لم تنجح كل محاولات رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل ابراهيم بالإسراع في إنهاء ملف موقوفي عبرا الثاني، المنفصل عن ملف الإرهابي أحمد الأسير. ففي كل مرة يقترب الملف من خواتيمه، تولد عقبة جديدة أمام سير المرافعات، فتؤجل إلى موعد لاحق.
وبعد أن كان مقرراً الانتهاء من المرافعات منذ أكثر من شهر، أجلت المرافعات إلى جلسة اليوم، حيث ترافع المحامون عن ثمانية موقوفين، قبل أن يحدد موعد 24 أيار لجلسة المرافعات، التي من المفترض أن تكون الأخيرة، بعدما تبقى 11 متهماً فقط لم يترافعوا أمام المحكمة.
وخصصت أغلبية جلسة اليوم لمرافعات المتهمين المخلى سبيلهم، وكانت بحضور جميع المتهمين وأبرزهم الارهابي نعيم عباس الذي حضر كعادته بلباسه المخصص لسجن الريحانية، ومحاطاً بعدد من العسكريين.
استهل العميد ابراهيم الجلسة بمناداة المحامين والمتهمين، وبعد أن تبين له غياب عدد من الموكلين، أعرب عن استيائه من هذا الغياب الذي تكرر في العديد من الجلسات، وقال: "نضحي دائماً من أجل انهاء هذا الملف ونعطي من وقتنا ونلغي مواعيدنا وفي المقابل يتغيب المحامون، لقد قمنا بكل ما يمكننا فعله الا انكم غير مهتمين".
وبعد محاولة المحامين اقناع ابراهيم بمتابعة المرافعات وعدم تأجيلها، وبعد قدوم عدد من المحامين الغائبين، قرر رئيس المحكمة العسكرية استكمال المرافعات.
أنا ابن الدولة!
المرافعة الأولى كانت للمتهم زياد ابراهيم البابا، الذي أوضح في بداية مرافعته أنّه موظف في الدولة منذ 25 سنة والسجل العدلي الخاص به نظيف ولم ينتسب في حياته إلى أي مجموعة أو تنظيم، لافتاً إلى أنه في التحقيقات الأولية قيل له أنه يجب الاعتراف بأمور كي يخرج من السجن، وأضاف: "يعز عليّ انني ابن الدولة فيتم اتهامي بمقاتلة جيشنا الوطني".
فتسلم المحامي الكلام، حيث أوضح "اننا طلبنا من المحكمة الحصول على التحقيقات الأولية ولم يصلنا جواب"، فقاطعه ابراهيم قائلاً: "هيئة المحكمة وفّرت التحقيقات لكلّ المحامين، واذا كنت لم تحصل عليها فحقك أن تأخذها لكن يجب تأجيل هذه المرافعة لكي تحصل عليها دون ان تتهمنا بأننا لم نسلمك التحقيقات"، فتراجع المحامي عن طلبه لعدم تأجيل المرافعة.
وتابع المحامي مرافعته مؤكداً أن موكّله لم يكن موجوداً في مكان أحداث عبرا وهو ابن المؤسسات الرسمية، لافتاً إلى أن "هناك تقارير طبية تفيد بأنه غير قادر على ممارسة أي نشاطات خشنة"، ومشيراً إلى أن "المتهم صلاح العقاد قد ذكر اسم البابا ومن ثم تراجع عن أقواله وبالتالي يجب اهمال التحقيقات الأولية". ولما كرر المحامي طلبه بإبطال التحقيقات الأولية أكثر من مرة، قاطعه ممثل النيابة العامة القاضي هاني الحجار قائلاً "لقد كررت طلبك بإبطال التحقيقات الأولية أكثر من أربع مرات وهذه مضيعة للوقت"، فتوجه ابراهيم للمحامي بالقول "انتم تضيّعون من وقتكم في المرافعات"، فتابع المحامي مرافعته، قبل أن يختم مطالباً بالبراءة لموكله.
لا نريد أن ننهي مستقبله!
ثاني المرافعات كانت للمتهم حسن معنية، الذي أوضحت موكلته أنه "طالب جامعي من عائلة صيداوية مكافحة ولا يجب أن ننهي مستقبله بأي تهمة"، لافتة إلى أنه "أثناء أحداث عبرا كان مارّاً في المنطقة لأنه كان متوجهاً إلى منزل جدته وعند اندلاع الاشتباكات اختبأ في مداخل أحد المباني وعلاقته مع أحمد الأسير منحصرة على الشؤون الدينية فقط". وطالبت بـ"كف التعقبات بكل المواد الجرمية المتهم بها لعدم توافر عناصرها".
ومن ثم جاء الدور على المتهم عاصم العفي، الذي حضر إلى المحاكمة برداء اسلامي. وأوضحت موكلته أنه "حائز على شهادة بالشريعة من دار الفتوى وتوظف لدى الأسير لأنه لم يكن هناك أماكن شاغرة لدى دار الفتوى"، لافتة إلى أنه "عمل لدى المكتب الاعلامي للأسير مقابل راتب شهري ولم يكن في أي يوم من الأيام منتسباً لمجموعات الأسير الدعوية أو العسكرية". وطالبت بـ "كف التعقبات بحقه من كل المواد الجرمية".
ورابع وخامس المرافعات كانت لكل من خالد حمود وحسن أبو طبلة، إذ طالب موكلهما بابطال التحقيقات الأولية بحقهما، وكف التعقبات بالمواد الجرمية المنسوبة اليهما "ومنحهما كل الأسباب التخفيفية والاكتفاء بمدة توقيفهما اذا ثبت عليهما جرم المادة 335".
أميري ياسر عرفات!
المرافعة السادسة كانت للمتهم محمد عبد الجبار حسن، الذي بني اتهامه على رسالة نصية كان ارسلها لأحد أفراد مجموعات الأسير والذي وصفه فيها بـ"الأمير". فقال حسن أن "أي شخص يصلي في المسجد نمازحه بوصفه بالأمير لكن لا يوجد أمير لي سوى القائد ياسر عرفات". ومن ثم لفت موكله إلى أن "الحاجة المادية والاجتماعية لمحمد جعلته يشارك في مظاهرات الأسير وفي الحملات الدعوية لتأمين المساعدة الطبية لشقيقه"، مؤكداً أنه "لم يطلق النار بوجه الجيش اللبناني ابداً".
واعرب المحامي عن استغرابه لالحاق التهم لحسن بجرم المواد 5 و 6 ارهاب لعدم توافر عناصرها، مطالباً بـ"إبطال التحقيقات الأولية للمتهم واعتماد افادته فقط أمام قاضي التحقيق العسكري وأمام المحكمة العسكرية الدائمة وكف التعقبات بحقه بالمواد الجرمية".
وآخر المرافعات كانت للمتهمين محمد الشوري وفادي محمد ابو ضهر، إذ أكد موكلاهما أنهما لم يشاركا في الاشتباكات مع الجيش اللبناني في عبرا، مطالبين بكف التعقبات بحقهما واعلان براءتهما.
وبعد ذلك رفع العميد خليل ابراهيم جلسة اليوم، ليتبقى 11 مرافعة. وتم تحديد تاريخ 24 أيار موعداً لهذه المرافعات. ومن المنتظر أن تكون الجلسة الأخيرة قبل إصدار الحكم، إلا اذا تغيب المحامون عن الجلسة ما سيؤدي إلى تأجيلها وتأخير انهاء الملف.