في اجتماع عقد اخيراً لكوادر "حزب الله" برئاسة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، سأل احد هذه الكوادر، لماذا نتنازل في عدد من البلدات والقرى في الانتخابات البلدية القادمة لحركة أمل، في الوقت الذي تثبت الأرقام ان حضورهم معدوم في هذه المناطق؟
فكان الجواب، وبحسب مصادر حزبية مطلعة، أنّه "إذا كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يريد جميع البلديات، واذا كان يرغب في ان يكون جميع اعضاء كتلة "الوفاء للمقاومة" معه، فلا مانع في ذلك".
وبحسب أوساط سياسية، فإنّ موقف الحزب هذا يعكس حرصه على تماسك الكتلة الشيعية لحماية المقاومة، ولتعزيز قدرتها ومكانتها، فلا تكون الحسابات الداخلية الضيقة سببًا لضعفها.
ولكنّ السؤال المطروح، هل ينطبق هذا الامر على تفاهم "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" في الانتخابات البلدية المقبلة للحفاظ على وحدة المسيحيين السياسية؟
يبدو وفق المعطيات المتوفرة لبعض المتابعين لهذه الانتخابات انّ اتفاقًا ضمنيًا حصل بين "القوات" و"التيار" على ان يكون للحزب الاقوى رئاسة البلدية ضمن لائحة واحدة في المناطق التي يصعب فيها التوافق، بحيث يترشح قواتي على سبيل المثال لرئاسة البلدية في إحدى البلدات الشمالية المسيحية نظراً لثقل "القوات" فيها، بينما يترك "التيار" الحرية لناخبيه في التصويت له، والعكس صحيح في المناطق المحسوبة على "الوطني الحر".
وفي هذا السياق، يقول أحد نواب قضاء بعبدا في "التيار الوطني الحر" أنّ الاتفاق مع "القوات اللبنانية" ترجِم في كثير من المناطق تعاوناً وتحالفاً، ولكنّه لم ينسحب على كلّ البلد، وذلك بسبب خصوصيات البلديات العائلية والمحلية، حيث تجد الأحزاب صعوبة بتوحيد موقف محازبيها وقواعدها الشعبية على لائحة واحدة"، ويرى ان "معركة الحدث كانت استثاء للتفاهم لان القوات والتيار في مواجهة مباشرة"، مشيرا الى ان اللائحة التي يدعمها "التيار" حظوظها بالفوز مرتفعة.
ويعتبر نائب آخر من نفس التيار ان "الالتزام من قبل التيار بتضامن شباب الحدث اصبح واضحا وصريحا، ونحن لا نحارب اشخاصا بل نقف في وجه نهج كان سائدا قبل العام العام 2010 وضرب الحدث وأملاكها".
وترى مصادر متابعة لمعركة الحدث ان موقف "التيار الوطني الحر" جعل رئيس البلدية الحالي جورج عون الذي يتزعم لائحة مدعومة من النواب العونيين في القضاء يرتاح الى مجريات المعركة.
وفي حين لم يصدر حتى الساعة اي موقف رسمي من "القوات"، تؤكد مصادر قواتية ان "القوات" لن تدخل في معركة مع التيار او اي قوة اخرى، وهي تركت الحرية لمحازبيها، لان هناك تفاهما مع "التيار".
وتؤكد مصادر كتائبية أنّ "الكتائب" تؤيد لائحة المرشح أنطوان كرم لان "رئيس البلدية الحالي يخوض الانتخابات تحت شعار سياسي وشكل لائحة مقفلة، وطلب من الجميع تأييدها، وعائلة كرم هي عائلة حليفة لحزب الكتائب تاريخيا".
ويؤكد انصار كرم الاستمرار في المعركة ولائحتهم تضم قواتيين وعونيين، معتبرين ان هذه اللائحة تمثل معظم عائلات الحدث، وانه بالرغم من تأييد "التيار الوطني الحر" للائحة المنافسة، فان ثقل العائلات الكبرى وأهالي البلدة يشكلون دعماً قوياً الى جانبنا.
وتشير المعلومات المتوفرة إلى أنّ المواجهة في الحدث تبدلت عما كانت عليها في العام 2010، حيث كانت المعركة شرسة بين "القوات" و"التيار"، ولكنّها تحولت في العام 2016 الى انتخابات هادئة، وان المنافسة على البلديات والانتخابات الطالبية والنقابية بين هاتين القوتين لإثبات من يمثل مسيحيا اكثر، خفت حدتها لدرجة أنّها لم تعد موجودة في ظل اتفاق معراب الاخير، وهذا هو السبب الذي جعل من الانتخابات البلدية في قضاء بعبدا معارك ذات طابع عائلي غابت عنها السياسة.
وترى مصادر سياسية متابعة لمعركة بلدية الحدث انه في العام 2010، كانت "القوات" ضد رئيس البلدية الحالي وتمكنت من الفوز، وان حظوظها اليوم تضاعفت مع ترك الحرية لمحازبيها.
وفي الوقت الذي حسم فيه الثنائي الشيعي معركة الانتخابات البلدية في مناطقه على أساس التفاهم شبه الكامل، وتوجه "القوات" و"التيار الوطني الحر" الى عدم خوض مواجهة في مناطقهم، يبقى جهد "تيار المستقبل" لإتمام "عملية تعليب" الاستحقاق البلدي في المناطق السنية غير مكتمل، لتطمئن القوى السياسية التقليدية بان رياح التغيير التي تجسدها لائحة "بيروت مدينتي"لا تشكل خطرا، ولكن الأرقام التي ستحصدها هذه اللائحة غير "المعلبة"، ستكون المعيار الذي يمكن التأسيس عليه في اي انتخابات مقبلة، سواء كانت نيابية او بلدية، من اجل انطلاقة عملية التغيير الحقيقية في النظام السياسي اللبناني الحالي.