مع انتهاء معركة بيروت البلدية، التي تركت تداعيات سلبية على العلاقات بين تيار "المستقبل" وحلفائه في "14 اذار"، يتم التداول في وسائل الاعلام حول رد مرتقب لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري، على نتائج هذه الانتخابات، او اغفال هذه الظاهرة على اعتبارها في إطار التكتيك بين "القوات اللبنانية" وبالتحديد بين رئيسها سمير جعجع والحريري، على خلفية تبني هذا الاخير ترشيح النائب سليمان فرنجية، دون التشاور مع جعجع.
وترى مصادر نيابية ان نَعْي رئيس المجلس النيابي نبيه برى لما يسمى قوى 8 و14 اذار، اصبح أمرا واقعا، وتجلّى اكثر فأكثر في نتائج المرحلة الاولى من الانتخابات البلدية، خصوصًا وان وضع رئيس تيار المستقبل السياسي والمالي لم يسمح له بتركيب لائحة وفرضها على جميع الأطراف، كما كان يفعل والده.
وتعتقد هذه المصادر انه اضافة الى ذلك، فإنّ تحالفه مع القوى المسيحية وفي مقدمتها التيار "الوطني الحر"، لم ينل موافقة انصار القوّتين، كما أن قبوله بضم التيار الى اللائحة كان في إطار التمنّي إن لم يكن شرط القوات للدخول في لائحة "البيارتة".
ورأت المصادر ان أداء بلدية بيروت مع القوى المسيحية، ان كان من ناحية التوظيف او في مجال المشاريع الانمائية، لم يحظَ برضى النواب والأحزاب المتعاطفة، او المنضوية في قوى 14 اذار.
يُضاف الى ذلك ان عزوف "حزب الله" عن الترشح في الانتخابات البلدية في بيروت، أفقَدَ الحريري سلاحا قويا يمكن استعماله في الحملة الانتخابية للائحة "البيارتة"، مع العلم أن أنصار هذا الحزب لم يصوتوا للائحة المضادة، بل على العكس فقد صوت بعض هؤلاء الى جانب الحريري.
ولفتت المصادر الى ان رد رئيس تيّار "المستقبل"، اذا كان هناك من ردّ، سيكون مشروطًا بعوامل عدّة من بينها بداية، ان عليه الاثبات للجميع بمن فيهم أنصاره، انه لا يزال الزعيم السنّي الوحيد المدعوم من الرياض، وان كل ما يتردد ليس له اي خلفيّة، ولو انّه فعل ذلك قبل الانتخابات، لكانت الصورة على غير ما هي الان.
وتتابع المصادر ان الخطوة الثانية تتعلق بوضعه المالي، خاصة وان عددًا من ناخبي المستقبل في عرمون على سبيل المثال لم ينزلوا الى بيروت للاقتراع، لان ماكينة الحريري لم تؤمن لهم وسائل النقل كما كانت الحال في كل استحقاق انتخابي.
وتتابع المصادر، بأن ما نشر في بعض وسائل الاعلام عن تهديد الحريري باعتزاله العمل السياسي اذا اخترقت لائحة "البيارتة"، دليل واضح اذا ثبت صحة هذا الكلام، ان الرجل لم يعد واثقا من الدعم السعودي المطلق الذي كان وراء انطلاقة والده في العمل السياسي، لان خسارة معركة بلديّة، وهذا لم يحصل، لا تستلزم مثل هذا الكلام.
وتؤكد المصادر ان الحريري وحده يمكن ان يجيب عن هذه الاسئلة وعلى أساسها يحضر الرد الذي يختاره على خذلان الحلفاء له.
وتساءلت المصادر عمّا اذا كانت الرياض في اجواء حليفها سمير جعجع، الذي على ما يبدو ساعد في إضعاف الحريري في انتخابات بلدية بيروت، رغم النفي الذي صدر عن عدد من المسؤلين القواتيين.
وتتابع المصادر، انه اذا استطاع رئيس تيّار "المستقبل" توضيح نقاط ضعفه، او أقله تأكيد علاقاته المتينة مع كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية، وحلّ مشاكله الماليّة الصعبة، وفي حال لم يتم التفاهم مع حلفائه المسيحيين، وخاصة القوات اللبنانية، فان مجالات الرد على هؤلاء ستكون كثيرة، ولن تكون في مصلحة الذين "لم يلتزموا لائحته"، سواء على صعيد الانتخابات الرئاسية، او بالنسبة لقانون الانتخاب، او في اي انتخابات نيابيّة مقبلة اذا حصلت، وان عدم قطع شعرة معاوية مع "حزب الله"، كما يوحي بذلك استمرار الحوار بين الاثنين، سيكون عاملا اضافيا بان يكون الرد مؤلمًا وفي محلّه.