بعد سلسلة الإخفاقات السعودية - التركية في المنطقة، لاسيما بعد فشل الأولى في تحقيق أي إنجاز عسكري أو سياسي يُذكر في كلّ من اليمن وسورية، إضافة
إلى عدم قدرتها على التحكُّم بمجريات الأوضاع السياسية في لبنان، يبدو أنها تتجه إلى استخدام خطة تصعيدية بديلة من الخطة الأولى التي لجأت إلى استخدامها في المرحلة السابقة؛ حين وافقت على تشكيل "حكومة ربط النزاع" الراهنة، لملء فراغ الشغور الرئاسي المتوقَّع وقتها، وبالتالي إحكام القبضة السعودية على مفاصل السلطة التنفيذية في البلد.
وما يؤشر إلى قرب بدء المحاولة السعودية لإنهاء "المساكنة" بين فريقي النزاع في لبنان في حكومة واحدة، التصعيد الذي بوشر بتجميد الهبة المخصصة للجيش اللبناني، التي بقيت قولاً ولم تُترجم إلى فعل في الأساس، كذلك عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت لإدراة الهجمة السياسية والإعلامية ضد المقاومة، واستقالة الوزير أشرف ريفي، وتوجُّهه نحو التوافق مع النائب خالد الضاهر على ورقة مشتركة لمواكبة المرحلة المقبلة، إضافة إلى إطلاق "تيار المستقبل" حملة توقيعات على عريضة تطالب العاهل السعودي "باحتضان" لبنان.
وفي السياق كشفت مصادر حزبية طرابلسية أنها لمست أجواء تصعيدية ولهجة عالية النبرة لدى بعض "الإسلاميين" في طرابلس، على أنهم يتعرضون لمظلمة، لاسيما في شأن عدم إصدار القضاء أحكاماً في حق الموقوفين منهم في السجون اللبنانية، وما إلى ذلك.
وتعتبر المصادر أن التفجيرات التي استهدفت منطقة السيدة زينب في ريف دمشق وحي الزهراء في حمص، والتصعيد السياسي الذي يمارسه أتباع المملكة السعودية في لبنان، يأتيان في سياق واحد، على وقع الإنجازات التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه في الجارة الأقرب، وتقهقر المجموعات المسلحة التي تدور في الفلك السعودي.
إذاً، بعد فشل الطاقم السياسي التابع للمملكة في أخذ لبنان حيث تريد، أي جرّه إلى العداء مع إيران، ومحاولة عزل حزب الله، تُبدي المصادر خشيتها من أن يدفع الجنون السعودي بالبلد نحو قفزة في المجهول، كما هو الحال في اليمن وسورية والبحرين والعراق، وتختم بالقول: "عندما يفشل هذا الطاقم بالمهمّة الموكلة إليه، لم يعد هناك حاجة لوجوده"، وهذا ما يثير ريبة بعض قيادي "المستقبل"، فهم يدركون أن خروجهم من السلطة قد يفوّت الفرصة عليهم بالعودة إليها مجدداً، كما حدث مع الحريري نفسه، الذي مكث في الخارج نحو خمسة أعوام.
وفي حال صدور أمر العمليات السعودي بالتصعيد، فلا تكترث المملكة إطلاقاً لما قد يحلّ بلبنان من ويلات، لاسيما على أنصارها، أما عن كيفية هذا التصعيد وأي طريق سيسلك، فهذا الامر مرهون بالخطة التي تراها إدارة العمليات مناسبة من حيث الشكل والمضمون والمكان والزمان.. فلم تتضح معالمها حتى الساعة.
وبالرغم من إغداق السعودية الوعود لبعض الطامحين بالوصول إلى قصر بعبدا، في مسعى منها لتأليب الرأي العام ضد المقاومة، لكن لن تنجح كل المساعي والمحاولات في زج الجيش في صراع معها، كذلك لن تصل الأمور إلى حد الانفجار الكبير في ضوء وجود القرار الدولي بالحفاظ على الاستقرار اللبناني.