ليس غريباً اسم وليد الظاهر في منطقة صور. في المواقع الإخبارية المحلية، يتصدر قائمة الأخبار: الوجيه السيد وليد الظاهر (أو الملك كما يعرف) نظم ندوة سياسية في «الفيلا» العائدة له وشارك في احتفال هناك وهنأ أحد الضباط بمنصبه الجديد... والمشترك في كل تحركاته، موكبه الذي يضم ما لا يقل عن خمس أو ست سيارات ومرافقين.
يسود الظن في محيط بلدته الحلوسية أن المعاون الأول في الحرس الجمهوري «المستقيل من الخدمة» كما يقول، لا يزال يشغل منصب «مستشار أمني في القصر الجمهوري في عهد الرئيس ميشال سليمان وما بعده».
وصلت شهرة الظاهر أمس إلى المتحف. نادى رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل إبراهيم عليه. نهض من مقاعد الحضور وتقدم نحو القوس بوجه ضاحك وأناقة وثقة، معلقاً بطاقة مخلى سبيل. أدخل خمسة موقوفين اصطفوا بجانبه وبجانب الملازم أول في الجيش اللبناني محمد ح. الذي حمل بطاقة مخلى سبيل أيضاً. كأنه على منصة احتفال تكريمي، لم يهدأ الظاهر أمام القوس. تلفت كثيراً وتحدث إلى الموقوفين والضحكة لا تفارق وجهه، ما دفع إبراهيم إلى نهره غاضباً: «شو مفكر حالك مستشار هنا أيضاً؟». ردّ الظاهر بضحكة. وما إن قرأ إبراهيم أوراق القضية حتى انقلب المشهد: السيد وليد (40 عاماً) متهم بـ «انتحال صفة عسكرية ونقل أسلحة حربية وسرقة سيارات وتغيير لونها وتزوير دفاتر ملكية ورخص سوق واستئجار سيارات وسرقتها وتزوير بطاقات هويات وأوراق عسكرية ومستندات تتعلق بالسيارات».
كان يمرر السيارات المسروقة على الحواجز مستفيداً من بطاقات ووثائق عسكرية مزوّرة
بحسب القرار الاتهامي الصادر عن قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية السابق عماد زين، فإن الظاهر «تعرف عام 2001 إلى حسين ر. الذي يعمل في ميكانيك السيارات والسيارات المسروقة التي يشتريها من محسن م. الذي يقوم بسرقة السيارات ومسح أرقامها وتغيير لونها وتنظيم مستندات مزورة لها. راق الأمرُ وليد الذي بدأ يشتري السيارات المسروقة من حسين ويصبّ لوحات مزورة لها في محل في صور من دون أن يعلم صاحب المحل أنها مسروقة». ويشير القرار إلى أنه كان «ينتحل صفة مستشار أمني في القصر الجمهوري لإتمام الأمر. وبعد أن يؤمن زبائن لتلك السيارات، كان يطلب من حسين تأمين مستندات وأوراق مزورة لها بأسماء الزبائن. فاشترى بداية 3 سيارات رباعية الدفع مع دفاتر مزورة وأعطى إحداها لشقيقه من دون أن يعلمه بمصدرها، وباع الثانية الى ابن خالته صباح ز. فيما باع الثالثة لقريبة الملازم أول بعد أن نظم له دفتراً مزوراً باسمه ووضع عليها لوحات مزورة مع علم الملازم بالأمر». الأخير أعجب بالفكرة أيضاً. «عرض على بعض العسكريين الذين يخدمون معه شراء سيارات غير مشروعة المصدر بأسعار زهيدة». في وقت لاحق، تعرف الظاهر إلى أحمد إ. المتخصص بسرقة السيارات. سريعاً توطدت العلاقة بينهما، فصار الظاهر «يشتري منه السيارات المسروقة ويبيعها لعسكريين من طريق الملازم».
بعد سنوات، امتلك الظاهر «خبرة واسعة في السيارات المسروقة وأصبح بإمكانه فتح السيارات الرباعية الدفع». وعندما أوقف أحمد عام 2011، انتقلت شراكة الظاهر إلى خاله محمد إ. الظاهر اشترى له العدة اللازمة لسرقة السيارات مقابل ألف دولار عن كل سيارة. شرع بالسرقة بمؤازرة شخص سوري ونقل المسروقات إلى بريتال. «كان يسير أمامه بسيارته ويمرر السيارات المسروقة على الحواجز مستفيداً من البطاقات والأوراق العسكرية (بطاقات وقوف وتراخيص تجول وأوامر مهمة وأذونات العسكرية مهرها بخاتم الكتيبة حيث يخدم بهدف تعبئتها عند الاقتضاء). بالإضافة إلى بطاقات الهوية المزورة لاستخدامها في استئجار السيارات ثم سرقتها. الظاهر شارك شخصياً بسرقة 3 سيارات في الحمرا وجونية وعرمون بفتحها من دون خلع. وعندما ازدهرت الأعمال، استأجر عام 2013 مستودعاً في دوحة الحص حيث يملك شقة لركن السيارات المسروقة. استعان بمحمد م. لتزوير رخص سير السيارات وأمّن للملازم دفتر ملكية مزور لسيارة مزورة استحصل بها على قسائم محروقات من الجيش. كبرت عصابته حتى ضمت 18 شخصاً. في 12 حزيران 2013، أوقف على طريق المطار برفقة أحد أفراد العصابة دانيال ع. وبحوزته مسدس حربي غير مرخص. وبمداهمة منزله ضُبطت بطاقات مزورة ودفاتر سوق ولوحات مزورة لبنانية وخليجية وبلاك معدني لنمرة هيئة سياسية وعدة خلع وسرقة السيارات وأختام ورمانة يدوية ودراجة نارية مسروقة.
يذكر الظاهر باختصاصيي سرقة السيارات وتفخيخها الذين يدلون بإفاداتهم في المحكمة العسكرية. وبرغم السجل الحافل، وافق القضاء على إخلاء سبيل الظاهر بكفالة مالية منذ نحو عام وأربعة أشهر. ورغم أن القرار الاتهامي صادر في 24 أيلول 2013، إلا أن محاكمة العصابة لم تنطلق بعد. في معظم الأحيان، كان الظاهر أو وكيله يتغيبان. أمس، وجه إليه إبراهيم إنذاراً أخيراً. هدده بتوقيفه في الجلسة المقبلة إذا تغيب هو أو وكيله المحامي معن الأسعد، مرجئاً إياها إلى 27 حزيران المقبل.