منذ عام 2001، تجري مناورات عسكرية "إسرائيلية" - أميركية سنوية تحت عنوان "جونيفر كوبرا"، وتحصل هذه المناورات المخصصة للدفاع الجوي مع القيادة الأوروبية للجيش الأميركي.
في العامين الأخيرين، تحوّل اتجاه هذه المناورات للتعامل مع متطلبات ما يجري في سورية، في ظل الدخول "الإسرائيلي" المباشر، لدعم الحركات الإرهابية، وأطراف أخرى من المعارضات، وفي ظل أعمال التنسيق المتزايد مع تركيا، لوجستياً واستخباراتياً وعسكرياً وسياسياً، والانفتاح الخليجي، خصوصاً السعودي، على الكيان الصهيوني، والذي تشير المعلومات إلى أنه بدأ يطال كل النواحي؛ السياسية والعسكرية والاقتصادية.
في هذا العام، تتم في المناورة الأميركية - "الإسرائيلية" اختبار قدرة التصدي للصواريخ التي تملكها «المقاومة الفلسطينية» و«حزب الله» وسورية وإيران، لاسيما ما وصل إلى الشرق الأوسط مؤخراً/ وتتعاون منظومات الدفاع الجوي "الإسرائيلية" والأميركية بهدف زيادة القدرة على اكتشاف واعتراض الصواريخ/ ويشارك في المناورة الرادار التابع للجيش الأميركي في النقب.
تتسم مناورة «جونيفر كوبرا» هذه المرة بأهمية خاصة، نظراً إلى تطورات الحرب في سورية، وتعميق المشاركة الروسية فيها، سواء بنصب رادارات ومنظومات صواريخ متطورة، أو بنشر طائرات حربية متقدمة فيها. وكان قد وصل إلى فلسطين المحتلة حوالي 1700 جندي أميركي، مع منظومات دفاع جوي للمشاركة في المناورة.
اللافت في المناورة العسكرية الأميركية - "الإسرائيلية" أنها تتزامن مع مناورات تقودها السعودية تحت عنوان "رعد الشمال"، بدأت منذ 14 شباط الحالي، وتستمر حتى العاشر من آذار، ويفترض أن يكون عدد الجيوش المشاركة فيها 150 ألف جندي من عشرين دولة، منها السعودية ودول الخليج ومصر، والسودان، والسنغال وتركيا والصومال وغيرها...
هل من علاقة بين المناورتين؟
في الواقع أهدافهما تكاد تكون متطابقة، لأنها مهمتهما واحدة؛ محاكاة الأوضاع في سورية، والانخراط في الحرب على اليمن، والعداء لحزب الله والمقاومة ضد العدو "الإسرائيلي"، سواء كانت لبنانية أو فلسطينية.
فعلى مستوى العداء للمقاومة في لبنان، لننظر إلى الحملة السعودية من قبَل "إمّعاتها" في لبنان، وعلى المستوى الفلسطيني، ربما كان ضرورياً لفت النظر إلى الغياب للأعراب عن أي موقف إدانة للعدوانية الصهيونية الإجرامية ضد أطفال وشباب فلسطين، وضد الأعمال التخريبية التي تنفَّذ في المسجد الأقصى والمقدسات.
هل من تنسيق بين المناورتين؟
لنلاحظ أولاً ما أكده الموقع الصهيوني "عنيان مركازي" قبل أكثر من سنتين، بأن الرياض تتبنى نفس الموقف "الإسرائيلي" من طهران، وأنه بعد تخفيف أميركا للعقوبات عن إيران فإن السعودية لن تجد بديلاً أمامها عن مساعدة "إسرائيل"، ووفق ما سرِّب من معلومات فهناك مشاركة لـ"إسرائيليين" بصفة خبراء عسكريين واستخباراتيين.
وفي أوجه من وجوه التعاون المتعددة بين تل أبيب والرياض، وإن كانت سرية، يتجلى هذا التنسيق في الضربات الموجَّهة لليمن، والذي وصل إلى حد الإمداد الجوي، سواء عن طريق قصف مناطق جبلية بقنابل محرّمة دولياً، كقصف جبل نقم فوق صنعاء بقنبلة نيوترونية، أو بالقذائف "الذكية"، كما يشمل هذا التنسيق نقل المعدات والمساعدات العسكرية إلى المجموعات الإرهابية المسلحة التي تقاتل في اليمن وسورية.
إذا كانت هناك نحو عشرين دولة تشارك في المناورات السعودية، هل يعني أن جيوش هذه الدول ستشارك في الهجوم البري الذي تتمناه السعودية على سورية، سواء من الشمال السوري أي من الحدود التركية، أو من الجنوب السوري، أي من الحدود الأردنية، أو من خلال الجولان المحتل؟
وفقاً لما يشير إليه دبلوماسي غربي، فإن معظم المشاركين في هذه المناورة أرادوا مسايرة السعودية في المشاركة في المناورة، لكن ليس في المغامرة في حرب، وهذا ما جعل البعض في مملكة الوهم يتحدث عن تأثير أميركي على باكستان وأندونيسيا، لعدم المشاركة في هذه العمليات.
الحقائق تؤكد أن صنوا العداء المباشر على سورية، أي تركيا والسعودية، أخذتا تتلمسان طريق النهاية، فالتركي يتخبط في أزماته الداخلية، ووصل الأمر بمعلقين أتراك إلى أن يصفوا رجب طيب أردوغان بأنه "الرجل المجنون الذي يعيد إنتاج الرجل المريض".
أما في السعودية، فقد بدأ الحديث واسعاً في الإعلام الغربي والأميركي أن مملكة الرمال بدأت تعيش "قصة فيتنام" حقيقية، مع فارق كبير جداً، وهو أن الولايات المتحدة قدرت أن تخرج من هذه الهزيمة، بحكم قدراتها الاقتصادية والعسكرية ومؤسساتها، بينما السعودية لن تقدر أبداً عن الخروج من أزماتها اليمنية، وإذا ما غطست مباشرة في الأزمة السورية ستكون "لات ساعة مندم".
تابعوا ما بدأ الإعلام الغربي يتحدث فيه من خلال كتابات وأبحاث وتحقيقات حول ايديولوجية المملكة التي يحمّلونها مسؤولية ظهور "داعش" و"القاعدة"، وحركات التطرف..
ثمة من بدأ يتحدث عن إعادة فتح ملفات 11 أيلول، وهناك من يقول إن دعاوى رُفعت او سترفع من أهالي الضحايا، تطالب بتعويضات بمليارات الدولارات.. تذكّروا لوكربي.