ثلاثة أعوام يقضيها الطالب في جامعته، بعد أكثر من 15 سنة في دراسته المدرسية، ليحصل على شهادته ويتوج جهد السنين بحفل تخرج تقيمه الجامعة تكريماً لجهوده الدراسية. إلا أن طلاب كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية حرموا هذه المرة من رمي قبعات التخرج بسبب الانقسام بين فرعي الكلية (الفرع الأول موجود في منطقة الرملة البيضاء والفرع الثاني في الجديدة).
ومنذ العام 2012، غابت هذه الاحتفالات عن الكلية، في حين أن باقي الكليات في الجامعة عينها تجري سنوياً هذا الاحتفال دون أي إشكالات.
وكانت إدارة الكلية قد حددت تاريخ 31 آذار كموعد نهائي لاجراء هذا الحفل، بعد أن تم تأجيله أكثر من مرتين بسبب عدم التفاهم على كيفية ادارة هذا النشاط وتنظيمه بين الفرعين. وقد عقدت العديد من الاجتماعات بين ممثلين عن الكليتين وممثلين عن المجالس الطلابية دون أن تثمر حفلاً للطلاب.
فلماذا تم تأجيل هذا الاحتفال، ولماذا لم تثمر هذه الاجتماعات توافقاً حول آلية النشاط؟
أكدت أوساط المجتمعين لـ"النشرة" أن أسباب عدم التوافق عديدة، ففي ما يخص مكان اجراء الاحتفال، رفض ممثلو الفرع الثاني أن يكون الاحتفال في مجمع الحدث الجامعي، الذي كان قد حضن الاحتفال الأخير عام 2012، كما رفضوا اجراءه في قصر الأونيسكو. ورغم قبول ممثلي الفرع الأول بهذه الشروط إلا أنه لم يتم الاتفاق على مكان الا بعد العديد من الاجتماعات توصلت في النهاية إلى اختيار منطقة سن الفيل. إضافة إلى هذا الخلاف، برزت مشكلة حول تنظيم هذا النشاط ومن يديره (ان كان مجلس طلاب الفرع الأول أو الثاني) والكلمات التي ستتلى خلال الاحتفال. ولفتت الأوساط إلى أن "الاجتماعات شهدت عدم جدية من بعض المعنيين في ظل عدم التزامهم بحضور الاجتماعات"، موضحة أنه "بعد انعقاد الكثير من اللقاءات وعدم التوصل إلى نتيجة قررت إدارة الجامعة إلغاء الاحتفال".
لا شيء يجمعنا!
وفي هذا السياق، أوضح رئيس مجلس طلاب الفرع الأول محمد أيوب "اننا سعينا منذ سنة لإنجاز هذا النشاط في ظل عدم اهتمام أو تفاعل من قبل الفرع الثاني وتمكنا من تسجيل أسماء أكثر من 200 طالب بينما اكتفى الفرع الثاني بتقديم خمسة أسماء في دليل واضح على محاولة هذا الفرع لعرقلة هذا النشاط"، مؤكداً أنه "لم يكن هناك أي شكل من أشكال التفاعل أو الاهتمام من الفرع الثاني".
من جهتها، لفتت رئيسة الهيئة الطلابية في الفرع الثاني مستيكا خوري إلى أنه "ما من شيء يجمعنا مع الفرع الأول ونحن لا نشبه بعضنا لا بطريقة التفكير ولا بطريقة اللبس ولا بأي شيء فلماذا نتشارك معهم في حفل تخرج واحد"، مطالبة بانجاز هذا الحفل لكل فرع بمفرده.
وأوضحت خوري أن "المناقشات خلال الاجتماعات لم تصل لنتيجة"، معربة عن استغرابها من أن "ممثلي الفرع الأول يناقشوننا على وجود طاولة "شامبانيا" خلال الاحتفال"، ومعتبرة أن "التجارب السابقة لم تعطنا ثقة بتنظيم هذه الاحتفالات، ففي المرة الأخيرة التي أجري فيها الاحتفال لم نحصل على شهاداتنا".
لا توازنات طائفية
وأكد أيوب أنه "بعدما قدّم الفرع الثاني خمسة أسماء فقط لحفل التخرج طلبنا من الادارة اجراءه بالأسماء الموجودة إلا ان طلبنا رفض"، كاشفاً بأن "السبب الحقيقي لعدم اجراء هذا الاحتفال بمن حضر هو عدم وجود التوازنات الطائفية بالحفل ان تم انجازه بفرع واحد فقط، مع العلم أن الأسماء المقدمة من الفرع الأول لم تكن محصورة بطائفة محددة أو مذهب معين"، معلنا رفضه لتجزئة الفرعين على أن الفرع الأول هو للمسلمين والفرع الثاني للمسيحيين.
وبدورها قالت خوري: "انني اريد أن اعيش في وطن احصل على حقوقي وأقوم بواجبتي وأن لا أرى الفريق الآخر كيف يتخطى واجباته دون التقيد بالقوانين"، مضيفة: "كيف يريدونني أن اتخرج مع الفرع الأول الذي يجري "قسم اليمين" لحزبه أو حركته داخل حرم جامعته ويجري الاحتفالات التأبينية في حرم الجامعة وكيف يريدونني أن أتخرج في الحدث حيث ترفع صورة لشخص قاتل في سوريا وقتل هناك؟" وتخلص إلى القول: "لا شيء يجمعني مع الفرع الأول".
لا ثقة لدينا
وختم أيوب معرباً عن أسفه من أن الجامعة اللبنانية قد تحولت إلى وسيلة للتحريض وللانقسام بين أبناء الوطن الواحد، مؤكداً "اننا أبناء جامعة وطنية واحدة تدعو إلى الوحدة الاسلامية المسيحية فكيف يلغى حفل لعدم وجود التوازنات الطائفية"، ومطالباً من رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسن بالسعي للقيام بحفل تخرج لكل دفعة في الجامعة وليس كل 5 سنوات "فهذا يعطي محفزاً للطالب".
ورأت خوري "اننا لا نرفض فقط للرفض بل لا ثقة لدينا بالفرع الأول الذي لا يجمعنا أي شيء معه"، مؤكدة "اننا نريد أن نعيش حياة طلابية طبيعية مع بناء صرح جامعي للوطن وليس للأحزاب ونريد جامعة يطبق فيها القانون على الجميع وليس فقط على الفرع الثاني بينما الفرع الأول لا رقيب فيه".
في المحصلة، ألغي حفل التخرج الرسمي الخاص بكلية الاعلام في الجامعة اللبنانية في ظل انقسام واضح وحاد بين فرعين في جامعة الوطن. وها هي الانقسامات السياسية الحادة في الشارع اللبناني قد ترجمت على الطلاب الذين من المفترض أن يبنوا لبنان مع بعضهم، وباتت فروع الكليات في الجامعة اللبنانية "صورة طبق الأصل" ومصغرة عن لبنان.