قبل عدة أيام، سرى بشكل واسع حديث عن اتفاق بين مسؤولين سعوديين وحركة أنصار الله اليمنية، عن هدنة على الحدود السعودية – اليمنية.
وفعلاً شهدت الحدود، بين البلدين هدوءاً أوحى للمتابعين عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وامكان إطلاق عملية سياسية.. وهذا ما شجع المواطنين اليمنيين، على استغلال الهدوء والانطلاق إلى الأسواق للتبضع وشراء حاجياتهم الضروية.
فجأة، والأسواق مكتظة باليمنيين شن طيران التحالف السعودي غارات على سوق شعبي في محافظة حجة الحدودية، ليحصد أكثر من 110 من الشهداء والجرحى.
لم يكن هناك أي مبرر لهذه الغارة الوحشية، على سوق شعبي، لا وجود فيه لأي شكل من أشكال العسكرة.
ثلاث غارات متتالية استهدفت هذا السوق المركزي في حجه، والذي يعتبر أكبر أسواق المحافظة ويقع على مقربة من الحدود السعودية في منطقة الملاحيظ الحدودية ويقصده الأهالي من معظم المناطق الحدودية.
وترافقت الغارات على سوق حجة بست غارات أخرى استهدفت منطقة بني الحسن في مديرية عبس، مما أوقع مزيداً من الخسائر البشرية، بالإضافة طبعاً إلى الدمار الهائل في الممتلكات والأرزاق.
ثمة حديث واسع وتساؤلات بالجملة حول النوايا السعودية الحقيقية من هذه الغارات المتجددة، في ظل الأجواء التفاؤلية التي كانت قد انتشرت عن إمكانية تكريس الهدنة والوصول إلى وقف نهائي لإطلاق النار.
برأي أوساط يمنية واسعة، فإن غارات طيران التحالف السعودي، تعني أن مملكة الوهم، لم تحقق في حربها على اليمنيين التي تقترب من نهاية سنتها الاولى، أي انجاز ميداني وسياسي، وهو ما يعتبر هزيمة مدوية، بالرغم من كل الصخب الإعلامي الذي تثيره الرياض عن انتصارات هنا وهناك، لا بل أكثر من ذلك، بات العالم يتساءل عن جدوى هذه الحرب العبثية التي تقودها السعودية، وفيها تدك بطيرانها الأميركي الصنع كل البنى اليمنية، فلا توفر المدارس ولا الجامعات ولا المستشفيات ولا دور الأيتام، بحيث صار الكثير من منظمات حقوق الإنسان سواء على مستوى الأمم المتحدة، أو على مستوى الكثير من دول العالم ينادون لمحاكمة السعودية على جرائم الحرب التي ترتكب، بحق الأطفال والنساء والشيوخ، ومعالم التاريخ والتراث الحضارة.
وبرأي أوساط ديبلوماسية غربية، فإن المجازر التي يرتكبها التحالف السعودي، لو حصلت في أي مكان من العالم، لكانت قد اوقفت الحرب، ولكن يبدو أن تحالف مملكة الوهم أصبح أمام حقيقة قاسية، تقوم على مبدأ "يا قاتل يا مقتول".
أما الاوساط الحقوقية اليمنية، فترى ان الجرائم السعودية هدفها التغطية على الجرائم الصهيونية التي ارتكبت وترتكب بحق الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، وإظهار أن "الصهاينة" أكثر انسانية من العرب، ودليلهم على ذلك أن الكيان الصهيوني بعد مجزرة قانا الأولى في جنوب لبنان عام 1996 اوقفت العدوان الهمجي، وفي حرب تموز 2006، كان للصمود الأسطوري للمقاومة والضربات التي وجهتها المقاومة للعدو واستهدافها بصواريخها الداخل "الإسرائيلي"، دور في وقف العدوان الذي ارتكب مجازر المنصوري والنبطية وقانا_2، وهو ما استغل لوقف العدوان.
بأي حال، ووفقاً للمعلومات التي تحدثت عنها أكثر من جهة غربية وأميركية، فإن حصيلة خسائر السعودية لوحدها في هذه الحرب تبلغ أكثر من 3 آلاف و500 قتيل وأكثر من 6 آلاف و500 جريح، وهذا الرقم لو حصل في أي بلد من العالم كان كفيلاً بأن يطيح بالحكم، بالإضافة إلى كل ذلك، فإنه في المناطق التي حصل فيها احتلال سعودي، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية، كان انتشار واسع للإرهاب وخصوصاً لتنظيمي القاعدة وداعش، وهو ما جعل الرئيس المستقيل والدمية السعودية عبد ربه منصور هادي يفر من عدن، تاركاً المدينة تعج في الإرهاب والفوضى.
بأي حال، ربما في حديث باراك اوباما الأخير إلى مجلة "ذي اتلنتيك" ما يكفي للدلالة إلى أي مدى وصلت إليه مملكة الوهم في إرهابها بتأكيده أن السعودية تعتبر الممول الأساسي للإرهاب، كاشفاً أنه منذ العام 1990 مولت الرياض المدارس الوهابية في العالم التي تخرج المتطرفين، مشدداً على أن أصدقاء وحلفاء واشنطن خيبوا آماله بدءاً من السعودية الراعية الأولى للتطرف والإرهاب، حسب تعبير الرئيس الأميركي.