لمعركة البلديات في قضاء عاليه، في الدورة الحالية، طعم خاص، يغلب عليها طابع العائلات، الأمر الذي أحدث حالة إرباك كبيرة لدى أغلب الأحزاب السياسية الفاعلة في المنطقة، نتيجة الصراع الداخلي في بعض البلدات، بالإضافة إلى فشل التوافق في أماكن أخرى، لكن ذلك لا يمنع وجود معارك حزبية لافتة.
من حيث المبدأ، الأزمة الكبرى في هذا القضاء ستكون لدى الحزب "التقدمي الإشتراكي"، بعد أن كان رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط قد أعطى توجيهات واضحة بالإبتعاد عن الصراع الحزبي، إلا أن هذا العنوان فجر الخلافات داخل البيت الحزبي الواحد.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة لسير العملية الإنتخابية، عبر "النشرة"، إلى أن "الإشتراكي" غير قادر على الحسم في بلدات عدة، في حين هو لجأ إلى حل فرع الحزب في بلدة بيصور، التي ينتمي إليها النائب غازي العريضي، نتيجة الخلافات بين أعضائه على التوجه الإنتخابي فيها، أما في بلدة مجدلبعنا فإن التوافق تم على توزيع الحصص، بحيث يكون 6 أعضاء من "الإشتراكي" مقابل 6 من الحزب "الديمقراطي اللبناني" و"الحزب السوري القومي الإجتماعي"، لكن الخلاف لا يزال قائماً على هوية رئيس البلدية، الذي من المفترض أن يكون من حصة "الإشتراكي".
وتلفت هذه المصادر إلى أنه في أغلب البلدات التي لدى "الإشتراكي" الحضور الأكبر فيها هناك لائحتان، يغلب عليها الطابع العائلي العام، ما يدفع الأحزاب الأخرى إلى التريث في حسم موقفها، كي لا تحسب على فريق دون الآخر، بانتظار معرفة التوجه النهائي، وهو ما تؤكد عليه مصادر مطلعة في "القومي" لـ"النشرة".
في كفرمتى أيضاً يأخذ الصراع الطابع الحزبي الداخلي في "الإشتراكي"، بين لائحتين الأولى برئاسة اجود خداج والثانية برئاسة نذير خداج، وتشير المعلومات إلى أن إمكانية التوافق لا تزال قائمة بالرغم من حدة المنافسة.
بالإضافة إلى ذلك، يخوض "الإشتراكي" معارك غير واضحة المعالم في أماكن أخرى، أبرزها في عرمون والشويفات وعيتات وشارون، يتداخل فيها الطابع الحزبي نوعاً ما، ففي الأولى هناك صراع بين لائحتين واحدة برئاسة فضيل الجوهري، المحسوب على "الديمقراطي"، أما الثانية فهي برئاسة أحد أبناء عائلة وسيم يحيى، محسوب على "الديمقراطي" أيضاً ومدعوم من "الإشتراكي"، إلا أن المعلومات ترجح أن يكون الجوهري هو الأفر حظاً.
في الشويفات، مساعي التوافق فشلت بالتوصل إلى لائحة مشتركة، الأمر الذي يؤشر إلى وجود معركة بالمدينة لم تتضح معالمها بعد، لكن "الديمقراطي" يُصر على أن لائحته تقوم على أساس الإحتكام إلى رأي العائلات، في وقت يلعب المجتمع المدني دوراً بارزاً، مستفيداً من عناوين عديدة، أبرزها عامل الفساد في البلديات السابقة بالإضافة إلى مطمر الكوستابرافا، أما "القومي" فهو يتحدث عن أنه سيكون من ضمن خيارات المواطنين، في وقت لا يزال "الإشتراكي" يعمل على تشكيل لائحته الخاصة.
في عيتات، هناك معركة بين لائحتين غير واضحة المعالم بشكل حاسم، حيث يختلط فيها العامل الحزبي بالعائلي، لكن الأكيد أن هناك معركة قوية فيها، قد تكون على صورة الإنقسام السياسي التقليدي، بين "الإشتراكي" و"الديمقراطي".
في شارون أيضاً هناك لائحتان، الأولى مدعومة من "الديمقراطي" برئاسة شاب ثلاثيني تضمن التوزيع العائلي المتوازن وتضم كفاءات، أما الثانية فهي مدعومة من "الإشتراكي"، وتشير المعلومات إلى أنها حتى الساعة لا تملك الأرضية المناسبة لخوض معركة كبيرة.
في هذا السياق، يوضح مسؤول الملف الإنتخابي في "الديمقراطي" لواء جابر، في حديث لـ"النشرة"، أنه منذ البداية كانت هناك توجيهات واضحة من رئيس الحزب النائب طلال أرسلان بإفساح المجال أمام العائلات، "بحيث يكون دورنا توفيقياً بين المواطنين من دون فرض مرشحين حزبيين، مع الحفاظ على الأعراف المعتمدة في القرى والبلدات".
ويشير جابر إلى وجود معارك في أغلب البلدات، لكن لكل واحدة منها طابعها الخاص مع تفوق العائلية، ويلفت إلى التنسيق مع "الإشتراكي" من خلال لجنة مشتركة تضم إلى جانبه هادي أبو الحسن، لكنه يضيف: "في بعض الأحيان الناس سبقتنا وأصبحت المعركة بين الأجباب".
من جانبها، تشير مصادر مقربة من "الحزب التقدمي الإشتراكي"، عبر "النشرة"، إلى أن المعركة ليست حزبية بالدرجة الأولى في معظم قرى وبلدات القضاء، وتلفت إلى أنها في الأغلب باتت معركة عائلات وأجباب ضمن الفريق الواحد، وتؤكد بأن إمكانية التوصل إلى توافق في الأماكن "الحامية" لا تزال قائمة.
وتشدد هذه المصادر على أن هناك شبه توافق بين القوى الأساسية في المنطقة على حصول الإنتخابات بجو ديمقراطي وضمن سقف التوافق، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على الإستقرار على أن يكون يوم الاثنين يوماً جديداً.
ورداً على سؤال حول التعاون مع الأحزاب المسيحية في القضاء، تشير المصادر نفسها إلى أن هناك توافقاً وتعاوناً والأمور على أحسن ما يرام، خصوصاً أن النائب جنبلاط أعطى توجيهات واضحة في هذا الموضوع، وتضيف: "في مطلق الأحوال الإنتخابات تأخذ الطابع العائلي أكثر".
بدوره، يؤكد مسؤول الاعلام في منسقية "القوات اللبنانية" في عاليه روبير بيطار، في حديث لـ"النشرة"، أن الحزب لعب دوراً توافقياً بين كل الشرائح المتواجدة في الجبل التي يتواجد فيها، خصوصاً مع "الإشتراكي" والتيار "الوطني الحر"، ويؤكد أنه في الأماكن التي لم يحصل فيها توافق كان الأساس دخول العامل العائلي على الملف بقوة.
ويشير بيطار إلى أنه في البلدات المسيحية ليس هناك أي نوع من أنواع المشاكل، حيث طغى الجو التوافقي وفي البلدات التي لم يحصل فيها توافق تركت إلى العائلات، ويشدد على أن التنسيق مع "الوطني الحر" كان قائماً في الكثير من البلدات.
ويوضح بيطار أن في الكحالة لم يحصل توافق بسبب الطابع العائلي، ويلفت إلى أن "الوطني الحر" ليس لديه لائحة واحدة فيها أيضاً، والواقع نفسه ينطبق على بحمدون المحطة التي تتنافس فيها لائحتان من العائلات، ويشدد على أن "القوات" لم تتدخل فيها.
في المحصلة، طغت العائلات على الإنتخابات البلدية في قضاء عاليه، الأمر الذي دفع بالأحزاب إلى الإبتعاد عن واقعها قدر المستطاع، لكن هذا الأمر لا يعني عدم ترك التداعيات على أوضاعها الداخلية.