المحبة صادقة، لا تقبل بالكذب.
كل مَن يقبل بشريعة الطبيعة (أي شريعة المحبة) ويعمل بها، هو أخي، مهما كانت اعتقاداته. فمهما اختلفت آراؤنا، لا يمكن ألا أحترم وألا أحب من كل جوارحي، شابًّا مسلمًا أو شابة مسلمة أو دكتورة مسلمة أو رجل دين مسلمًا، دافعوا عن بريء حين افتُري عليه، أكان من دينهم أم لا. هذه الشريعة الطبيعية تجعلني أقرب إليهم بكثير، من بعض المسيحيين الذين لا يمارسون شريعة المحبة والغفران والمدافعة عن البريء.
أرجوهم، إذًا، ألا يعتبروا كلامي موجّهًا لهم. بل هو موجّه للكهنة ولكل مَن قبل بتحويل عيد البشارة المسيحي إلى عيد مشترك بين المسيحيين والمسلمين.
والكل يعلم أننا، نحن المسيحيون، نقول إن يسوع المسيح هو الله. وإذ نقول ذلك، فمن المفترض أن نؤمن بذلك أيضًا. وإن آمنا بذلك، فعلينا ألَّا نغير حديثنا إذا تغيرت الظروف، فالمسيح قال: "مَن أنكرني أمام الناس، سأنكره أنا أيضًا أمام أبي الذي في السموات". (إنجيل متى 10)
أما المسلمون، فهم لا يؤمنون بألوهية المسيح، ويدّعون أننا مشركون لأننا نقول إنّ يسوع هو الله.
فقد ورد في القرآن: "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح... مَن يُشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة... لقد كفر الذين قالوا إن الله هو ثالثُ ثلاثة". (سورة المائدة، 72 ـ 73).
كذلك، يقول القرآن إن يسوع لم يصلب ولم يمت ولم يقم، فيما صَلبُ إيماننا هو أن يسوع هو الله وقد خلّصنا على الصليب.
لا يمكن أن يصبح عيد البشارة مشتركًا من دون أن يكذب بعضنا على البعض الآخر، إلا إذا انتزعنا ألوهية المسيح منه كما انتزع أعداؤه ثيابه قبل صلبه، ونسينا أن عيد البشارة هو عيد تجسد الله في حشا العذراء مريم، من أجل خلاص البشر، كل البشر، من دون استثناء الذين لا يؤمنون به.
هذا، من الناحية المسيحية.
أما من الناحية الإسلامية، فعيد البشارة لا يعني سوى عيد تكوين نبي في شكل عجائبي.
وبعدما انتُزِعت الصفة الإلهية من المسيح، وانتُزِع اسمه الذي أعطته إياه أمه (أي يسوع، الذي يعني "الله يخلص")، لا نجد أن ابن مريم أكبر الأنبياء عند المسلمين، بل هو مجرد مَن أُرسِل للتبشير بنبيهم محمد. فقد ورد في القرآن:
"وإذ قال عيسى ابن مريم: يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مُصدِّقًا لما بين يديَّ [أي التوراة والإنجيل] ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد [محمد]". (سورة الصف 6).
هكذا يتم تحويل "يسوع ابن الله" إلى "عيسى بن مريم المرسل لتحضير سبيل محمد كما أرسِل يوحنا المعمدان لتحضير سبيل يسوع".
أهذا فعلًا ما قبلتم به أيها الكهنة المسيحيون؟
كفى تغابنًا! فلنحبّ إخواننا بالروح والحقيقة، لا بالذلّ والتغابن والكذب. فهذا وطننا وكنا هنا قبل جميع الناس. وهل يحترم المسلم المسيحي إذا رآه يكذب ويقبل بأن يتخلى عن ألوهية إلهه؟ كلا، لأنه يعلم أن الذي يفعل ذلك سيتخلى عنه إذا أصبح هو في موقع الضعف.
*صورة صلب المسيح هي للرسام الدانماركي كارل هاينريك بلوك.
أما صورتا البشارة (أي التجسد) والقيامة فهما قسمان من لوحة كبيرة متعددة الرسومات، كانت توضع فوق مذبح. وهي للرسام غرونوالد، موجودة في متحف كولمار في فرنسا.