في الدورة الـ 145 للمجلس الوزاري العربي الذي انعقد في يومه الثاني في القاهرة أمس، وصل الحنق السعودي على لبنان ومقاومته حدّ الاعتراض على عبارة «دعم لبنان في وجه الاعتداءات الاسرائيلية»، ورفض وصف حرب تموز 2006 بـ «العدوان»، بعدما حمّل أحد الوزراء الخليجيين حزب الله مسؤولية التسبب بتلك الحرب.
لم تكتف السعودية، وخلفها دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء سلطنة عمان، بتصنيف وزراء الخارجية العرب حزب الله منظمة إرهابية. غضب الرياض، وحلفائها، وصل بها الى الاعتراض على فقرات مما يُعرف بـ «بند التضامن مع لبنان». وهو بند دائم يدرج منذ سنوات طويلة بالصياغة والمصطلحات نفسها من دون تعديل، وتعبّر فيه الدول العربية عن تضامنها مع لبنان في شؤون داخلية وخارجية. فجأة، طفت الملاحظات والاعتراضات الخليجية على هذا البند: اعتراض على دعم الجيش اللبناني؛ وعلى عبارة «دعم صمود لبنان في وجه الاعتداءات الاسرائيلية»، اعتراض على عبارة «من دون تسييس» في فقرة دعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان؛ اعتراض ومطالبة بإزالة الفقرة التي تطالب بالكشف عن مصير الامام موسى الصدر... وغيرها من البنود التي تقع في إطار التضامن اللفظي الذي لا يقدم ولا يؤخّر.
فيما أبدى الأردن تحفّظه عن عبارة «الصيغة اللبنانية الفريدة» وعن طلب لبنان الدعم في ملف النازحين السوريين. الهجمة التي قادتها السعودية دفعت وزير الخارجية جبران باسيل الى سؤال نظرائه: «هل تريدونني أن أبلغ حكومتي أنكم مع اسرائيل ضد لبنان؟ ومع تغييب الصدر؟ ومع عدم دعم الجيش؟»، مذكّراً إياهم بأن بند التضامن «موجود كما هو على جدول اجتماعات المجلس منذ سنوات ومن دون اعتراض أحد»، ومشيراً الى أن هذه بنود واردة في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية وموضع اجماع وطني في لبنان. ورغم إبداء لبنان مرونة حول صياغات بعض الفقرات لتمرير القرار بإجماع كل الدول الحاضرة، أصرت السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت على النأي بنفسها عن البند الذي تضمّن «تجديد التضامن الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له ولحكومته بما يحفظ الوحدة الوطنية وأمنه واستقراره وسيادته على كامل أراضيه وتأكيد حق شعبه في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر، وحقهم في مقاومة أي اعتداء بالوسائل المشروعة».
مصادر دبلوماسية قالت لـ«الأخبار» إن «الحملة السعودية والخليجية على لبنان خرجت من عقالها وباتت تلامس المحرّمات، وهي لم تعد تقتصر على حزب الله، بل تطال الثوابت الوطنية التي لطالما راعاها العرب ولو لفظياً». ونبّهت الى أن الرياض «يبدو أنها ماضية في التصعيد على خلفية موقفها من حزب الله بصرف النظر عن انعكاسات ذلك على الوضع الداخلي اللبناني».
وقالت المصادر إنه «لم يكن بإمكان الوزير باسيل القيام بأكثر مما قام به، خصوصاً بعدما أحجمت الحكومة وطاولة الحوار الوطني عن البحث في موضوع موقف لبنان في المحافل العربية وتركت الأمر للتنسيق بين وزير الخارجية ورئيس الحكومة تمام سلام». وأشارت الى أن موقف باسيل استند الى هذا التشاور، والى موقفه في مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة الشهر الماضي، والى موقف وزير الدخلية نهاد المشنوق في مجلس وزراء الداخلية العرب قبل أسبوعين. ولفتت الى أن المشنوق «نأى بنفسه عن البند الذي وسم حزب الله بالارهاب، فيما تحفّظ باسيل عن البندين اللذين وصفا الحزب بالارهاب وسجل تحفّظه خطياً».