تستعد بلدة عرسال الحدودية بهدوء للانتخابات البلدية المقررة الشهر المقبل بالرغم من كل الضجيج الذي أثير حول مدى امكانية اجراء هذا الاستحقاق في البلدة، التي لم يتوان وزير الداخلية نهاد المشنوق عن وصفها بـ"المحتلة"، وربط التحديات التي قد تواجه المعنيين بتأمين سلامة الناخبين والعملية ككل بمجمل الوضع الأمني في لبنان بمسعى لتأجيل الانتخابات.
الا أنّه ومع اقتراب المواعيد التي حددتها وزارة الداخلية ورضوخ الفرقاء غير المتحمسين للانتخابات لواقع أنّها باتت أشبه بـ"الحتمية"، تنكب فعاليات البلدة التي تستضيف ما يزيد عن 100 ألف لاجئ سوري، أي حوالي 3 أضعاف عدد سكانها، على محاولة اعداد لائحة تواجه اللائحة التي باشر بتشكيلها رئيس البلدية الحالي علي الحجيري المدعوم من تيار "المستقبل" والذي يتطلع لولاية جديدة تثبّت الوضع في عرسال على ما هو عليه. ويحظى الحجيري الى جانب دعم تيار "المستقبل" بمباركة المسلحين(1) السوريين الذين يتمسكون ببقاء الأمور على ما هي عليه ويرفضون أي محاولة لتغيير الواقع الحالي للبلدة، حتى أنّهم أو غيرهم من الجهات قد لا يتوانون عن تحريك الوضع الأمني في حال تبلورت ملامح لائحة قادرة على منافسة لائحة الحجيري التي لا تزال غير مكتملة. وهو ما كشفته مصادر مطلعة في البلدة، أشارت الى ان الحجيري أمّن ما بين 10 و 12 عضوا في لائحته التي يُفترض ان تضم 21 عضوا، وهو يتكل على تيار "المستقبل" لاتمام ما تبقى من المهمة.
بالمقابل، لا يزال المشهد في الجبهة المعارضة لتجديد ولاية الحجيري والطامحة لتغيير واقع البلدة الحالي والذي تفاقم منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، غير مكتمل خاصة بعد قرار المهندس خالد الحجيري الانسحاب من المعركة التي قرّر قبل أسابيع قليلة خوضها تحت عنوان "التغيير" معتمدا على طاقم شبابي ما لبث أن خذله. ورد الحجيري سبب انسحابه لـ"الوصول لحائط مسدود في محاولتنا تشكيل مجموعة متفاهمة تأخذ على عاتقها العمل البلدي تحت مظلة مصلحة عرسال اولا، بسبب التخاذل والجبن وضيق الافق والحسابات الضيقة والعصبيات العمياء"، متحدثا عن "تواطؤ سياسي على تثبيت الوضع الحالي في عرسال لإبقائها ورقة ضغط ومساومة في ساحة الحسابات السياسية الداخلية بمشاركة من يدّعون أنهم يمثلون قرار العائلات في عرسال تحت مسمى التوافق".
وفي آخر المعلومات الواردة من البلدة التي يحتل تنظيما "داعش" و"جبهة النصرة" أجزاء واسعة منها ومن جرودها، تنشط المساعي لتشكيل لائحة تضم النائبين السابقين منير ومسعود الحجيري والتي يُتعارف حاليا على تسميتها بلائحة "الكهول" على أن تكون مدعومة من العائلات، وهي وبحسب المصادر ستكون وحدها القادرة على الاطاحة بلائحة علي الحجيري في حال وصلت عملية تشكيلها الى خواتيم سعيدة. ولا تستبعد المصادر ان يتم تحريك الوضع الامني في البلدة للتصدي لأي محاولة للاطاحة بالستاتيكو القائم والذي يجسده علي الحجيري، من خلال الدفع باتجاه الغاء الانتخابات في البلدة التي بدأت تستعد للاستحقاق البلدي بعدما تم نقل عدد من المراكز الانتخابية الى ما يسمى بـ"المنطقة الخضراء" في ضواحي عرسال والتي يتواجد فيها الجيش اللبناني.
وحتى تبيان مدى قدرة أهالي عرسال، الذين يطمح معظمهم إلى تغيير واقعهم الحالي، على احداث خرق حقيقي في هذا المجال من خلال الاستحقاق البلدي، ستبقى البلدة أسيرة الرايات السوداء التي رفرفرت في سمائها من دون حسيب او رقيب على شاشات التلفزة خلال عملية تبادل العسكريين المختطفين، كما خاضعة لمنطق فريق سياسي يتمادى باستخدامها ورقة مذهبية يواجه بها أخصامه السياسيين غير آبه بالفاتورة المرتفعة التي يدفعها أبناء البلدة كما عناصر الجيش الذين سقط منهم من سقط بين شهيد وجريح ومخطوف.
(1)تخضع بلدة "عرسال" بغالبيتها لاحتلال تنظيمي "داعش" و"النصرة" الإرهابيين.