"الطيور على أشكالها تقع". قد ينطبق هذا المثل الشائع على الفتيات الرياضيات اللواتي يشترطن أن يكون شريك حياتهن أو صديقهن، رياضياً. لكن هذا الشرط، لا يختصر حياة فتيات قررن أن يماثلن الشبان بالقوة والشكل. فتتسع العملية من رغبة بارتياد النادي الرياضي، الى ان تتحول الفتاة الجميلة الى فتاة صلبة، تتسم بالقوة، وتفخر بأنها "قادرة على حماية ساحتها".
يوماً بعد يوم، يصبح ارتياد النادي الرياضي نمط حياة بالنسبة لهن. تتطور العملية من مجرد ارتياده لغرض الرشاقة والتنحيف، حتى تصل الى الالتزام الكامل بالنادي. وتصبح العلاقات الاجتماعية محصورة فيه... أما خارج النادي، فينطبق على ما داخله. ولعل تجربة الصبيّة الرياضية سيلفانا حرز خير دليل، حين أصرت على توجيه لكمات لشاب عاكسها في المطعم.
تروي سيلفانا حادثة واجهتها. تقول: "كنت في سهرة مع أصدقائي، وكان هناك شاب يعاكسني طوال السهرة، إذ كان يحاول الرقص معي كلما هممت الى الرقص. ثم ارسل لي صديق له واعطاني ورقة مكتوب عليها رقم هاتف الشاب واسمه، لكنني امتنعت عن اخذ الورقة. حينها، ضرب على الطاولة بقوة وقال انني سأندم".
وتضيف: "عندما خرجنا من السهرة تفاجأت بان الشاب كان ينتظرني في سيارته ويراقبني، فعندما رآني قام وأمسكني من شعري وقال انه لا يمكن لامرأة ان ترفض الحديث معه، وسوف يكون كابوساً في حياتي ان لم اقبل به، فضربته بيدي ومن ثم بالحذاء حتى اصبح مهزلة امام الجميع، وانهمر الدم من عينه".
وتضيف: "كنت خائفة، لكنني اثق بقوتي، وكنت سريعة التحرك في توجيه اللكمات له، لذلك اشعر ان من حق المرأة ان تمتلك جسداً قوياً، والقوة ليست للرجل فقط، خاصة في مجتمعاتنا اذ لا تملك المراة من يحميها سوى نفسها".
التدريب لإرضاء الذات
الواضح ان الراغبات بالتدريب الرياضي لا يبالين بالعلاقات الاجتماعية. سيلفانا حرز التي تقضي ما يصل الى ساعتين بالتمرّن يوميا، تقول أن ليس لديها الكثير من الوقت للعلاقات الاجتماعية، مؤكدة انها تفعل ذلك لإرضاء نفسها وليس الغير، "لان الجسم السليم يمنع الكسل ويؤثر ايجابا على حياتي المهنية والنفسية، واذا كان يلفت نظر الرجال فهذا شيء جيد الا ان الهدف من وراء التمرين ليس جذب الرجال".
نظرتها للرجل، تقتصر على الانجذاب الى الشخص الضخم "الذي يتكون من العضلات الكبيرة، لانني ارى في صاحب هذا الجسد قوة وحماية وهمّة". وتضيف: "أهتم بالرجال لاعبي كمال الاجسام واحاول في تمريني ان اكون اكبر حجما لان الرجل الرياضي لا ينجذب للمرأة ذات الحجم الصغير. لذلك، أحب أن أملك العضلات، وهذا ما يجعلني أشعر بالقوة، واريد من شريك حياتي ان يكافئني من خلال اهتمامه بجسده الرياضي".
الانجذاب للشاب الرياضي
على غرار سيلفانا، تشترط أماني فواز (26 عاما) صفقة الرشاقة عند اختيار شريك حياتها، والتي تعتبرها شرطا من شروط الزواج من اي رجل، ذلك انها لا تنجذب الى الرجل ان لم يكن ذات بنية جسدية قوية، معللة ذلك بأنّ "العين دائماً تحبذ النظر إلى الشيء الجميل".
تعمل اماني كمدربة في احد اهم النوادي الرياضية في بيروت، وتتمرن منذ حوالي 5 سنوات بشكل متواصل. تقول: "امارس التمارين الرياضية 6 ايام في الاسبوع وبمعدل ساعة يوميا، وبعكس ما يعتقد الكثيرون فان رياضة كمال الاجسام ليست خشنة، فهي تختلف بين الرجل والمرأة، لكل منهما تمرين خاص واوزان محددة، وانا املك جسماً جميلاً "غير مسترجل"، فكيف لي ان انجذب الى شاب لا يملك صفات الشباب الرشيقين الذين اراهم في النوادي؟"
انعكس ذلك على نظرتها للشبان. وتوضح: "اكره الشاب غير المبالي بمظهره، لا بل اريد ان اكتسب المزيد من الخبرة الرياضية والتشجيع من الشخص الذي سأتزوح منه".
وتؤكد أماني أن الرياضة لا تشكّل لها عوائق اجتماعية تُذكَر، "لان جميع ا لاصدقاء والاقارب باتوا يعرفون ان التمرين شيء مقدس لدي"، وهو يكسبها ثقة فائقة بالنفس، عدا عن انه محط اعجاب للرجل وهذا شيء مهم جدا.
اختصار الحياة الاجتماعية
التدريب الرياضي لا يختزل بالقوة. كما ان انعكاساته، تطال العلاقات الاجتماعية. تقول ملك سبلاني: "اجتماعيا، يؤثر الانغماس في ممارسة الرياضة سلباً على حياتي الاجتماعية إذ أصبحت العلاقات شبه غائبة فلا املك اصدقاء باستثناء الذين هم في النادي، نتبادل الافكار التي تتعلق بالصحة وبالتمارين الجديدة وكل منا يبدي رأيه".
ولا تبدو ملك نادمة على ذلك. تضيف: "اشعر بالارتياح مع اصدقاء النادي لاننا في حال قمنا بالذهاب الى مقهى او مطعم، نتشارك الذوق والرأي نفسه، عدا ان معظم الاوقات نكون في اماكن نمارس فيها النشاطات. لا نختلط باشخاص مملين، ولا نفرح بالجلوس طويلا لمشاهدة فيلم سينمائي".
هذا النمط من الحياة، بات جزءاً من السلوكيات اليومية. تقول سبلاني: "لا نحتاج الى احصائيات لإثبات ان الرجل ذات العضلات المفتولة يعجب جميع النساء. بالفطرة نشعر بالانجذاب لهم. وبالنسبة لي فهذا امر فائق الاهمية. لا استطيع اعطاء اي رجل فرصة التكلم معي ان لم يكن يملك الحد الادنى من القوة البدنية، لانني ارى في جسد الرجل جسر العبور الى قلبي". وتضيف: "اتمرن يوميا منذ 8 سنوات، فلا يمكن ان اتزوج من رجل ضعيف بدنيا، هذا شيء بشع للغاية، لذلك ابحث عن رجل قوي ويهتم بصحته من حيث النظام الغذائي والتمرين الجيد على حد سواء.
هنّ فتياتٌ شأنهنّ شأن سائر الفتيات، إلا أنّ اندفاعهنّ للرياضة يجعل منهنّ حالة خاصة وفريدة، حالة قد يعتبرها البعض مبالَغًا بها، ولكنّها في الواقع تعبّر عن نمط حياة اخترنه لأنفسهنّ، بعيدًا عن صورة نمطية تحاول حصر المرأة في صورةٍ ناعمة تقيّدها في أغلب الأحيان...