لو كان لحجارة حارات طرابلس السنة لكانت فجرت صواعق وقنابل تفوق تأثيراتها على تلك التي كانت ترمى في ازقتها خلال الجولات القتالية بين جبل محسن وباب التبانة وفق مصادر طرابلسية عايشت الازمة خلال 21 جولة.

وتضيف المصادر ان الحارات التي ذاع صيتها كحارة البرانية، المنكوبين، باب الرمل، سوق الخضار، التبانة، كحاضنة للارهابيين والعصابات المسلحة باتت تكره نفسها فهي كانت وما زالت وقود الحرب الذي يشعله مختلف الافرقاء على الساحة الطرابلسية فتحرق اصابع اهلها الذين يعيشون حالة فقر مدقع وغياب الخطط الانمائية التي لا تظهر الا في اوقات معينة ولاغراض معينة وتحرم عليهم حين يريدون تطويعهم.

وتتابع المصادر سكت ازيز الرصاص بعد ان فرض الجيش اللبناني الامن فيها خصوصاً انه يحضن ويدين بالولاء له عدد كبير من ابناء طرابلس وعكار والكورة.

تضيف المصادر لكن الحرب اليوم بدأت تأخذ طابعاً اخر، حيث استبدل اللاعبون المحليون اسلحتهم من البنادق والقنابل والـ«آر.بي.جي» باسلحة اخرى لاستقطاب الشبان الناقمين على الحياة وعلى الدولة لا سيما وان هناك العديد منهم تم استغلاله والتغرير به مع بداية الثورة السورية تحت شعار «الدفاع عن اهل السنة»، ولكن هذا الامر انزلق بالبعض منهم الى احضان التنظيمات التكفيرية جزء منهم تملكته القناعة، وآخر الحاجة المادية والوعود التي اغدقت بتأمين مساكن لهم وتزويجهم.

الاستقطاب اليوم وفق هذه المصادر بدأ عبر اشخاص ذاع صيتهم اثناء الجولات القتالية وأصبحوا رموزاً لدى اكثرية ابناء الحارات وملجأهم للتخلص من عبء الفقر المدقع.

وتلفت المصادر الى ان ما يقال عن ظلم للموقوفين الذين اطلق عليهم تسمية «الاسلاميين» لا تتحمله الدولة والمؤسسات الامنية لا سيما وان المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم تسعى بشكل دائم الى انهاء هذه الملفات ولا سيما ما يتعلق بما تم تسميتهم بقادة المحاور التي كانت معظم جلساتهم ترجأ لغياب المحامين او استمهال بعضهم، وتمنع بعض الموقوفين عن السوق، دون ان ننسى ان المحكمة بشخص رئيسها ترفض تسمية الموقوفين «بالاسلاميين» الذي كان دائماً يلفت نظر المتهم الى ان محاكمته في العسكرية ليست بناء على دعمه للثورة السورية لأن هذا الامر يتعلق برأيه بل على اعمال ارهابية قد يكون ارتكبها او الانتماء الى تنظيمات صنفت ارهابية.

وتتابع المصادر ان بعض المشايخ لعبوا ادواراً في دفع هؤلاء الشباب الى المشاركة في القتال في سوريا لا سيما وان حزباً لبنانياً يشارك في المعارك هناك.

ولعل ابرز دليل ما افاد به الشيخ اسامة عنتر الذي كان امام مسجد التقوى لمدة 8 سنوات والذي لم ينف تأييده للثورة السورية وارساله الشباب للقتال في سوريا بناء على طلب من هيئة العلماء والتي حملها مسؤولية ما يجري في طرابلس، لافتاً الى ان خطها هو خط «داعش» و«النصرة» لا سيما وان اعلام التنظيمين كانت ترفع في المظاهرات بوجود اعضاء من الهيئة.

اسامة عنتر تحلى بجرأة عالية عندما فضح المستور، فهو في افادته الاولية لم يذكر اسماء المشايخ ولكنه يبدو انه خلال جلسات محاكمته وجد نفسه «كبش محرقة» فأعلنها حرباً على من كان له الشورى في ارسال الشبان.

و«الديار» تنشر ملخص من مضمون افادة الشيخ اسامة عنتر خلال التحقيقات الاولية حيث اكد انه مع اندلاع الثورة في سوريا بدأ بلقاء عدد من السوريين الناشطين في الثورة، حيث ساهم في ارسال مساعدات الى القصير، لكنه بعد بروز «جبهة النصرة» و«تنظيم الدولة» ايد الاولى بحكم توجهه العقائدي وارتباطه ببعض المشايخ في لبنان وخارجه ولا سيما الشيخ السعودي تركي البنعلي «بايع داعش» حيث وجد ان احقية الخلافة هي لتنظيم الدولة وقد اكد له الشيخ السعودي ان لا مانع من هجرة الشباب اللبنانيين الى سوريا للالتحاق «بتنظيم الدولة» وزوده برقم شاب في طرابلس يدعى ش.ش. لقبه «ابو الفضل» والذي سيؤمن انتقال الشباب الى سوريا على ان يقوم هو بتزكية كل من يريد الذهاب الى سوريا وهذا ما حصل، حيث انتقل العديد من الشبان، فذاع صيته واصبح مقصداً لكنه فوجىء بسفر ش.ش. الى سوريا دون ان يعلمه لكنه استمر بالعمل معه عبر تزويد الشباب برقم هاتفه ويتصل به ليزكي البعض منهم كونه اصبح مرافقاً للشيخ تركي.

ومن ابرز الذين زكاهم الشيخ طارق الخياط والشيخ نبيل سكاف، لكنه رفض في احدى المرات تزكية شخص لعلمه انه من اتباع «ابو الهدى» (احمد ميقاتي).

وقد اكد عنتر ايضاً انه زكى غ.ع. الذي قصد سوريا وعاد بعد شهر متحججاً أنه يريد اصطحاب عائلته لكنه لم يفعل.

ومما افاد به عنتر ان المدعو ع.ب. اخبره عن رغبة 5 شبان الذهاب الى سوريا وبينهم احد اقاربه، لكنه رفض الامر باعتبار انه لا يعرف احداً منهم، وان «ابو الهدى» هو من ارسلهم وقام بتزكيتهم لانهم من منطقة الاسواق حيث يتواجد «ابو الهدى» لذا فعلى الاخير مساعدتهم.

وتابع عنتر انه علم ان شخصاً يدعي «ابو حمزة» سهل دخولهم الى سوريا. اما بالنسبة للذين ارسلهم فمنهم من رغب بذلك من تلقاء نفسه ومنهم من تم تزكيتهم من قبل الشيخ نبيل سكاف وقد وصل العدد الى 16 شاباً وهو توقف عن هذا الموضوع والغى خدمة «الواتس آب» بعد ان علم ان عدداً من الذين ارسلهم الى سوريا اصبحوا يقومون بتزكية الشبان الآخرين.

وهنا يطرح السؤال يبدو ان في جعبة عنتر اكثر مما ورد في افادته في التحقيقات الاولية وفق ما باح بها مام قوس المحكمة العسكرية والذي ربما سيبوح به في الجلسة المقبلة او «يصمت عن الكلام المباح» الا ان المرجح ان «يبق باقي البحصات» بسبب تخلي من كلفه بالمهمة وتركه لمصيره وراء قضبان سجن رومية.