يبدو ان حكومة تمام سلام تتنقل من قطوع الى اخر، فبعدما تجاوزت بعد جهد جهيد قطوع النفايات، ها هي تستعد لمواجهة ملف المديرية العامة ل​أمن الدولة​، الذي تفاقم نتيجة الخلاف بين المدير العام للجهاز اللواء جورج قرعة ونائبه العميد ​محمد الطفيلي​ والذي أدى الى تعطيل عمل المديرية ووقف التشكيلات والترقيات وتطويع العسكريين الجدد.

وفيما يحاول الوزراء الكاثوليك في الحكومة، مدعومين من وزراء "الكتائب" و"التيار الوطني الحر" وبعض المستقلين المسيحيين، الضغط للوصول الى حل يمكن اللواء قرعة (وهو كاثوليكي) من ممارسة مسؤولياته كاملة، ثمة من يسعى الى عدم التجاوب مع مطلب الوزراء المسيحيين، وطرح حل يقضي بتغيير اللواء قرعة (بقي له في الخدمة سنة) والعميد الطفيلي (يتقاعد في حزيران المقبل)، لا سيما وان اسم المدير المطروح جاهز وكذلك اسم نائبه، وكلاهما من الجيش اللبناني.

وإذا كان النقاش الحاد الذي حصل في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء واستعملت فيه عبارات مذهبية وطائفية، كاد يطيح بالحكومة لولا تهديد سلام بالاستقالة قبل ان يتعهد بعرض الملف على الجلسة المقبلة كحل وسطي، فان المصادر الحكومية تتوقع ان يشهد الملفّ نفسه جدالاً قانونيًا هذه المرة قد لا ينتهي على خير.

وأوضحت المصادر أنّ السبب في ذلك يعود الى ان البند المطروح على مجلس الوزراء يتضمن مشروعًا مُعتمدًا في قوى الأمن الداخلي والأمن العام، يناط به اتخاذ القرارات عن طريق التصويت بالأكثرية وفقا لما هو حاصل في كافة القوى العسكرية والأمنية، وبذلك يمكن تفادي اي خلاف بين المدير العام ونائبه، اللذين يحلاّن في صلاحياتهما محل مجلس القيادة، وبالتالي فإنّ اي خلاف بينهما يجمّد عمل امن الدولة، خصوصًا الإجراءات الإدارية والتنظيمية والمالية والترقيات والتطوع.

وعلمت "النشرة" ان مشروع المرسوم المقترح يجعل للجهاز مديرًا عامًا ونائب مدير عام، للمديريات والشعب والمكاتب ومجلس القيادة.

اما مجلس القيادة فيتألّف من المدير العام رئيسا، ونائب المدير العام نائبا للرئيس وأربعة ضباط أعضاء من رتبة عقيد على الأقل، على ان يعيّن هؤلاء الأعضاء بموجب مرسوم يتخذ بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء بعد استطلاع رأي المدير العام.

ويتمتع مجلس القيادة بالصلاحيات المعطاة لمثيله في المديرية العامة للأمن العام، ويجتمع دوريا بدعوة من رئيسه او بطلب من نصف أعضائه ولا يكون اجتماعه قانونيا الا بحضور أربعة من أعضائه، وتصدر القرارات بالأكثرية وعند التعادل يكون صوت الرئيس مرجّحًا.

وفي المعلومات المتوفرة لـ"النشرة" ان مجلس شورى الدولة أصدر رأيا وافق فيه على المشروع مع تعديلات شكلية وغير أساسية.

لكن المصادر ترى ان موافقة مجلس الشورى لن تكفي لإقرار المشروع بوجود رأي قانوني آخر، أعده مستشار في رئاسة الحكومة يشير الى ان انشاء مجلس قيادة أمن الدولة يحتاج الى قانون يقره مجلس النواب، لان تنظيم الأمن العام وقوى الأمن الداخلي صدرا بقانون، الأمر الذي يجعل من المتعذر نيل تنظيم امن الدولة بمرسوم.

ويستند الرأي القانوني المشار اليه الى مرسوم اشتراعي رقم 120 على 983 اي قانون الدفاع الوطني والقانون 17 على 990، اي تنظيم قوى الأمن الداخلي، خصوصا ان القانونين يلحظان انشاء مجلس قيادة لقوى الأمن ومجلس عسكري، كذلك يشير الرأي الى ان لا وجود لنصّ في تنظيم أمن الدولة يفوض مجلس الوزراء انشاء مجلس قيادة لأمن الدولة بمرسوم.

غير ان رأيا آخر يقول بان تنظيم المديرية العامة لأمن الدولة صدر بموجب مرسوم وليس قانون حمل الرقم 2661 تاريخ 3-1985، وبالتالي يمكن تعديله بمرسوم مماثل من دون اللجوء الى قانون يقره مجلس النواب.

ويعتبر مصدر وزاري مسيحي ان ادخال مجلس النواب طرفا في تنظيم أمن الدولة، يعني ابقاء الوضع القائم على حاله لان لا توجّه لاجتماع مجلس النواب لاقرار اي تعديل.

وتخلص المصادر الوزارية الى التعبير عن خشيتها من ان يتحول النقاش من قانوني الى مواجهة سياسية من جديد، او تكليف جهة استشارية إبداء رأي حازم حول مدى قانونية صدور التنظيم بمرسوم او الحاجة الى قانون جديد.