخبر والقول ان "اوراق شركة "شينوك" قانونية وغير مزورة وتحتاج الى بعض التواقيع"، يبقى التصريح الروسي والتجربة "السيراليونية" أقرب الى عقول اللبنانيين الذين خبروا كيفية عمل دولتهم، حسبما تقول مصادر مطلعة لـ"النشرة".

من ضمن ما صرح به وزير الزراعة مؤخرا "أن السلطات اللبنانية أعطت شركة "شينوك" مهلة 48 ساعة تنتهي صباح الجمعة لتقديم المستندات المطلوبة"، الامر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة أولها حسب المصادر ان "السلطات اللبنانية التي أعطت مهلة اضافية لشركة "شينوك" كي تكمل عملها، لم تحول ملفها الى النيابة العامة للتحقيق بتهمة التزوير، وهي بذلك تعطي نموذجا سيئا عن دولة لبنان أمام حكومات الدول حول العالم، فالدولة اللبنانية تكافىء المزوّر بإعطائه المهل الجديدة للعمل". وتضيف المصادر: "ناشد غودكوف حكومة بلاده ان "تلاحق المشاركين في الأعمال غير المشروعة، وجلبهم للمساءلة القانونية"، وهذا ما ستفعله روسيا، بينما في لبنان يقرر المسؤولون اعطاء الشركة مهلة اضافية لتقديم المستندات.

في 22 كانون الاول 2015 خرج شهيّب على اللبنانيين ليبلغهم بقرار الترحيل، وقال حرفيا من السراي: "يتوجب على الشركات تقديم كفالة مصرفية خلال مهلة أسبوع، وتقديم المستندات المفروضة للدولة أو الدولة المصدرة اليها النفايات التي تثبت موافقة الدول خلال مهلة شهر، في حال عدم تقديم أي من الشركتين للكفالة المصرفية تلغى الكفالة، وفي حال عدم تقديم المستندات المطلوبة يكلف مجلس الانماء والاعمار باستدراج عقود جديدة". ان هذا الكلام يعني ان علامة الاستفهام الثانية هي حول استمرار "شينوك" بعملها رغم انقضاء مهلة الشهر المعطاة للشركات، فلو فرضنا أنّها لم تزوّر كما قال شهيّب، يجب على الدولة اللبنانية ان توقفها عن العمل في 29 كانون الثاني الماضي وتلغي الكفالة التي وضعتها، وتكلّف مجلس الانماء والاعمار باستدراج عقود جديدة، فما سبب عدم الالتزام بقرار مجلس الوزراء؟.

لا تقف علامات الاستفهام عند هذا الحد، فإن أردنا التغاضي عمّا ورد سابقا والتسليم بما يقوله شهيب ورئيس الحكومة تمام سلام، تسأل المصادر، كيف يُطلب من "شينوك" إحضار موافقات رسمية من الدول التي تريد ترحيل النفايات اليها وهي غير مختصّة بذلك؟. وتضيف: "أكدت روسيا على لسان غودكوف أيضا ان "تصدير النفايات يخضع لاتفاق "بازل" الّذي يخضع بدوره لإجراءات محددة ومعقدة حيث يقع على البلد الأجنبي تقديم مذكرة وفق نموذج محدد إلى السلطة المعنيّة بإدارة الاتفاق وليس إلى وزارة البيئة الروسيّة"، وهذا يعني أن نيل الموافقة من أي دولة هو من اختصاص الدولة اللبنانية وليس الشركة، ما يعني ان تكليف "شينوك" بهذه المهمة يعني حتما إما عملية تزوير أخرى وإما فشل ذريع آخر، ما يدفع باتجاه التأجيل المستمر. مع الاشارة الى ان "النشرة" قد عرضت في تقرير سابق بعنوان "قبرص ترفض نفايات لبنان: هل نحن امام شبكة تحاول ترقية التزوير الى العالمية"؟، الطريقة القانونية التي يتوجب الانصياع لها في قضايا ترحيل النفايات.

أخيرا، يبدو ان هدف الحكومة اللبنانية هو تمييع القضية، وقد يكون حسب المصادر "الحديث عن 48 ساعة هدفه تخطّي جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الخميس، وبالتالي تأجيل الملفّ الى اسبوع آخر بظل استمرار غرق اللبنانيين بالقمامة المنزلية والسياسية".

(1)صرح الناطق باسم وزارة البيئة الاتحادية الروسية نيكولاي غودكوف: "الوثيقة التي قامت بتسليمنا إياها سفارة الجمهورية اللبنانية بخصوص موافقتنا على استقبال النفايات هي وثيقة مزوّرة. بعد اكتشافنا التزوير، ناشدنا الجهات المعنية ملاحقة المشاركين في هذه الأعمال غير المشروعة، وجلبهم للمساءلة القانونية". أضاف: "إن تصدير النفايات يخضع لاتفاق "بازل" وذلك يخضع لإجراءات محددة ومعقدة حيث يقع على البلد الأجنبي تقديم مذكرة وفق نموذج محدد إلى السلطة المعنيّة بإدارة الاتفاق وليس إلى وزارة البيئة الروسية كما ورد في الوثيقة المزوّرة، ولا يمكن لأي دولة ان تتصرف بمفردها في هذا الشأن".