إنّ علاقة لبنان بالمقاومة ليست عابرة وإنما هي علاقة جوهرية، لأنها تتعلق بالاستقلال الوطني الذي كرّسته المقاومة مع الجيش والشعب عندما دحرت الاحتلال الصهيوني الذي حاول يوماً أن يجعل لبنان محمية ذليلة من محميّاته، والذي يعمل اليوم لسحق الشعب الفلسطيني وتجريده من إرثه وهويته وممتلكاته وتهجيره في متاهات الدولة اليهودية الخالصة التي لا يمكن أن ترفع أعلامها «الظافرة» على أرضنا الطاهرة إلا بتحويل الأمة العربية إلى كانتونات هزيلة منقسمة متمذهبة متناحرة تدير ظهرها للعروبة الصافية ولكلّ فكرة نبيلة نبتت في هذه الأرض الطيبة.
إنّ علاقة لبنان بالمقاومة ليست عابرة أو سطحية، وإنما هي علاقة داخلية وعضوية تمسّ المستقبل والمصير المهدّد بالمشروع الصهيوني الذي لم يغفر للبنان توحّده في وجهته وتفانيه في مقاومته، كما مشروع الإرهاب والقمع والغلوّ الآتي من كهوف الماضي الذي يفهم العلاقة مع الآخر علاقة إذعان وتبعية، ويخشى جوهر لبنان القائم على الميثاقية وتفهّم الآخر واحترام معتقده ومنبته ومصلحته.
وإذا كان لبنان ينعم اليوم بالاستقرار النسبي، رغم ما يثقل كاهله من أوضاع متردّية ودولة مفككة وإدارات فاسدة وقيادات جشعة، فإنّ الفضل في كلّ ذلك إنما يعود إلى تضحيات شعبه ومقاومته وجيشه، حيث أصبح ممكناً اليوم ردع «إسرائيل» عن غاراتها التي كانت تزلزل حياتنا وتدمّر بيوتنا وتحرق مصانعنا وتبدّد مزارعنا وتهدم جسورنا أمام أعيننا.
وإذا كان لبنان المتمسك باستقلاله وعروبته يجد من مصلحته اليوم وسط الأعاصير التي تعيشها المنطقة، أن يحافظ على المعادلة الذهبية التي تضمن استقراره وصموده في وجه الصهيونية والإرهاب فإنّ «لبنان» هذا يجد من مصلحته وواجبه أيضاً العمل على إبداع إجماع وطني حول هذه المعادلة التي أثبتت جدواها في تحقيق التحرير والحفاظ على الاستقرار، علماً بأنّ هذا الإجماع الصعب المؤهّل لدرء أخطار الانقسام والفتنة عن لبنان هو المؤهّل أيضاً لمساعدة الأطراف العربية، التي اتخذت قرار التجريم الظالم بحق المقاومة، على رؤية الحقيقة المجرّدة والمتماهية في الوقت نفسه مع المصلحة اللبنانية العربية العليا.