بات مكبّ الكفور للنفايات يشكّل لغزاً وأحجية تحتاج للعرّافين لحلّها، في ضوء النزاع الحاصل على فتحه تارة وإقفاله تارة أخرى، على وقع تحركات الأهالي واعتصاماتهم الدورية، خصوصًا بعدما تمكّنوا من انتزاع إقرار من وزير البيئة بإقفاله، بعد أن كان اتحاد بلديات الشقيف يستخدمه لتصريف نفايات بلديات الاتحاد. ولكنّ ما حصل قبل أسبوع أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، حيث أنّ شاحناتٍ محمّلة بالنفايات اتجهت ليلاً، وتحت جنح الظلام، لإفراغ حمولتها من جديد في المكب، الأمر الذي استفزّ أهالي الكفور، ودفعهم إلى الاعتصام مجدّداً رفضاً للجريمة الحاصلة بحق البيئة في بلدتهم.
وبحسب معلومات "النشرة"، فقد تأكد بالملموس أنّ المكبّ فتح من جديد، ولكن أمام العوادم الناتجة عن فرز النفايات في معمل الفرز في وادي الكفور فقط، أي بنسبة تعادل 50 طناً يومياً، وذلك لأنّ اتحاد بلديات الشقيف لم يتمكن من تأمين عقار لطمر العوادم فيه. ولدى مراجعة أهالي الكفور للمعنيين، سمعوا هذا الأمر وفق قاعدة "ليس باليد حيلة"، كما تلقّوا تطمينات من أنّ المكب مفتوحٌ أمام نفاياتهم فقط، وأنّه ممنوعٌ على أيّ شاحنة أن ترمي فيها نفايات المناطق المحيطة.
ولعلّ تجدّد أزمة تكدّس النفايات في شوارع مدينة النبطية والبلدات المحيطة بها فاقم من الموضوع، علمًا أنّه تبيّن أنّها ناجمة عن عجز شركة "بصل" الملتزمة جمع وكنس النفايات ونقلها إلى معمل الفرز لمعالجتها وذلك بسبب قلة الآليات لدى الشركة، كما أنّ شركة "لافاجيت" التي تتولى عملية الفرز بسعر 20 دولاراً للطن الواحد لم تتمكن أيضاً من فرز الكمية المطلوبة يومياً والمقدّرة بـ140 طناً، والتي ينجم عنها 50 طناً من العوادم.
وفي حين كان الحلّ الأسهل في البداية رمي هذه العوادم في مكب الكفور، كشف مصدر في الاتحاد لـ"النشرة" أنّه يتمّ العمل الآن على تجميعها تمهيداً لتأمين مطمر صحي للعوادم في أيّ نطاق عقاري، "وإن لم نصل إلى ذلك، سنكون أمام أفق مسدود، وعندها سوف نلجأ إلى الطلب من كلّ بلدية بتأمين مطمر صحي لطمر العوادم من نفاياتها"، وهو كلامٌ ردّده رئيس الاتحاد محمد جميل جابر صراحةً. وإذا كان جابر ناشد وزراء البيئة والمالية والداخلية ونواب النبطية بالمساعدة، بل طالب رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالتدخّل، فإنّه حذر من أنّ المعمل مهدّد بالتوقف، وأنّ تأمين عقار لمطمر صحي للعوادم يتخطى قدرة الاتحاد.
وفي المقلب الآخر، أكد مختار الكفور حسين محمد مطر لـ"النشرة" أنّه تبلغ بأنّ المطمر فتح فقط للعوادم الناجمة عن معالجة وفرز النفايات، وأمام النفايات من بلدة الكفور وتول التابعة لها عقارياً، وقام بإبلاغ الأهالي بذلك نظراً لعدم وجود بلدية، إلا أنه لفت إلى أنّهم لم يسعدوا بذلك. وعلمت "النشرة" أنّهم يتهيّأون لعقد مؤتمر صحفي في النادي الحسيني لتسمية الأمور بأسمائها، بعدما طفح الكيل، كما قال عددٌ منهم لـ"النشرة".
إذاً أزمة مكب النفايات في الكفور عادت إلى مربّعها الأول. وبين صرخة الأهالي من جهة، وتحذيرات اتحاد بلديات الشقيف من جهة ثانية، يبقى السؤال: من يتحمّل مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع؟ وماذا يضمن عدم تفاقمها أكثر؟