لم تنتهِ قضية إلغاء حفل التخرّج في كلية الإعلام ب​الجامعة اللبنانية​، التي أثارتها "النشرة" قبل يومين في مقالٍ خاص، فصولاً بعد، بل إنّ تداعياتها تفاعلت أكثر خلال الساعات القليلة الماضية، وخصوصًا في الفرع الثاني الذي اعتصم عددٌ من طلابه، فيما تراجعت هيئته الطلابية عن تصريحاتها السابقة.

وفي هذا السياق، تجمّع عشرات الطلاب صباح اليوم أمام أبواب كلية الإعلام في فرعها الثاني، معلنين رفضهم للفصل بين فرعي الكلية واعطاء كل فرع هوية طائفيّة محددة، ورافضين كل ما جاء في المقال المذكور على لسان رئيسة الهيئة الطلابية ميستيكا خوري.

وبعد أن أصدرت الهيئة الطلابية في الفرع الثاني بياناً أوضحت فيه ما قالته خوري، اعتبرت أن المقال المذكور فيه كلام مجتزأ وتحويرٌ لحديث خوري. لكنّ الهيئة المذكورة غفلت أن المقابلة المذكورة مسجلة ومتوفرة، وقد نُقِل كلامها حرفياً في المقال دون اجتزاء أو تحريف. كما لم تذكر الهيئة أن خوري وافقت على محتوى المقال في الدقائق الأولى لنشره، وموافقتها هذه دليل على ان ما من تحريف أو حتى اجتزاء لحديثها، من دون أن يفهم أحد كيف تحوّل المقال نفسه بعد ذلك إلى فتنوي طائفي "فيه الكثير من الافتراءات والتحريف"؟

وانطلاقا من واجبنا في صحيفة "النشرة" بأن نكون منبر كل من أراد توضيح رأيه، ولو كان مغايراً لرأيٍ سابقٍ له، توجهنا اليوم إلى مكان الاعتصام للإستيضاح ولإعطاء خوري والهيئة الطلابية الحقّ في توضيح رأيٍ كانوا قد أعلنوه واعتبروه "زلّة لسان"، تاركين في النهاية مساحة صغيرة لنا لتوضيح اتهامات نسبت لنا.

زلّة لسان؟!

حمل طلاب من كلية الفرع الثاني في كلية الإعلام لوحات أعلنوا فيها رفضهم تصوير جميع طلاب الفرع الثاني بالطائفيين، مؤكدين أن الفرع الأول والثاني تابعون لنفس الكلية.

وفي هذا السياق، اعتبر أحد الطلاب في حديث لـ"النشرة" "اننا غير مضطرين لتحمل زلّة لسان أي أحد"، لافتاً إلى "اننا أسمينا هذه الوقفة بالاحتجاجية لكي لا يتمّ استغلال فرعنا ووصفه بالطائفي"، مشددا على "اننا لسنا طائفيين". ووافقته الرأي طالبة أخرى، مؤكدة أن "كل انسان مسؤول عن كلامه وعن اختيار كلماته فنحن لسنا طائفيين"، لافتة إلى ان "وقفتنا اليوم هي لابراز صورتنا الحقيقية بأننا نريد العيش المشترك"، ومشددة على "اننا لسنا فرعاً أول وفرعًا ثانيًا، بل نحن كلنا أبناء كلية واحدة".

لبناء مجمعات جامعية

من جهتها، أوضحت مديرة كلية الإعلام-الفرع الثاني الدكتورة ​غلاديس سعادة​ "اننا كليّة واحدة على رأسها عميد واحد وتنتمي لمؤسسة واحدة هي الجامعة اللبنانية"، معاتبة وسائل الإعلام "لأن 6 مؤسسات إعلامية حضرت اليوم إلى الكليّة لتغطية هذا الحدث، في حين لا يعير أحد اهتماماً للكلية عندما تحقق إنجازاً معيّناً".

وعن حفل التخرج، أوضحت سعادة أن "آلية حفل التخرج تعتمدها الجامعة اللبنانية"، مشدّدة على أنه "من حق كل طالب أن يحصل على حفل للتخرج في نهاية عامه الدراسي".

وتعليقاً على تداعيات المقال، رأت سعادة أن "المشكلة في الجامعة اللبنانية تكمن في نقص مساحات التعارف والتلاقي بين الطلاب في فروعهم، فهم مبعثرون ولا تفاعل بينهم"، داعية إلى "بناء مجمعات جامعية تجمع جميع الطلاب في إطار موحد لتفعيل العلاقة بينهم".

الموضوع ليس طائفياً

ولأن الهيئة الطلابية اعتبرت أن بعض ما ورد على لسان خوري كان "خارجاً عن السياق الحقيقي للكلام"، قابلنا خوري للاطّلاع على ما اعتبرته تحريفاً لكلامها.

وأشارت خوري في حديثها لـ"النشرة" إلى أن "سياق حديثها في المقال أتى بشكل مختلف"، وتابعت: "عندما أقول لا يجمعني مع الفرع الأول شيء لا أقصد بذلك أي معنى طائفي"، علماً أنه لم يرد أي بعد طائفي لكلام خوري في المقال الأول.

وأضافت خوري: "لا اعرف طلاب الفرع الأول ونحن لا نجتمع معاً ولا نشاطات تجمعنا سوية، ومن هذا المنطلق قلت أن لا شيء يجمعنا وحديثي عن اللباس كان مثلاً أعطيته خلال المقابلة"، وختمت قائلة: "الموضوع ليس طائفياً ولم أقصد أن أقول أنهم في الفرع الأول لا يشبهونني، وآسف لأخذ الموضوع من منطلق طائفي من قبل البعض".

التسجيلات الموثّقة

ومن منطلق حق الرد على كل الاتهامات التي وُجِّهت لنا، إن كان في بيان الهيئة الطلابية أو في تصاريح خوري، نؤكد أولاً أن اتهامنا بالأهداف الفتنوية والطائفية هو أبعد ما يكون عن المنطق. فكل ما كتب كان نقلاً عن مقابلتين أجريتا مع خوري ومع رئيس مجلس طلاب الفرع الأول محمد أيوب، وتسجيلات هذه المقابلات موجودة وقد اطّلع عليها المعنيون في إدارة الكلية.

ثانيا، بما يخص تعبير الهيئة بأن "الكاتب عَمد على التركيز على جملة "ما بيجمعني شي بطلاب الفرع الأول" التي قالتها رئيسة الهيئة الطالبية في كلية الإعلام الفرع الثاني مستيكا الخوري وكرّرتها اكثر من مرّة بهدف واضح تماماً وهو وضع المسؤولية على طلاب الفرع الثاني بإفشال حفل التخرّج"، فنوضح بأن هذا التكرار كان نتيجة ترداد خوري لهذه العبارة أكثر من 5 مرات في المقابلة التي اجريت معها، وبالتالي فإنّ كاتب المقال لم يكررها لـ"هدف واضح" كما جاء في بيانهم، ولو كان من أهداف مخفيّة من كتابة المقال، لكان فيه مساحة خصصت لرأي الكاتب فيه، بدل أن يكتفي بنقل وجهات النظر المختلفة كما هي.

ثالثاً، إن أي اتهام لنا بأن مقابلة خوري محرّفة مردودٌ، فالحوار معها كله موجود بصوتها. إضافة لذلك، فإنها كانت قد وافقت على كل ما كتب في المقال وكل ما جاء على لسانها قبيل نشر المقال، والوثائق والمحادثات التي تؤكد ذلك متوفرة.

رابعاً، إن الهدف الأكيد من المقال، ليس كما حلّل واستنبط كاتبو بيان الهيئة، بل هدفه المطالبة بحقوق طلاب تخرجوا منذ العام 2012 ولم يحصلوا حتى اليوم على حقهم في حفل تخرج.

إذا، وبعد كل ما ذكر، نؤكد أن المقابلة التي أجريت مع خوري في المقال الأول صحيحة وغير محرّفة أو مجتزأة، وإن كان ما قالته هو "زلّة لسان" كما اعتبر أحد المعنيين، فلا علاقة لنا بتحليل نوايا البعض المضمرة، خصوصاً من هم في مركز مسؤول، وعلى كل شخص تحمل كل ما ينطقه لسانه. كما نستنكر البعد الطائفي والفتنوي الذي أشيع حيال المقال، علما أنه لم يحتوِ على نعرات طائفية من قريبٍ أو من بعيد.

تصوير يورغو رحال