فجأة وبسحر ساحر، أصدر البابا فرنسيس قراره الذي عيّن فيه رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر زائراً على مطرانية صيدا وجزين وبيت الدين المارونية، مجرِّداً راعي الأبرشية الحالي المطران الياس نصار من كل الصلاحيات الإدارية والكنسية لمصلحة الزائر الجديد.
لم يكن القرار متوقعاً بالنسبة الى كثير من المطارنة، وفي طياته العديد من عناصر المفاجأة والأمور غير الواضحة التي يشرحها المطلعون على الشكل التالي:
أولاً- كيف يبلغ السفير البابوي في لبنان غبريال كاتشيا المطران نصار قرار قداسة الحبر الأعظم من دون أن يشرح له السبب أو الأسباب التي دفعت الكرسي الرسولي الى إتخاذ هذا القرار؟.
ثانياً- قبل وبعد صدور القرار بحق راعي أبرشية صيدا المارونية، لم يتلقَّ المطران نصار أي إتصال من الفاتيكان يطلب منه الإنتقال الى دوائرها للإستماع اليه والتحقيق معه كما تجري العادة بالملف الذي إستند اليه البابا كي يعين مطر زائراً على الأبرشية.
ثالثاً- مسألة الشكاوى التي قدمتها "القوات اللبنانية" والخوري جان حرب بحق المطران نصار تعود الى العام 2013 وقد سبق لمحكمة الأساقفة التي عينتها بكركي أن أجرت فيها التحقيقات اللازمة وأصدرت القرارات المطلوبة، وقد تبلغها نصّار كما الجهات المدعية، ومنذ انتهاء التحقيقات وصدور هذه القرارات لم تشهد هذه القضية أي تطور من نصار أو المدعين عليه قد يعيد الأمور الى خانة التوتر، لذلك يطرح السؤال، إذا كانت شكاوى "القوّات اللبنانيّة" والخوري حرب بحق المطران هي سبب قرار الفاتيكان فلماذا صدر اليوم ولم يصدر منذ سنوات؟
كل هذه الأمور والأسئلة إضافة الى المعلومات التي تحدثت عن أن القرار الفاتيكاني سببه الخلاف القائم بين نصار والبطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي على خلفية إنتخابات رئاسة الجمهورية وتسويق الراعي لمبادرة ترشيح رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري لرئيس تيار "المرده" النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية الأمر الذي رفضه نصار على إعتبار أن بكركي لا يجب أن تدخل في أسماء المرشحين لا سيما بعد توافق معراب التاريخي بين رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وما يمثله هذا التوافق مسيحياً، كلها لم تدفع نصار الى الخروج عن صمته بعد. والتزامه قرار الحبر الأعظم لا يعني أبداً أنه سيبقى صامتاً الى الأبد، ومتفرجاً على ما يحاك ضده. هو يقوم بسلسلة إتصالات وزيارات بهدف كشف القطبة المخفية التي دفعت الى إتخاذ القرار، وبعدها سيكشف المستور من دون مراعاة أحد مهما كبر موقعه، خصوصاً إذا تأكّدت المعلومات التي رشحت من وراء البحار بأن رجل أعمال لبنانيًا ساهم بصدور القرار لغايات في نفس يعقوب!
في الختام، لا بدّ من الاشارة، الى أن ما رشح حتّى الآن من معلومات، يعني أنّ هناك من أجّج الخلافات وصبّ الزيت على النار من جديد في محاولة لعرقلة التفاهمات المسيحية-المسيحيّة ويعمل على تأجيج ايقاظ خليّة الفتنة النائمة. وفي هذا السياق لا بدّ من الانتظار حتى تكشف الأيّام المقبلة ما بين السطور حيال محاصرة المطران نصّار.