بعد مرور ما يقارب الاربع سنوات على بدء عمل شركات مقدمي الخدمات مع وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان، يتبين ان العمل الاساسي الذي عملوا لأجله لم يتحقق، فمشروع تركيب عدادات ذكية لم يبصر النور رغم ان المهلة المتبقية في عقد الشركات الثلاث، "بوتك"، "الخطيب وعلمي"، و"دباس"، تمتد لنهاية شهر آذار فقط.
اضافة الى هذا الفشل، فقد لاحقت الشركات الثلاث شكاوى عديدة من قبل المواطنين طالت عملهم في التركيب وصيانة الاعطال والتجهيز، بحيث علمت "النشرة" ان ملفا متكاملا يُبحث في هيئة التفتيش المركزي، يتناول عمل شركات مقدمي الخدمات، وسيصدر تقرير مفصل عن الهيئة يوضح امام الرأي العام نتيجة عملها.
رغم كثرة النقاط التي يمكن اثارتها حول طبيعة عمل شركات مقدمي الخدمات، الا اننا اليوم سنحاول الاضاءة على نقاط مخفيّة توضح كمية المبالغ المالية التي تتقاضاها احدى الشركات الثلاث من الخزينة العامة مقابل خدماتها، مقارنة بما تتقاضاه شركة أخرى غيرها مقابل نفس الخدمات. حصلت "النشرة" على جداول خاصة بالشركات مقدمي الخدمات، توضح نوعية الخدمة المقدمة وعدد الطلبات بالاضافة الى سعر الخدمة. ويظهر من خلال الجداول ان خدمة "استلام ومعالجة وتسجيل طلب الزبون المتعلق بالكهرباء المنخفضة الفولتاج" تبلغ 130 دولارا لدى احدى الشركات، بينما نفس الخدمة لدى شركة اخرى تبلغ 3.91 دولارا. كذلك فإن نفس الخدمة ولكن المتعلقة بالفولتاج المتوسط، تبلغ 261 دولارا، مقابل 3.91 دولارا لدى الشركة المقابلة. وهذه الخدمة تعني تلقي طلب الزبون واعداد الملف وارسال التفاصيل بالفاكس لفريق العمل المعني حسب المنطقة، اي ان هذا المبلغ لا علاقة له "بتنفيذ" الطلب.
ويظهر من خلال الجداول أيضا ان كلفة "ادارة وتحليل وارسال تقرير عند قيام اي مشترك بالاتصال لتسجيل شكوى في مركز الاتصال"، هي 7.88 دولارا، وهذا المبلغ تتقاضاه الشركة من الدولة لتسجيل شكوى المواطن فقط، بينما هي 3.91 دولارا لدى الشركة الاخرى. مع الاشارة الى الشركة "صاحبة الارقام العالية" تقاضت منذ بدئها عملها لحين طبعها للجدول، 7 مليون و584 الف دولار أميركي جراء الخدمة المشار اليها. والسؤال البديهي هنا "هل يتم تقاضي هذا المبلغ على كل اتصال حتى وان كانت الشكوى نفسها او العطل المراد التبليغ عنه هو نفسه؟"
وتكرّ سبحة اسعار الخدمات المتبقية والتي تقدمها الشركة التي نتحدث عنها: "استلام ومعالجة وتسجيل طلب الزبون المتعلق بهدم مبنى (اي ازالة عداد الكهرباء)، 2.35 دولارا، "استلام ومعالجة وتسجيل طلب الزبون لقطع الكهرباء او اعادة وصلها، 13.51 دولارا. مع الاشارة الى ان جميع هذه الخدمات تكلف 3.91 دولارا لدى شركة أخرى.
تنشر "النشرة" ما حصلت عليه ليرى اللبنانيون المبالغ الضخمة التي تخرج من خزينتهم مقابل "لا شيء" فالكهرباء على حالها، والعدّادات الذكيّة غير موجودة، والبنى التحتية الخاصة بهذا القطاع الحيوي على طريق الهلاك، ورغم كل ذلك تشير المعلومات لـ"النشرة" الى انه يوجد من يعمل اليوم للتمديد للشركات الثلاث، مقابل رفض قاطع لوزير المالية علي حسن خليل الذي يرى حسب المصادر نفسها ان مشروع "شركات مقدمي الخدمات" قد أثبت فشله الذريع. فهل سنشهد معارك قادمة في هذا الخصوص خلال شهر آذار المقبل؟