لم يعرف ممثلو "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" في لجنة بكركي التقنية تفاصيل الحلّ الذي وعدهم به عبر الهاتف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لمشكلة تكليف محمود بركات، وهو والد مستشاره، برئاسة قسم الشحن الخصوصي والأوتوبيس في مصلحة تسجيل السيارات في الدكوانه(1) بدلاً من بشارة جبران المكلف منذ حوالى شهرين فقط في المنصب عينه.
على رغم ذلك، ألغوا الإعتصام الذي كان مقرراً أمام مبنى النافعة صباح الأربعاء لأن الهدف الأساس بالنسبة اليهم ليس إقفال مرفق عام بهذا الحجم وتعطيل أعمال المواطنين، بل التوصّل الى حلّ لمشكلة تتخطى حدود المنصب الوظيفي الذي تدور حوله المشكلة بالنسبة الى "التيار" و"القوات"، وهي ليست مشكلة موقع من الفئة الثالثة، وحقوق المسيحيين لا تعود بإعادة هذا المنصب المحسوب على حصتهم الى الموظف بشاره جبران أو الى مسيحي آخر، بل تكمن بحسب أوساط الثنائي المسيحي المستجد في الذهنية التي يتم التعاطي فيها مع المسيحيين في المرافق العامة، وانّ الشريك الآخر في الوطن لا يعاني ما يعانيه المسيحيون في وظائف الدولة، إذ أن ما من وزير مسيحي أياً يكن إنتماؤه الحزبي أو السياسي، أقدم خلال السنوات القليلة الماضية أي بعد خروج السوري من لبنان وعودة المسيحيين الى اللعبة السياسية بعد إقصاء دام خلال سنوات ما بعد الحرب، على تعيين موظف مسيحي في وظيفة يشغلها مسلم وهي من حصة الشيعة أو السنة أو الدروز، لا بل دائماً يأتي هذا التبديل الطائفي في الوظائف على حساب المسيحيين وهذا أمرٌ لم يعد مقبولاً السكوت عنه.
هذا الأمر دفع "التيار" و"القوات" الى هذا التحرك السريع في الدكوانه بحسب المصادر المتابعة، لا سيّما أن قرار تكليف بركات من قبل مدير عام مصلحة تسجيل السيارات المهندس هدى سلوم والذي صدر بطلب من الوزير المشنوق، جاء قبل أن تُحلّ قضيَّة وزارة المالية التي عين فيها الوزير علي حسن خليل محمد سليمان رئيساً لدائرة المُكلَّفين الكبار في الوزارة بدلاً من باسمة أنطونيوس، قضية وعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بكركي بحلّها منذ أكثر من شهر، وعلى أساس وعده هذا توقفت إجتماعات الأحزاب المسيحيّة في بكركي، على أمل تصحيح الخلل الذي لم يُصحّح بعد، علماً أن المقارنة من حيث أهمية المنصبين بين قضية مصلحة تسجيل السيارات وقضية وزارة المال لا تجوز أبداً نظراً الى الدور البارز الذي يلعبه رئيس دائرة المكلفين الكبار في المالية.
إذاً تحركات "التيار" و"القوات" في الدكوانه عُلّقت الى حين عودة المشنوق من السفر للإجتماع به، وكل الآمال معلقة على جرأته في العودة عن قرار تكليف بركات، خصوصاً أن الأخير طلب من جبران الذي يتمتع بخبرة طويلة وكفاءة عالية تدريبه ومساعدته في المهام الجديدة المسندة اليه، على إعتبار أن عمله السابق كان في مديرية الأحوال الشخصية ولا علاقة له بمصلحة تسجيل السيارات.
لكل ما تقدم لا بد من السؤال، بوجود الموظف المناسب من ناحية الخبرة والكفاءة في المكان المناسب، لماذا جاء التكليف الجديد؟!
(1) فئة ثالثة.