لم يكن عبور منظومة صواريخ "أس 300 " الرّوسية الى طهران الأسبوع الماضي في هذا التوقيت بالذّات في خضمّ التحضّر للمعركة الكبرى في حلب محض صدفة، متزامنا مع بيان لافت لوزارة الدّفاع الرّوسية أعلنت فيه انّ جبهة النّصرة تخطّط لهجوم واسع على حلب. فعلى وقع التقارير التي أماطت الّلثام عن شحنات ضخمة من الأسلحة وصلت الى مسلّحي الجبهة والميليشيات الرّديفة لها خلال فترة إقرار الهدنة في سورية، بمواكبة ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية ومفادها انّ مسؤولين في جهاز "سي آي إي" أنجزوا خطّة بتزويد الميليشيات المسلحة بأسلحة نوعيّة بهدف توجيه ضربات الى الطائرات الحربية السوريّة ومواقع الجيش السوري، برز تقرير هو الأخطر عن موقع "غلوبال ريسيرتش" الكندي أكّدت مضمونه لاحقا مجلّة" اي أتش أس جينز" للشؤون الدّفاعية، وفيه انّ واشنطن ارسلت بالفعل الى "جماعات مسلّحة" في سورية شحنتين تضمّان ثلاثة آلاف طنّ من الأسلحة تمّ نقل الأولى من ميناء كونستانتا الرّوماني مرورا بميناء اغالار التركي، لتُنقل الثانية -بحمولات مضاعفة- من ميناء بورغاس البلغاري الى ميناء العقبة.. في وقت توقّف خبراء عسكريون امام الحشود الضّخمة لجيش الفتح في سهل الغاب "لترجمة سيناريو تركي-سعودي من رحم الخطّة "ب" الأميركية تزامنا مع بدء العد العكسي لانطلاق عمليّات الجيش السوري وحلفائه في حلب.
وفي حين كشفت معلومات صحافيّة ألمانيّة انّ تركيا والسعودية باشرت باستحداث غرف عمليّات تضمّ نُخبا من ضبّاط استخباراتها بمشاركة لافتة لآخرين من جهاز "امان" الاستخباري الإسرائيلي، وأنّ قرابة 8000 مسلّح من جبهة النّصرة باتوا متمركزين في جنوب غرب حلب وقرابة 1500 في شمالها، نقلت صحيفة "فزغلاد" الرّوسية عن سيمون باغداساروف-مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى- تأكيده انّ واشنطن سلّمت مؤخرا ميليشيات مسلّحة في سورية بينها مرتبط بتنظيم القاعدة شحنات من الأسلحة بينها صواريخ ستينغر، وانها لن تدخل مباشرة على خطّ ترجمة الخطة "ب" بل اوكلت المهمة الى تركيا والسعودية، على وقع معلومات كشفها الباحث العسكري الرّوسي اندريه اوليتسكي تشير الى اقتراب بدء معركة خاطفة ضدّ مجاميع جبهة النّصرة في جرود عرسال اللبنانية، تزامنا مع انطلاق العمليات العسكرية في جبهات الشمال السوري بمشاركة جويّة روسيّة!
بالمقابل، يراقب الإيرانيّون والرّوس ما يتمّ تجهيزه على ضفّة المحور المعادي. ثمّة أمرا هامّا قاد قائد فيلق القدس في الحرس الثّوري الايراني قاسم سليماني على عجل الى موسكو ليل الرابع عشر من الجاري. ينقل نيك دي لاريناجا- المحلل في صحيفة "اي اتش أس ديفنس" عن ضابط رفيع المستوى في الأركان الرّوسية، انّ سليماني اجتمع بوزير الدّفاع الرّوسي سيرغي شويجو وبقادة بارزين في الجيش الرّوسي قبل ان يلتقي الرئيس فلاديمير بوتين ويأخذ موافقته على إنزال "الورقة الأخطر" الى ميدان حلب. وإذ لفت الى انّ القيادة الايرانية تعتبر المعركة المُرتقبة في الشهباء وكأنها معركة تخوضها على اراضيها، مشيرا الى انّ التنسيق بين موسكو وطهران في اعلى درجاته حيال المعارك القادمة في حلب وباقي الجبهات الشمالية، كشف لاريناجا عن تعديلات "هامة" أدخلها سليماني والقادة الرّوس على الجهوزية العسكرية في المدينة الإستراتيجيّة، رجّح ان يكون أهمها تجهيز صواريخ كاليبر الروسيّة المجنّحة في بحر قزوين لتدخل على خطّ المعارك المرتقبة!
وفي وقت تجهد أجهزة الإستخبارات الأميركية الى تحديد عديد القوّات الخاصّة الروسيّة التي باتت متمركزة في جبهات حلب بعد تيقّنها انّ فِرقا نخبويّة في هذه القوّات لعبت دورا هاما خلال عمليّات تحرير تدمر تحت غطاء جوّي روسي مركّز، علّق موقع "واللا" العبري على ظهور مروحيّات "كي ايه 52 " الروسية في السماء السورية- والتي تُستخدم لمساندة القوّات الخاصّة في الجيش الرّوسي- باعتبارها دليلا على تزايد أعداد القوّات البرّية الروسية التي تشارك في القتال بشكل مباشر على الأرض، مرجّحا وصول فِرق اضافية روسية الى جبهات الشمال، من دون استبعاده صدور قرار قريب عن الرئيس بوتين بإعادة مقاتلات استراتيجية "خلال ساعات" الى سورية.
"هي معركة دمشق وطهران وموسكو وحزب الله مجتمعين، فلننتظر ارتدادات قد تكون "مزلزلة" للقرار الأخطر الذي حمله سليماني من موسكو، الى جبهات حلب" – وفق تعليق محلّل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي،، والتي يبدو انها حفّزت بنيامين نتنياهو الى تحديد زيارة سريعة الى موسكو لفكّ شيفرات زيارة غريمه الإيرانيّ، على وقع تقرير للخبير في الشأن السوري بمعهد واشنطن أندرو تابلر، كشف فيه انّ جبهة النّصرة قادمة على معارك طاحنة " من داخلها" على اعتاب العمليّات الأضخم التي ستقودها دمشق وحلفاؤها قريبا بدءا من جسر الشغور،"والتي يبدو انها ستثبّت النّصر الأكيد للأسد".