لم تأتِ جلسة اليوم من الاستماع لجمال دفتردار ونعيم عباس ومحمد العجوز بأي جديد. فلمدة ساعة تقريباً، استمر رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل ابراهيم في الاستماع لشهادتهم في قضية الانتماء وتشكيل كتائب "عبد الله عزام" وألوية زياد الجراح في لبنان.
ومن على كرسيه المتحرك، ظل دفتردار يشدد لمدة ساعة على أن كل المخططات التي كان يعمل عليها في لبنان هي مهاجمة إسرائيل والقوات الاسرائيلية على الحدود الجنوبية، وكل علاقته مع "أمير كتائب عبد الله عزام" السعودي ماجد الماجد كانت للتخطيط لاستهداف القوات الاسرائيلية، ونافياً علاقته بأي عملية ضد قوات اليونيفيل أو الجيش اللبناني.
وبدوره، كان نعيم عباس، واقفاً إلى جانب كرسي دفتردار، يتلفت إلى دفتردار ويستمع إلى شهادته، والابتسامة لا تفارق وجه، مطلقا في بعض الأحيان النكات التي برّدت سخونة الجلسة.
تناقضات في الإجابات؟!
عند الثانية والنصف تقريباً، أطلق العميد ابراهيم الجلسة، وسأل عباس إن كان يقبل بتوكيل أي محامٍ لاستكمال القضية وعدم تأجيها في ظل غياب محاميته، فأجابه عباس مبتسماً "متل ما بدك حضرة القاضي"، فأجابه ابراهيم ممازحا "إن كان الأمر يعود لي فأنا مع تأجيل الجلسة"، فضحك عباس وقال "كمان نحنا بأمرك". فتم توكيل أحد المحامين للدفاع عن عباس لاستكمال الجلسة.
وبدأ ابراهيم بتلاوة أسماء المتهمين في هذا الملف والذين يصل عددهم إلى 16 شخصاً، ومنهم الأمير الجديد لكتائب عبد الله عزام سراج الدين زريقات والارهابي توفيق طه وعدد آخر من المطلوبين الذين يحاكمون غيابياً.
وبداية، بدأ ابراهيم باستجواب دفتردار، سائلاً إياه عن علاقته مع عباس، فلفت دفتردار إلى انه عندما عاد من العراق في العام 2008 بعد قتاله ضد القوات الأميركية هناك، علم أنّه مطلوب لدى القضاء عبر الصحف، وحينها قرر الذهاب إلى مدينة جرمانا في سوريا وتواصل مع شخص اسمه "خليل" عبر الـ"messenger" وساعده للوصول إلى مخيم عين الحلوة فتعرف على نعيم عباس وسكن عنده، فأكد عباس للعميد ابراهيم هذا الموضوع.
وأوضح دفتردار أنه كان مسؤولاً عن المراسلات بين الماجد والمدعو صالح القرعاوي، مسؤول العلاقات الخارجية في كتائب عبد الله عزام، مشيراً إلى أنه حصلت بعض الخلافات بين الماجد والقرعاوي الذي كان يطالب باستهداف اليونيفيل، لافتاً إلى أن "ماجد الماجد "رحمه الله" كان يشدد دائماً على أنه لن يعمل إلا لاستهداف اسرائيل"، وأضاف "المسؤول عن هذه العمليات هما الماجد وتوفيق طه وكان تنظيم "القاعدة" يؤكد دائماً أنه ليس وقت هذا الخلاف الآن".
وعن وظيفته الأساسية في الكتائب، لفت دفتردار إلى أن "الماجد لم يكن مطلعاً على الوضع السياسي في لبنان لذا كان يستعين بي لشرح بعض الوقائع السياسية في لبنان واستفاد مني من هذه الناحية". ورداً على سؤال حول دور عباس في هذه الفترة، أوضح أن لا علاقة له بالكتائب في هذه الفترة، وأكد عباس هذا الشيء للعميد ابراهيم.
بعد ذلك تناقضت أجوبة دفتردار وعباس بعد سؤال العميد ابراهيم عن الدورات العسكرية التي كان يجريها توفيق طه، فأجاب دفتردار "كان هناك سعوديان في الغرفة معنا هما أبو عبد الله وأبو العباس، وتوفيق طه كان يعطينا دروساً دينية، لا دروساً عن المتفجرات"، فضحك عباس، فسأله العميد ابراهيم نفس السؤال فأجابه "بلى كان طه يعطي دروساً عن المتفجرات وكان دفتردار موجوداً"، حينها ضحك ابراهيم وسكت دفتردار.
وعن اصابته في مدينة القصير السورية، قال: "قبل مغادرتي المدينة بيوم أصبت بقذيفة هاون"، واستطرد: "عندما قاتلت الأميركيين في العراق كانوا يضربوننا نحن فقط لا المدنيين، بينما في سوريا النظام يضرب الجميع المدنيين والعسكريين"، فقاطعه ابراهيم قائلا "هذا موضوع آخر لا علاقة لنا به".
خوف من الجيش وحزب الله؟
بعدها، طلب العميد ابراهيم من المدعو محمد العجوز الدخول، والعجوز هو لبناني يعمل في شارع بعجور بحارة حريك في الضاحية الجنوبية، وكان متزوجاً من أخت دفتردار وصديقه منذ الطفولة. ولفت العجوز إلى أن "دفتردار قد ابتعد عني في مرحلة الشباب وانقطعت العلاقات بيننا لأنني لم أعد أحضر الدروس الدينية وابتعدت عن الدين فابتعد الجميع عني"، فسأل ابراهيم "ألهذا السبب البسيط يمكن له أن يقاطعك؟"، فأجابه العجوز "إن الفكر السلفي يرفض أي فكر آخر ويعتبر أن كل من هم ليسوا معهم قد ابتعدوا عن نهج الصواب، وهذا النهج هو نهج وهابي أتى من السعودية"، حينها بدأ دفتردار بشرح المذاهب الدينية لـ"أهل السنة والجماعة".
وكشف العجوز أنه عندما عاد دفتردار من العراق "جاء إلى منزلي في شارع بعجور وسكن عندي لمدة اسبوعين قبل الذهاب إلى عين الحلوة"، فسأله ابراهيم "ألم يكن خائفاً من حزب الله أو الجيش اللبناني ولهذا السبب قد غادر الضاحية الجنوبية؟"، فاستفز هذا السؤال دفتردار وقال "أسئلتك يا حضرة القاضي ثقيلة"، فضحك ابراهيم قبل أن يتابع دفتردار بالقول: "لم أكن خائفاً لا من الجيش ولا من حزب الله بل فقط هربت إلى عين الحلوة لأنني وجدت اسمي في إحدى الصحف اللبنانية وكنت متهماً بالانتماء إلى جماعة ارهابية سلفية".
وأردف العجوز بأن علاقته بدفتردار لم تنقطع بعد ذهابه إلى عين الحلوة "فكنا نتواصل دائما عبر الـ"messsenger"، ولفت إلى أنه "كان يلقبني بـ"أبو تراب" وهو اسم للإمام علي وكان يطلب مني دائماً أن لا أكشف عن اسمي الحقيقي في عين الحلوة وأن أناديه أبو هاشم"، فسأل ابراهيم "لماذا أبو تراب بالذات؟"، فأجاب العجوز "بالطبع في مكان كمخيم عين الحلوة لن يختار لي اسم "مايك" لمناداتي".
وعن علاقته بتوفيق طه، قال العجوز: "عند زيارتي لدفتردار في عين الحلوة، التقيت بطه مرتين، وفي المرة الأولى سألني إن كان حزب الله يضطهد السنة في الضاحية وكنت دائماً أشدد على أنني في أحسن علاقة مع الحزب وهناك مسؤول في الحزب يدعى الحاج عبد كان صديقاً لي، وفي مقابلتي الثانية مع طه، والتي كانت صدفة خلال زيارتي لجمال، طلب مني ان احضر له قطعًا الكترونية للانترنت من منطقة المزرعة في بيروت، حينها شعرت أن هناك أمراً غريباً".
وكان تبرير العجوز لزياراته الدائمة لدفتردار في عين الحلوة (6 مرات)، وفي المستشفى بعد اصابته في القصير (3 مرات) بأن "أم دفتردار تعتبرني كابنها وكانت تطلب ان أبقى إلى جانب جمال ولا أتخلى عنه". واوضح أنه زاره في المستشفى مع والدته بعد أن أصيب في القصير، بعد أن كان جمال يقاتل إلى جانب كتائب الفاروق بالجيش الحر، وقال: "لا اريد أن أقول انني تورطت بل "مرغم أخاك لا بطل" فعلاقتي بأم جمال دفتردار وثقتها بي اجبرتني أن أبقى على صلة معه ومع عائلته فقط".
حينها أعلن العميد ابراهيم رفع الجلسة وتأجيل الاستماع إلى شهادات الموقوفين إلى 18 تموز المقبل. فصرخ دفتردار "صرلي سنتين عم موت بسجن الريحانية، لا عم شوف الشمس ولا عم شوف حدا، حابسيني تحت الأرض، نحنا مش عايشين بالعصور الوسطى، المسجونين معي صرلن 10 ايام مأضربين عن الأكل بسبب الظروف الصعبة"، فأجابه ابراهيم، "لا علاقة لنا نحن بوضع السجون والنيابة العامة هي التي توصل رسالتك".
في المحصلة، أربعة أشهر جديدة ستضاف لعمر ملف كتائب عبد الله عزام، في ظل غياب المسؤولين الأساسيين في هذه القضية كسراج الدين زريقات وتوفيق طه، وبعد مقتل ماجد الماجد. فما الذي ستحضره الجلسات المقبلة من مفاجآت في هذه القضية؟