عاش الشرق الأوسط (العربي) منذ العام 1948 حالة صراع بين العرب والعدو "الإسرائيلي"، بهدف تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني، وعودة اللاجئين إلى ديارهم.. انقسم العرب إلى قسمين، فمنهم من قاتل وقاوم وامتنع عن توقيع "معاهدات السلام" مع "إسرائيل"، وآخرون بقوا على الحياد، خصوصاً منذ العام 1979؛ تاريخ توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد، والأردن اتفاقية وادي عربة، وبعض الفلسطينيين (منظمة التحرير) اتفاقيات أوسلو، وتمادى بعض العرب من دول الخليج لإقامة علاقات سرية مع الصهاينة، تُوِّجت باللقاءات العلنية بين السعوديين و"الإسرائيليين"، وبرفع الأعلام "الإسرائيلية" ومكاتب الاتصال في قطر وغيرها.
بدأ "الربيع العربي" المشبوه بشعارات الديمقراطية والحرية وإسقاط الأنظمة المستبدة، لكنه مارس "ازدواجية المعايير" السياسية، فالأنظمة المَلَكية والأميرية لم يطلها "الربيع العربي"، وهي التي لم تعرف الديمقراطية ولا التعددية السياسية، ولا تداول السلطة، بل يجمعها قاسم مشترك؛ أنها ليست في عداء مع العدو "الإسرائيلي"، وليست مع حركات المقاومة، فربحت "حرز الأمان" المكتوب من الأميركيين والصهاينة وخلفهم الأوروبيين، وتعهد هؤلاء الخليجيون بالتعاون مع تركيا لتمويل الجماعات التكفيرية في "الربيع العربي"، والتي صادرت الثورات الشعبية ورفعت شعار "إن الله لم يأمرنا بقتال إسرائيل"، والعجيب أن بعض الفلسطينيين (السلطة الفلسطينة وسلطة غزة – "حماس") انحازوا إلى محور الخليج العربي ضد محور المقاومة والممانعة لأسباب مذهبية، وحماية لمصالح مشروع الـ"مقاولة" بدل مشروع المقاومة، واستطاع العدو "الإسرائيلي" تحقيق هدفين من ثلاثة أهداف حتى الآن، بمساعدة بعض العرب الخليجيين وأكثرية فلسطينية، والهدفان اللذان تحققا "إسرائيلياً" هما:
1- ضرب محور المقاومة، واستنزاف قدراته في الميدان السوري وعمقه العراقي واللبناني.
2- التحالف العلني مع دول خليجية (السعودية - قطر..)، وتم استدراج السعوديين بقصد أو غير قصد إلى طاولة التوقيع على ملحقات اتفاقية كامب دايفيد، من خلال التوقيع على الملحق العسكري للمعاهدة بعد نقل السيادة المصرية على جزيرتي "صنافير" و"تيران" إلى السيادة السعودية، مع جائزة ترضية للعدو؛ بإقامة الجسر البحري بين مصر والسعودية وثالثهما "إسرائيل".
بقي الهدف الثالث المتمثل بإلغاء "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين وتوطينهم وتنشيطهم حيث يقيمون، والخطوة الأولى تدمير وإلغاء المخيمات الفلسطينية الكبرى والرمزية في لبنان وسورية، فكان مخيم اليرموك في دمشق، والذي ساهمت "حماس" بإسقاطه عبر ما يسمى "أكناف بيت المقدس"، ثم تمّ التقاسم بين "النصرة" و"داعش"، والآن يجري تسليمه لـ"داعش"، عبر مسرحية هزيمة وتقهقر "النصرة" أمامها، ثم تدمير ما تبقّى من المخيم (عاصمة اللجوء الفلسطيني) في سورية، بتواطؤ وتآمر أكثرية الفلسطينيين ما عدا بعض المنظمات الوطنية والإسلامية الفلسطينية.
وإلحاقاً باليرموك، بدأت إرهاصات إسقاط مخيم "عين الحلوة" في لبنان، كرمز للشتات الفلسطيني تاريخياً، ضمن خطة ترعاها "إسرائيل" وبعض دول الخليج، بالتعاون مع بعض المنظمات الفلسطينية الكبرى لتحقيق هدفين:
1- تفجير المخيم وتوابعه، وإسقاطه بيد "داعش" وأخواتها، في ظل صمت مطبق من "حماس" و"فتح"، عبر الاستهزاء بعقول الرأي العام وإرغامه على تصديق أن بضع عشرات من الشباب المسلم أو "جند الشام" أو بعض الأسماء الضعيفة قادرة على إسقاط المخيم، وأن القوة العسكرية المشترَكة عاجزة عن لجم تحركاتهم أو منع أعمالهم الإرهابية، والتراجع المشبوه أمامها للوصول إلى تدمير المخيم وتشتيت أهله، وشطب العودة نهائياً، وهذا ما تطالب به "إسرائيل" ويؤيدها بعض العرب.
2- تفجير مخيم عين الحلوة سيؤدي إلى قطع طريق الجنوب - بيروت على المقاومة وأهلها على محورين إثنين: صيدا - الزهراني، وصيدا - إقليم التفاح، بعد تمدد التكفيريين من مخيم المية ومية إلى "القريّة"؛ البلدة المسيحية، وحصار حارة صيدا من الشرق، وتهديد الجوار الشيعي والمسيحي لهذين المخيمين، ما يربك المقاومة ويجبرها على خوض المعركة لتأمين طريق الجنوب، وذلك بقصد استنزافها، علّها تنسحب من سورية، خصوصاً أن الاشتباك بين المقاومة وأهلها مع التكفيريين في عين الحلوة سيتمدد إلى باقي المخيمات في صور وبيروت، ويهدد بالانفجار الكبير في لبنان، والذي توعّدت به بعض الصحف الخليجية.
سيردّ علينا البعض بأننا نتآمرعلى الفلسطينيين لأننا نحذرهم من مصيرهم الأسود، إلا إذا كان تحذيرنا لمساعدتهم وتحصين عودتهم يُعتبر تآمراً عليهم، لأن بعضهم لا يريد العودة، ولا يريد الاستمرار في مسيرة المقاومة، حيث استراح إلى الفنادق والمقاولات، فلا هو يقاتل في فلسطين، ولا يدعم انتقاضة السكاكين والدهس، بل يحاصرها ثم يوافق على وصف المقاومة بأنها إرهابية، وبدل التصويت مرة فقد وافق أربع مرات، ويمكن أن يضيفها إلى قنوت الصلاة أو النشيد الوطني الفلسطيني، وتحالف مع تركيا ودول الخليج ويعادي محور المقاومة مقابل دراهم معدودات أو لوثة مذهبية، ولم يسأل نفسه: أين كانت طائرات العرب وصواريخهم وجيوشهم وجحافل التكفيريين عندما قصفت غزة، والآن عندما يقتل الصهاينة مئات الشباب والصبايا الفلسطينيين - الأيتام من كل غطاء من السلطة أو سلطة غزة أو العرب !
ذنبنا أننا نؤمن بواجب تحرير فلسطين ومقاومة العدو، فيفاجئنا بعض أهل فلسطين بوصفنا بأننا "إرهابيون"!
هل سيستيقظ الفجر الفلسطيني ويعود إلى جادة الصواب، لإنقاذ فلسطين وأهلها والمقاومة؟